في صبيحة الثاني من اب 1990 تكشفت اول فصول المؤامرة الكبرى على المنطقة وكان مركزها العراق. لم يكن يدر بخلد احد الى اين كان يسير القطار الامريكي بالعراق الذي جاء بصدام وزمرته. كانت الحرب الاولى مع ايران ورجال العراق بين ضحية يقضي في الجبهات او أسير في معسكرات الإعتقال لشعار سخيف وهو استرداد سيف سعد وزين القوس المنطقتين اللتين لا اثر لهما ولا نفع على طول تاريخ ما بين النهرين منذ نشأته الأولى. هُدرت ثروة العراق على حرب مجنونة لم يجن العراق منها ولا شبراً واحداً وعاد صدام الى نفس الاتفاقية التي مزقها في مجلسه الوطني، وهذه المرة كتب عبارته المشهورة الى رافسنجاني ووقتها كان رئيسا لإيران بعد ان أعاد الاعتراف باتفاق الجزائر “هذا ما اردتموه وركزتم عليه” وانتهت حياة نصف مليون شاب وعشرات آلاف الأسرى ومئات آلاف الجرحى ومئات المليارات الى بصقة في شط لم نعد نملك الا نصفه الذي يأكل من جرفنا. حرب مولت اسلحتها بسخاء دول الخليج وعلى رأسها السعودية وعُبدت لهذا السخاء الدموي طرق تصل حتى العقبة وعرعر. وكانت الأواكس الامريكية تزود الاستخبارات بتفاصيل مثيرة تشجع المجنون الاحمق على المزيد من المغامرات الدون كيشوتية وكان ضيف العراق الشهري بل حتى الاسبوعي الحسين ملك الاْردن ناقلا الرسائل من البيت الأبيض ومغريا القائد الأوحد بالاندفاع في بحر الموت ويشجعه احيانا بزيارة جبهات القتال ويطلق معه قذيفة مدفع تجاه العدو الفارسي المجوسي دفاعا عن البوابة الشرقية التي فتحت على مصراعيها فيما بعد. وبعد ان انهار الاقتصاد العراقي بفعل فاتورة القروض الكبيرة وصُفيت الموارد البشرية جاء وكلاء امريكا الخليجيون ليطالبوا باموالهم التي اقرضوها للقائد المغوار في حملة تدمير العراق واستدرج ثانية وهذه المرة ليس للاستنزاف كما في حرب الثمان سنوات بل لإنزال الضربة القاضية وكان صمت السفيرة كلاسبي على خطط الحل العسكري صمتا استحال الى صخب وضوضاء لا حدود له بعد سويعات من غزو الكويت. وكانت أولى الكذبات الامريكية في دموع طفلة كويتية ترثي أطفالا خدجاً في مستشفى كويتي انتزع اجهزة الحياة منهم جنود عراقيون فانتفض مجلس الأمن الدولي لصرخة وامعتصماه وجاءت الاساطيل والجيوش الجرارة لنجدة براءة أطفال تبين فيما بعد ان لا يوجد أخبث من هذه الطفلة في كل العالم حتى بين الكبار البالغين. فلا خدجاً رأت ولم تكن حتى في الكويت اصلاً بل هي بنت سفير الكويت اما حقوق الحيوان والطير النافق بسبب تلوث الخليج بالنفط فلم يكن احسن حالا من براءة ودموع بنت السفير فقد ظهر ان هذا الطير لم تبل له ريشة واحدة لا في الخليج ولا حتى بحر العرب منذ ان خلق الله نوعه. مع ذلك رومانسية الغرب المتخم بالمشاعر الانسانية تجاه حقوق الانسان والحيوان ولو كانت في الصين انهمرت على أطفال العراق صواريخ كروز وقنابل ذكية في العامريةوحصار لأزيد من عقد وأصبح العراقي لاثني عشر عاما يأكل النخالة خبزاً ويرقع إطارات سيارته ويبيع اثاث بيته بل حتى الابواب والشبابيك ليشتري قوت يومه لعائلته المشرفة على الهلاك. وصارت الرشوة مفردة يومية بعد ان كانت كلمة قاموسية ، وكذلك اصبح الاختلاس والنصب والسرقة وضح النهار. والقطار الامريكي يواصل السير حثيثا في البحث عن أسلحة دمار شامل ظهر فيما بعد انها ليست بافضل حالا من وامعتصماه بنت السفير وجرى ما جرى من نيسان المشؤوم ولا حاجة لبيانه فهو حي في الذاكرة لانه زاد العراقيين اليومي.
في مثل هذا اليوم بدأ فصل تدمير العراق العلني بعد ان كان مخفيا تحت ستار حكم البعث.
قد يظن البعض انما اكتب هذا لانتقد صداما او البعث واذكر بما اقترفوا، صدام قد هلك والبعث لا عودة له الا في مخيلة مرضى يعانون من عوق ذهني، انما الحق اني اكتب للذي لا يزال يظن ان الحل يأتي من امريكا وللذي لا يزال يصدق اخبار الغرب وامريكا وأقول له كم مرة عليك ان تلدغ لتصدق ان في الجحر ضبا وليس أرنباً