27 ديسمبر، 2024 12:30 ص

المؤذِّن

وهيَ .. بلْدةٌ عجوز ..
ليستْ لها القابلية
 كي تقصَّ  أحسنَ القصَصِ
على المقبلينَ على التلاشي
عند كلَّ اكتئاب
عصيانُهم حسرتُها ، تاريخُهم نكهتُها ،
وصمتُها مكابداتُ الغراب
وهيَ ليستْ بمنْ لا يستحقُّ العتاب
وهي هذا المثولُ إليها ، وهذا التعلُّقُ فيها
و أحلى العذاب
طالَ شَعْرُ انتظارِها ، وطال َ نخلُ الغياب
وهي هنا جالسةٌ وحولها الضباب
ما ظلَّ في حوزة ما تقولهُ ، سوى السراب
كلُّ الذين طاولَتْهمْ يومَ أمسِ
 أيْقَنَ الأولادُ هذا اليومَ
إنَّهُمْ كانوا وما زالوا كلابَ الكلاب .
أفرُّ من سنواتٍ ألّمَتْنِي ..
فاكهةُ أيامِها طريَّةٌ
والإنفلاتُ منها كان سهلاً
علّمتني أهربُ في الضيقِ منّي
أمرِّنُ إصبعي لمحو آثارها من زجاجة ذكرياتي
ونسيان المؤذن الذي حافظ َ على بضاعته ِ
من التلفِ بواسطتي
فعلَّمَني الصلاة َ والأُصول َ والمثولَ ..
في الوقت الذي كانتْ أصابعُهُ
تداعبُ حَلمتَيْ صديقي اليتيم الذي أودعوه عنده أمانةً
والذي شبَّ على أصابعه ِ ، فصارَ راشدا
وفرَّ ، وعادَ مجاهدا
ومن يومها وأنَا أتقمَّصُ دورَ ذلك المؤذن المريب
لأعرفَ كمْ من رجالٍ ولا رجولة
أبتسمُ كلّما مرّوا أمامي مسرعين ..
ولأعرفَ كم من جماعة المؤذّن
مَنْ صاروا يقلّونني في مقلاة سيئاتهم
ليظهروا في الشاشة أبناء آبائهم
على حساب أبوّةِ البلاد ألتي أنهكتهم  .
__ لا يا حظّي .
الجماجمُ لا تنطقُ __ والأكاذيب ُ لا تعرقُ
والذين لها صفقوا __ كلَّما ابتسموا أخفقوا
يأكلون أصابعهمْ خيبةً بينما تغرقُ
السماءُ استعانتْ بنا بينما الأرضُ لا ترفقُ
إنَّ متَّسعاً من بلادٍ تكونُ .. بنا ضيِّقُ
يا إلهي ! أذانُكَ أذَّنَهُ ؛ فمهُ الأزرقُ
كلَّما ازدادَ غيُّ مؤذّننا ، نضجَ الفسْتُقُ .