قال وزير المالية في ندوة إقتصادية بتاريخ 3 تشرين الأول 2020 على قاعة دار الضيافة لرئاسة مجلس الوزراء “أن هنالك 250 مليار دولار سرقت من العراق منذ العام 2003 و حتى الان، و هذا المبلغ يبني عدة دول” و “أن إنفاق هذه الأموال لم يكن هدفه إقتصادياً و إنما إستفادة مالية لبعض الجهات مما أدى إلى تراجع قدرات الدولة”.
و كذلك صرح وزير المالية في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 5 شباط 2021 “لدينا ما يكفي من الأدلة بأن مزاد العملة للبنك المركزي كان سابقاً جزءاً مهماً في نشر الفساد و هناك بعض الكتل السياسية الكبيرة متورطة به و تتخذ من أسماء و شخصيات مشاركة في المزاد واجهة لها”. و عن إمكانية تسميته لهذه الكتل، قال الوزير “لا أملك الحصانة القضائية و حتى إجراءات الحماية القانونية غير كافية لكشف الأسماء”.
الوزير بكلامه هذا فإنه يعرف الذين سرقوا أموال الشعب و مقدار الأموال التي سرقوها. و لكن و كما يقول الوزير بأن بعض الكتل السياسية الكبيرة متورطة بهذا الفساد فإنه لا يمكن أن نتصور يوما بأنه سيمكن يوما إستعادة هذه الأموال المسروقة و محاسبة سارقيها، لأنه و بكل بساطة فإن هذه الكتل هي مهيمنة على جميع مرافق الدولة التشريعية و التنفيذية و القضائية، و هذا أصبح معروفا لدى جميع أفراد الشعب العراقي حيث أن القادة السياسيين يصرحون بذلك علنا على شاشات الفضائيات التي يمتلكونها و التي أسسوها بفضل المنح المالية الأمريكية بعد 9 نيسان 2003.
مع إقتراب الإنتخابات القادمة في 10 تشرين الأول 2021 أرادت بعض الكتل السياسية الكبيرة التي أشار لها وزير المالية أن تسوق لنفسها بأنها راعية لمصالح الشعب العراقي لكسب أصوات من يمكن إستغفاله من أجل الإستمرار في الهيمنة على مقدرات الدولة تم بتاريخ 15 أيلول 2021 عقد بما يسمى “المؤتمر الدولي لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق”. و حسب التصريحات فإن هدف المؤتمر هو إستعادة الأموال المنهوبة بمساعدة الدول الخارجية، و كأن الأموال المنهوبة سرقها أشخاص مجهولي الهوية و إنه لا يمكن إستردادها إلا بمساعدة الدول الخارجية.
فإذا كان سارقو الأموال المنهوبة صحيح مجهولي الهوية كما يراد إقناع الشعب العراقي به قد إستطاعوا نهب 250 مليار دولار فهذا يعني بأن العراق غابة و بالتالي لا أمل بإستعادة الأموال المنهوبة. و لكن الذين نهبوا أموال العراق فإن وزير المالية يعرفهم و لكنه لا يستطيع البوح بأسمائهم و هذا يعني بأن العراق غابة و بالتالي لا أمل بإستعادة الأموال المنهوبة.
رئيس الوزراء إذا كان يريد و يستطيع أن يستعيد الأموال المنهوبة فعليه أن يوفر الحصانة القضائية و إجراءات الحماية القانونية لوزير المالية في مجلس وزراءه ليبوح بأسماء الذين نهبوا أموال العراق و الذين يعرفهم حسب تصريحه العلني على الهواء.
و لكن رئيس الوزراء فاجأنا في المؤتمر بقوله بأن هناك مليارات من الدولاراتِ تمت سرقتها وتهريبها في عهد النظام الدكتاتوري السابق، و بالحقيقة فإن هذا التصريح هدفه تلميع صورة بعض الكتل الكبيرة التي أشار لها وزير المالية في تصريحه العلني على الهواء و تسويقها للمغفلين. و هذا هو بالحقيقة هدف بما يسمى “المؤتمر الدولي لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق”.