19 ديسمبر، 2024 6:26 ص

المؤسسة الدينية وعقدة الفشل

المؤسسة الدينية وعقدة الفشل

المجتمع الانساني ومنذ اقدم العصور كان ولا زال تقوده في كل زمن من الازمة مؤسسة معينة قد لا تسمى باسم مؤسسة او قد لا يصرح باسمها ولكنها في الحقيقة موجودة وهي التي تتولى ادارة الامور وهي البارزة في ذلك الوقت فمثلا كان المجتمع العربي في الجزيرة العربية قبل الاسلام  تقوده مؤسسة القبيلة والولاء للعشيرة والاهل وهي التي كانت سائدة آنذاك ثم تطورت الامور ببزوغ فجر الاسلام  لتحل محلها المؤسسة الالهية المتمثلة بالنبي الاكرم (ص)  ثم لتأتي بعدها مؤسسة العصمة والمتمثلة ببيت اهل النبوة من الائمة المعصومين واستمرت تلك المؤسسة والى يومنا هذا ولكن بأطوار متعددة كانت نهايتها المؤسسة الدينية المتمثلة بالحوزة العلمية في النجف الاشرف وهي مع شديدة الاسف من اصعب المراحل التي مرت بها الامة الاسلامية وأخطرها خصوصا على على المذهب الشيعي  والذي يعتقد بأحقية تلك المؤسسة في القيادة وادارة شؤون البلاد والعباد ولكن الذي يدمي القلب ويحرق الفؤاد فشل تلك المؤسسة في ادارة الفترة المناطة بها وقد يكون كلامي هذا مرفوضا جملة وتفصيلا ولكنني استطيع ان ابرهن على صحته بعدة نقاط ولن اذهب بعيدا حيث سأجعل الامثلة من الواقع المعاش :
1. منذ عشرات السنين بل ومنذ مئات السنين تخرج الالاف من  طلبة العلوم الدينية في النجف الاشرف وتولى زمام ادارة الحوزة العشرات من المجتهدين وكنتيجة طبيعية ان تكون الشخصيات البارزة في الفترة الطويلة كثيرة جدا واخص بذلك الشخصيات الحركية التي تميل الى الاسلام الحركي الفعال في المجتمع ولكن مع الاسف لا نجد العدد يتجاوز اصابع اليد وقد يكون محصورا في محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر .
2. المناهج التدريسية التي تدرس في المؤسسة الدينية وعلى قدمها واهميتها وتأكيدها على الورع والزهد وترك الدنيا وما فيها والتسابق على ارشاد المجتمع والاخذ بيده الى سبيل الصلاح يجب ان تكون لها ثمار واضحة ومصاديق كثيرة بينما نجد العكس من ذلك حيث نجد ان نسبة من المعممين تتصدر صورهم الدعاية الانتخابية في مجالس المحافظات وقسم منهم في مجلس النواب ويضحكون على انفسهم اولا وعلى المجتمع ثانيا بقولهم اننا جئنا لخدمتكم او جئنا لنخدم لا نحكم !!
3. الورع والالتزام بتعاليم الدين والمذهب من المفروض ان تكون هي السائدة او هي الصفة المميزة لطلبة العلوم الدينية كما يقال (اذا ترك طلبة العلوم المستحبات ترك العوام الواجبات) هذا بدرجة وبدرجة اعلى من يكون برتبة المجتهد او الوكيل للمجتهد  ولكننا نجد خلاف ذلك في الواقع واكتفي  بمثال وكيل السيد السيستاني في العمارة مناف الناجي وقصته المعروفة للقاصي والداني ولا يليق المحل لذكرها .
4.  في وقتنا الحاضر هناك العديدة ممن هم برتبة الاجتهاد او يدعي الاجتهاد والمفروض وكنتيجة طبيعية للتقوى والزهد  ونكران الذات ان يتفق المجتهدين على تقديم مجتهد بعينه يكون هو المسؤول وهو الاعلم من بينهم واليه يرجع الناس في ادارة امورهم العامة وهو الذي لا نراه او لن نراه في وقتنا الحاضر واما القول بان ذلك حالة صحية ولكل مجتهد رايه ولكل انسان ان يختار من يقلده فضحك على الذقون .
5. الحرص على سمعة الدين والمذهب والوقوف بوجه كل التحديات التي يتعرض لها والفتن التي يتعرض لها المجتمع هو الصفة الناصعة عند طلبة العلوم الدينية وخصوصا من هم برتبة الاجتهاد وهذا ما لا نراه في وقتنا الحاضر فما اكثر الفتن العقائدية التي مر بها ويمر بها الشيعة في العراق ولا من متصد لها .
لا اريد ان اطيل  بسرد الامثلة وهي كثيرة وقد يطول بها المقام ولكنها في النهاية تقود الى نتيجة واحدة وهي ان هناك خطأً في الموضوع ادى الى هذا الفشل وهذه الانهزامية ومن يقول بخلاف ذلك فليقدم دليله .

أحدث المقالات

أحدث المقالات