10 أبريل، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

المؤتمرات الاسلامية فاشلة .. حُكم مع سبق الاصرار والترصد

Facebook
Twitter
LinkedIn

اتمنى ان يدلني احد على نجاح مؤتمر واحد من مئات ان لم تكن الاف المؤتمرات الاسلامية المنعقدة لحد الان.

نعم اقول مؤتمر واحد فقط لحد علمي، ولم يكن هذا الهجوم الشديد يعبر عن انفلات اخلاقي او عبارة عن تعدٍ غير محسوب او حتى تطيراً مني، فانا مدرك لرحمة الله لمن يعرف حق قدره،انما هو من موقع الحرص وما يحتمه الواجب الشرعي والاخلاقي ( فالساكت عن الحق شيطان اخرس ) ونحن نعيش الان في محنة طائفية سياسية حقيقية وهي برأيي اعظم ايلاماً من الفتنة، واذا ظهرت الفتن فعلى العالم ان يظهر علمه، والمقصود بالعالم هنا من يدرك مجريات الامور ويعلم مايمكن ان يصلح من شأنها فعليه ان يقدم ما يستطيعه ولا يتقيد المفهوم حصراً بالمعممين او رجالات الدين كما يتوهم البعض، فالكل مسؤول امام الله وكل حسب علمه، ومن يعلم يكن علمه حجة عليه، والامر لم يعد يحتمل المداهنة بل على الجميع التكاتف باخلاص وبثقة كاملة بالنفس للتخلص من هذا البلاء المهدد لوجودنا.

ان السبب الدافع لهذا الحديث هو ما اثارني من طروحات تناهى اليها مؤتمر القاهرة الاخير لمحاربة ارهاب داعش.

فبنظرة بسيطة الى كلمة شيخ الازهر يتضح لك عزيزي القاريء مدى بؤس هذا المؤتمر وقصوره عن تقديم اي شيء عملي بخصوص الغرض الذي عقد من اجله، بل لانبالغ ان قلنا انهم لايفقهون ما الامر وكيفية معالجته.

لقد اتى على الجميع في كلمته وتعامل مع المليشيات المسلحة الاخرى في العراق كتعامله مع داعش متناسياً او قل غير مدركاً ان داعش جسم معتدي سيطر على الارض بقوة السلاح وباسلوب ارهابي لاينم عن خلق بشري بكل المقاييس والدواعش هم المبتدئين بالاعتداء ( والباديء اظلم )، فيجب التشديد والتاكيد على ازالت سبب المحنة اولاً لالقاء الحجة على الاخرين كي يتخلوا عن اساليب التعدي على حقوق المواطن في حال ان صح هذا الامر.

وانا شخصياً لا استبعد حصول امور التعدي والتجاوز من المليشيات فوقوعها حالة طبيعية في الاوضاع المشابهة التي يعيشها العراق خصوصاً مع حالة عدم الانضباط التي يعيشها البلد.

لقد انتهى امر المؤتمر الى الحالة النظرية المعتادة التي دأبت عليها جميع المؤتمرات الاسلامية باصدار التوصيات والنصائح الارشيفية وكأن المؤتمر عقد للنكهة لاغير. فهذه المؤتمرات مصابة بتقديري بما يمكن ان يطلق عليه ( مرض النظرية ) وهكذا.. فهم لايستطيعون تجسيد ما يصبون اليه الى صيغة عملية بل جبلوا على اسلوبهم النظري الذي تطبّعوا عليه من خلال دراساتهم الاسلامية في تقديم النصائح والارشاد النظري وهنا اقصد جميع اتباع المذاهب الشيعية منها والسنية.

ولا يفوتني هنا مايجب ذكره من ان ثقل المؤتمرين الشيعة يتسم بالضعف دائماً امام التواجد السني ربما لشعورهم بقلة تواجدهم مقارنة بالتواجد السني، اللهم الا في المؤتمرات المنعقدة في ايران.

لهذا ربما نرى ان الجهود الفردية التي قام بها البعض منهم قد اتت اُكلها بشكل انجع بالتاكيد فقد نجح الشيرازي في ايران بتصديه لوجود الاجنبي بما يسمى ( بثورة التنباك ) وقد نجح الحبوبي ومن معه بتصديه في ثورة

العشرين العراقية وقد تصدى الثائر الشجاع القادم من المؤسسات الدينية عمر المختار في حربه للاحتلال الايطالي في ليبيا وربما محمد عبده ورفاعة رافع الطهطاوي في مصر وهكذا الامر بالنسبة للسيستاني مؤخراً في العراق.

وهنا قد يُشكل علينا البعض بان هؤلاء المعممون هم من نفس المدرسة الدينية فلماذا نجحوا على المستوى الفردي؟، ولماذا لايُسحب هذا الامر على المؤسسات الدينية التي تتلمذوا عليها؟.

وتفسيرنا لهذا الفارق بين الحالتين هو ان المؤتمرات تعبر عن ظاهرة يتداخل فيها العقل الجمعي اما النجاحات الفردية فهي تعبر عن حالة، والحالات تعبر عن مكنونات آراءها واراداتها الخاصة وان تمردت عن الظواهر التي تتلمذت عليها.

كان الاجدر بهؤلاء المؤتمرين ان يكونوا اكثر جدية ولايتحركوا من منطلق ( كفيان شر ملا عليوي ) كما يقول المثل، اي كمن يؤدي صلاته دون خشوع ومعرفة بحقها لمجرد اسقاط الواجب.

فلم يعد الامر مجرد اسقاطاً للواجب لهذا كان عليهم ان يدعوا جميع رجالات الدين المؤثرة في الوضع الديني والاجتماعي العراقي ويتفقوا معهم على آلية كشف حقيقة الدواعش والعمل على طردهم وتخليص البلد منهم ويكون من ضمن الاتفاق رجوع الوضع الى ما كان عليه بانهاء وضع المليشيات حيث زوال السبب المؤدي لخلقها وليس المساوات بينها وبين الدواعش والتركيز على انها تقوم بعمليات ارهابية هي الاخرى مشابهه لحال الدواعش كما جاء بكلمة شيخ الازهر وهو امر واضح بامكانية استغلاله من قبل الدواعش للاستمرار بطغيانهم.

اننا نعبر ولنا الحق في ذلك كما بينا، عن استيائنا بل وسخطنا بكل صراحة من رجالات الدين هؤلاء ونقولها بان مؤتمراتهم اصبحت ضرراً علينا ولم تعود باي نفع، لهذا وجب علينا تسليط الضوء عليهم فهم ليسوا فوق الميول والاتجاهات او محصنين عن النقد والمحاسبة، فان لم تكن لهم الامكانية بالارتقاء بمستواهم الى المطلوب عملياً فعليهم ترك هذه المؤتمرات المكلفة مادياً وعدم اضاعت الوقت واشغال الناس بعدم جدواها وترك الامر الى من يستطيع فعل شيء ايجابي بهذا الاتجاه فربما اصبح تواجدهم هذا يمثل عقدة ضارة تسهم في دمار الوضع بدل اصلاحه.

والله تعالى من وراء القصد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب