19 ديسمبر، 2024 3:26 ص

في هذه السطور أنا لا أكتب رواية أو قصة تعتمد ابطالا من الماضي او الحاضر وانما الحديث هنا مرتبط تماما بواقعنا العراقي وما يمر به الفرد او تعيشه الاسرة العراقية في ظل المتقلبات الامنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومفردة المأوى تحديدا التي ترتبط ارتباطا وثيقا بكيفية عيش الانسان وطريقة صراعه في هذه الحياة تحت كل الظروف بحلوها ومرّها التي تؤشر الحاجة الى السكن والدفء تحت سقف هذا المأوى وقد حَدّثنا التاريخ وحياة البشرية كيف ان هاتين الوسيلتين المسكن والدفء هما مقصد بحث الانسان والحيوان معا فلا يوجد مخلوق على وجه الارض لا يبحث عن مكان محدد يسكن داخله وبين جدرانه تتوفر فيه حالة من الدفء اللازم له ولعياله كونها الرغبة الشديدة في الوقاية من القوى المجهولة التي ربما يتعرض لها الانسان من فريسة هنا أو فريسة هناك خصوصا فيما لو وقفنا عند الشعوب البدائية التي تعتمد الافتراس وغرز أنيابها في ظهور البشر بحثا عن وليمة وان كانت تلك البدائية والهمجية اليوم هي حاضرة بثقافتها ومنهجيتها بل هي مسكونة في نفوس من يدّعون الدين وتعاليم السماء وحاملي لواء الثقافة والحضارة الاسلامية وهم ينهشون لحوم ابناء جلدتهم بدءاً من العصابات والتنظيمات التكفيرية المؤدلجة بفكر ماسوني لتقتل وتفتك وسط الناس الابرياء في كل مكان وانتهاءً ببعض المسؤولين الفاسدين الذين سرقوا حقوق الناس البسطاء ولعل مثالنا هنا اليوم هو العراق الذي توافدت عليه كل قوى الشر والارهاب والتكفير والتخوين لتنتزع منه المأوى والموقد وتشرد ابناءه في الوديان والسهول والسكن في عراء الصحراء تحت وطأة الحر اللاهب صيفا والبرد القاتل شتاءً الذي يُنهك الهيكل العظمي لضعفاء الخلق الطفل والمرأة والشيخ الكبير وتجعلهم في مواجهة القهر الظرفي والانحناء للرياح العاتية، وهذا تاريخ الشعوب في قديم الزمان يحدثنا بأن الانسان في طبعه يبحث عن مكان دافئ يلتف حول موقده كما يصفه الباحث ساند ستيف الوارد في كتاب أصل الأشياء بداية الثقافة الانسانية للمؤلف يوليوس ليبس في حديثه عن واقع القبائل الافريقية التي تعتبر أن “روح النار” تسكن في موقد كل خيمة من خيم “قبائل البوريات” ولهذه الروح هيئة بشرية لكنها صغيرة طالما هي في الموقد الى درجة ان لا يسمح بتحريك النار بسكين او حديدة مدببة ولا تُلقى فيها الاوساخ لأن في ذلك اهانة كبيرة “لروح النار” هذه القدسية التي يسوقها ستيف في نقله هي ليست لكون ان القبائل تتعبّد تلك النار وانما الاحساس بالدفء والامان الذي يحيطها من تأثيرات الحياة الخارجية هو الذي دفعهم لهذا التقديس ولذلك نحن نرى ونشاهد الملايين من النازحين العراقيين خصوصا بعد العام 2014 نتجة احتلال المحافظات الغربية من قبل قوى التخلف والقادمين من كهوف تورا بورا ومن زوايا بعض المجتمعات المتطرفة الذين أصفهم أنا شخصيا بحثالات الشعوب ومتخلفيها حيث تجمعوا على كلمة واحدة وهدف واحد هو تدمير الانسانية وقتل الحياة والعبث بكل الحضارات واعتبار الناس عبيدا لهم ولا استقلالية فكرية او حرية شخصية لهم في ظل نظامهم اللاسلامي المتخلف البعيد عن كل القيم الاسلامية والوضعية، وهذه الاستقلالية والملكية التي يبحث عنهما الفرد ضمن المجتمعات في عصرنا الحالي، هي تعتبر بديهية جدا في إطار حقوق الانسان وشرعته العالمية ويبدو أننا نعيش ذات الواقع في الملكية والاستقلالية الذي كانت تعيشه القبائل البدائية المتحجرة التي أهملت قوانين الغاب فيها لتلك الحقوق وسحقتها حيث كتب الباحثان(فيسون) و (هوفيت) ” إن مفهوم الفرد ليس معروفا، فليس له حقوق مستقلة” ويريدان القول هنا ان وعي الملكية الشخصية بمفهومنا الحديث غير موجود عندهم نهائيا، وياليت السيدان فيسون وهوفيت يكونا اليوم بيننا ليشاهدوا بأم العين كيف ان البدائية والتمرّد على حياة البشرية والقهر والقتل والاجبار عى الانحناء لقوانين بالية متخلفة تجري على أبناء بلدنا ونحن في ألفية القرن الواحد والعشرين.

طوابير النازحين التي تجاوزت الملايين من ابناء الشعب العراقي تحركت من أجلها دول مانحة وموازنات عراقية كبيرة واستقطاعات غير منتهية من رواتب موظفي الدولة العراقية بل حتى متقاعديها اصحاب الرواتب البسيطة استُقطعت منها الأموال من أجل اعادة المأوى والمكان الد

أحدث المقالات

أحدث المقالات