18 ديسمبر، 2024 7:50 م

المؤتمر الوطني – حزب البشير “ما بعد ٦أبريل”

المؤتمر الوطني – حزب البشير “ما بعد ٦أبريل”

عند تأسيسه اوائل التسعينات ارادت له السلطة الانقلابية ” سلطة عسكرية بغطاء من تنظيم الإسلام السياسي” ان يكون “المؤتمر الوطني” بمثابة جهاز سياسي للسلطة يمنحها غطاء شعبي و يوفر لها شرعية قانونية و سياسية؛ ارادوا له ان يكون حزب السلطة و حزب الحكومة “لذا وصفوه بالحزب الحاكم” .. لم يكن حزب بالمعني، كما لم يكن حاكماً! انما هيكل حزب “شبه حزب” اذ لم يكن خط الحكومة و موقفها تصنع في اروقته بل علي العكس كانت المواقف تأتيه من جهاز الحكومة الرسمي (جهاز الأمن تحديداً) و كل ما علي المؤتمر الوطني فعله كان ان يسوق لذلك الموقف و يروج له و يوفر دعم و شعبية له، و بطيبعة الحال كان الحزب يزييف الدعم و الشعبية!
في ذلك الوقت “سنوات حكم البشير الاولي” كان المؤتمر الوطني مظلة تضم مختلف اصحاب الاهواء و الامزجة و الرغبات بينما مثل الاسلامويين لب تلك المظلة و عمودها الاساسي، و كان الجامع بين اصحاب الاهواء المختلفة هو الرغبة في بيع المواقف لمن هو في السلطة أياً كان! كانت الانتهازية السياسية و المصلحة الشخصية هي الناظم الرئيسي لذا سرعان ما طغت حتي علي العمود الاساسي “الاسلامويين” و اصبح بيع الرأي و الموقف هو السمة الغالبة لعضويته و الطابع العام!
و بطبيعة الحال كان البشير-الرئيس هو من يدفع اعلي ثمن “لأن بيده التعيين في مختلف المناصب و الوظائف و بيده المال العام” و تكرس هذا الوضع بعد الخلاف الذي وقع بين الرئيس و الشيخ الترابي الذي وصف بأنه عراب انقلاب الانقاذ و التوجه “الإسلام/سياسي” الذي تبنته، لذا اصبح “الرئيس البشير” هو الغاية التي تنتهي عندها كل الطموحات و النقطة التي تتقاطع فيها كل الرغبات!
و لذا عندما اضحت السلطة في أمس الحوجة لمظلة تلجأ اليها “أيام ثورة ديسمبر و قبلها انتفاضة سبتمبر” لم تجدها!
اما و قد سقطت السلطة فان مصير المؤتمر الوطني لم يختلف كثيراً عن مصير تنظيم القاعدة و داعش، التي تحولت الي خلايا ليس بينها رابط تنظيمي انما تعمل كل واحدة كجزيرة معزولة و إن كان المحرك الايدولوجي هو هو، بل ان مصير المؤتمر الوطني ربما كان اضل؛ لأن الاهواء و الانتهازية رابطة أوهي و اضعف من الرابطة الايدولوجية و الفقهية!
الأن بعد مُضي عام علي سقوط البشير و مكوثه في المعتقل ثم السجن رفقة العشرات من قيادات حكومته و حزبه؛ و ادانته أمام محكمة في احدي القضايا بانتظار عشرات المحاكمات في عشرات الملفات الاخري.. فان المؤتمر الوطني يبدو علي حقيقته، عارياً من اي اساس سياسي، فاقداً للحياة التنظيمية و لم يستجيب للمتغيرات باي كيفية و لو كانت استجابة ضعيفة (الانقسام مثلاً)، اذ لو كان حزباً سياسياً بالمعني لتعاطي مع الواقع الجديد لكنه اكتفي بان تحولت قياداته الي مجرد ناشطين في السوشيال ميديا (ابراهيم غندور).
و إن كانت الرافعة الإجتماعية “والقبيلة و النسب” اضحت أهم عامل للتقدم و التنفذ و هي الاساس في خلق مراكز القوي و حكم العلاقة بين تلك المركز منذ مفاصلة الاسلامويين عام 1999م، فان تيارات المؤتمر الوطني منذ استحكام الازمة التي ادت لسقوط حكمه اضحت محكومة بمدي تضرر تلك العناصر من سقوط السلطة؛ لذا لم يكن مصادفة ان يتم اختيار أحمد هارون ليقود المؤتمر في معركة البقاء! و اليوم فان التيارات و القيادات المتشددة في الدفاع عن ارث الندم و معارضة السلطة الانتقالية هي العناصر الضالعة في تجاوزات كبيرة و في جرائم ضد الإنسانية و جرائم ضد الدولة و فساد مالي كبير..
لهذا السبب حدث تقارب بين الوطني و عدد كبير من قيادات الشعبي التي لها نصيب من ارث العشرية الاولي، و لذا صعد الوالي ضابط الامن “ابن اسرة اشتهرت بالعمل الأمني في عهد البشير” و الكادر الطلابي “انس عمر” ليصبح احد أهم القيادات برفقة كادر المؤتمر الشعبي “المؤتمر المنقسم و الذي وجد نفسه متحداً مع المؤتمر الوطني في ظروف الازمة” الناجي عبدالله!
بينما لجأ اخرون للمنافي حماية لانفسهم من الملاحقة القضائية بتهم فساد و تهم جنائية تتعلق بالاشتراك في جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية اضافة لجرائمهم ضد الدولة-الوطن، أما من ليس ضدهم ما يدين أو يشين فليس لديهم نفس الدافع في مقاومة التغيير انما عليهم ان يتحرروا من الالتزام الاعمي و ينتقلوا لمربع دعم التغيير و بناء الوطن.