(عندما سئل فولتير من سيقود الجنس البشري أجاب الذين يعرفون كيف يقرأون).
الذين يعرفون كيف يقرأون ،عبارة عميقة المعنى وذات دلالة مهمة في تحديد مسارات التقدم الانساني، فالقراءة مرتكزاً اساسياً في عملية البناء والتحديث والتنبوء بالمستقبل من اجل وضع الحلول ،لهذا السبب نجد البلدان المتقدمة في مجال المعرفة العلمية تجعل من موضوع القراءة والبحث مؤشرا اساسيا في عملية تقدمها ، لذا نجد للبحث العلمي وجود اساسي في كل مفصل من مفاصل الحياة فهو المرشد والموجه لحركة المجتمع المتقدم حيث نجد ما يعرف بوحدات التفكير منتشرة في المؤسسات الرسمية للدولة او في مؤسسات القطاع الخاص لدورها الكبير والمهم ،وهذه الوحدات تشمل مراكز الابحاث سوأ في الجامعات او المؤسسات البحثية الاخرى ولاتقتصر على مجال دون الاخر فهي موجوده في جميع مجالات الحياة،لذا تخصص لها الاموال والبنى التحية والكوادر البشرية ومستلزمات البحث العلمي وتفتح امامها مصادر الحصول على المعلومات بالشكل الذي يسهم في تسهيل عملها، كذلك نجد هنالك علاقة صداقة بين مراكز الابحاث و العاملين في مراكز صنع القرار،فالمسؤول التنفيذي عندما يترك عمله ينتقل للعمل في مراكز الابحاث وفي الوقت ذاته العاملين في هذه المراكز ينتقلون للعمل في المؤسسات التنفيذية مما يعزز العلاقة بينهم ويسهم في بناء الثقة العالية بين وحدات التفكير والمؤسسات التنفيذية وبالاخص في القطاع العام للدولة في مقابل هذه الصورة، نجد هنالك واقعا بائساً للبحث العلمي وللمعرف ي في المجتمعات التي لاتزال تحكم بعقلية الخرافة والاساطير وتمائم السحره والمشعوذين حيث تسود ثقافة رفض لدور البحث العلمي من قبل المجتمع بسبب تجهيله من قبل مؤسسات الدولة لخوفها من وحدات التفكير في تشخيص مكامن الخلل فيها ، ومن جهة اخرى عدم ايمانها بدور البحث العلمي في تطوير البلاد والمحافظة على استقراره من هنا نلاحظ عدم وجود صورة من صور البحث العلمي حتى في الجامعات والتي تعتبر في مقدمة وحدات التفكير حيث ندها تعيش حالة التهميش والاقصاء ولاينظر لها الا كموسسات لتخريج الموظفين وليس مراكز للبحث العلمي لذا لانجد اي دور بارز للبحث العلمي على الرغم من ان العديد من الوزرات الرسمية المعنية بالتعليم الجامعي ، تسمى بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، ولكن في الحقيقة ما هي الا امتداد للتعليم الاولي لاتسهم في بناء عقل مفكر ابداعي ناقد، عقل قادر على تحريك الركود الثقافي والفكري في المجتمع ، كذلك البحث العلمي لايشكل شي يذكر في عمل هذه الوزرات والطالب لايعرف ما هو البحث العلمي وماهي ادواته وماهي اهميته وكيفية الاستفاده منه في مختلف نواحي الحياة، وكذلك لاتسهم هذه الجامعات في تقديم اي اضافة او تطوير في مجال الابتكار والتقدم مما يجعلها خارج مؤسسات البحث والتفكير ،لتفقد دورها في ان تكون في مقدمة وحدات التفكير .والواقع العراقي الان يحمل جميع ماذكرناه فالعراق وبعد فترة طويلة من الاقصاء المتعمد للانسان المفكر والباحث والناقد والاستهتار بقيم ودور البحث العلمي ،يدخل مرحلة جديدة ولكن بادوات قديمة لايمكنها ان تسهم في تطوير البلد ، حيث نجد المؤسسات الرسمية العراقية لاتزال تعيش حالة التخبط وعدم المعرفة في كيفية ادارة الدولة ومن اين تبداء والى اين تنتهي ،لذلك نجد المسؤول كل يوم يجد نفسه امام مشكلة من نوع خاص والمشاريع التي تم التعاقد عليها يصيبها الجمود لكثرة المشاكل الادارية والفنية والقانونية التي تواجهه مما يجعله عاجزاً عن العمل ومشلول القدرة والارادة ،واذا ذهبنا الى السبب سوف نجد من اهم الاسباب عدم وجود من قريب او بعيد اي دور لوحدات التفكير في الوزرات والمؤسسات التنفيذية ، و لاتوجد مراكز تخصصية للابحاث يكون لها الدور في اعداد الدراسات وتقديم المعالجات للمشاكل القائمة والتنبوء بالمشاكل المستقبلية.
[email protected]