مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض .. فليس يموت فى أرض سواها
من ينظر لحال العراق المؤلم ينبغي عليه استذكار التاريخ القريب و الاحاطة علماً بمراحل الصراع العربي الاستعماري بعد حرب سنة 1948 والتي دامت اكثر من سنة وتمخضت عن انشاء دويلة اسرائيل ككيان مسخ عنصري معتدي فُرضَ من قبل دول الاستعمار العالمي ومن ابرزهم بريطانيا .كان للعراق دور مجيد مشرّف في هذه الحرب تميز عن باقي الدول العربية التي ساهمت فيها من ناحية الانجازات الكبيرة التي حققها الجيش العراقي معروفة ولا نريد ان ندخل في تفاصيلها . لضروف دولية معقدة وبروز تكتلات متقاطعة من نواحي عديدة مثل الأيديولوجية والمصالح الاقتصادية فيما بينها كالأتحاد السوفيتي ونهجهُ وفلسفته الشيوعية والدول الرأسمالية الامبريالية ومعارضتها للفكر الماركسي ودول عدم الانحياز لكلا المعسكرين ومحاولة الأبتعاد عن دائرة الصراع بينهما . ولأهمية المنطقة العربية من نواحي عديدة مهمة تدخل في استراتيجيات هذه الدول المتصارعة بعد وقبل الحرب العالمية الثانية من ناحية الثروة البترولية والممرات المائية والموانئ والسوق الاسفنجية الشاملة لعموم المنطقة والتي تعتبر مثالية لترويج بضائع وخدمات هذه الدول المتقدمة . عمت المنطقة موجة من الانقلابات العسكرية وبروز تيارات واتجاهات مختلفة ابرزها القومية والشيوعية والرأس مالية والدينية , ابرز هذه التيارات كان التيار القومي الداعي الى الوحدة ومعاداة اسرائيل ومناصرة الشعب الفلسطيني المغلوب على امره . قامت مصر بقيادة جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس سنة 1956 ونتج عن ذلك العدوان الثلاثي واحتلال قناة السويس من قِبل بريطانيا وفرنسا واسرائيل ’ شكل هذا الموضوع حدث بالغ الاهمية على صعيد العالم والمنطقة العربية وسهل لتثبيت قدم الاتحاد السوفيتي في المنطقة العربية , بروز اميركا اثناء وبعد الحرب العالمية الثانية واحلالها محل دول الاستعمار الاوربي الغربي مجتمعة زاد من تعقيد الوضع العام العالمي والعربي . خططوا في بيوت مخابراتهم لتدمير القوة العربية المناهضة لهم ولأسرائيل , فكانت كارثة الخامس من حزيران والتي تركزت على تدمير القوة العسكرية للدول العربية المحيطة بأسرائيل , كانت مواقف ومساهمات الدول العربية مختلفة في هذا الموضوع , كان للعراق دور مشهود رغم قلة القوة العراقية المتواجدة على الساحة الاردنية في هذه الحرب التي تمخّضت نتائجها احتلال اراض عربية جديدة وصلت من ناحية الحدود الاسرائيلية المصرية الى احتلال غزة وسيناء بكاملها وشرم الشيخ وقناة السويس وتعطيل الملاحة البحرية فيها وعلى الجبهة السورية اسفرت عن احتلال الجولان وعلى الجبهة الاردنية احتلال القدس والضفة الغربية واحتلال قسم من اراضي الاردن . حدثت مفاجآت كثيرة وكبيرة غير متوقعة انعكست على الوضع العام للمنطقة العربية وعلى التأثير الدولي فيها ومن الملفت للنظر ان عدد من المفكرين اليهود والاسرائلين لم يؤيدوا اويحبذوا اقدام اسرائيل على شن هذه الحرب متوقعين انها ستنعكس سلباً على امن اسرائيل المستقبلي ودافع قوي لأعادة الحسابات العربية في المجال العسكري والامني والاقتصادي . وهذا ما حصل بالفعل وكان واضحاً في حرب عام 1973 ودور العراق كان لافتاً للنظر وتأثيره اساسي وفاعل بشكل خطير وكبير على الجبهتين المصرية والسورية فأسراب الهوكر هنتر العراقية كان لها السبق في الضربة الأولى ونتيجة لقوة وشراسة الطيران العراقي بطياريه الأشاوس كانت القوات المصرية البرية عند حاجتها للدعم الجوي تطالب قياداتها بالطيران الحربي العراقي مفضلة اياه على الطيران المصري, بالرغم من ان هذه الحرب لم تكن نتائجها مرضية لكنها غيرت الصورة التي كانت سائدة والتي فحواها أن الجيش الاسرائيلي لا يقهر وان العرب غير قادرين على الاشتراك بحروب كبيرة وواسعة بكل صنوفها لكن هذا الامر اختلف وكان واضحاً في المجال العسكري العربي , لقد أفزع اسرائيل ومن يواليها ويدعمها . في الجبهة السورية حمى الجيش العراقي دمشق من السقوط بيد الجيش الاسرائيلي وتشهد له معارك الدبابات الرهيبة في ” تل عنتر ” التي تفوّق بها الجيش العراقي مثيراً الهلع والفزع في قلوب الصهاينة ومعارك القوات الخاصة العراقية في ” جبل الشيخ ” وكانت بكل الاسلحة حتى وصلت للسلاح الابيض وكان التفوق واضحاً لرجال القوات الخاصة العراقين الأشاوس الذي لقنوا جنود اسرائيل درساً لم تستسيغه عقولهم . برغم هذا كلهُ لم يخبر احداً العراق بهذه الحرب بل سمع بها من الأذاعات فأمر قواته البرية بالتوجه الى الجبهة السورية حتى ان الكثير من دبابات الجيش سارت على سرفها لقلة عجلات ناقلات الدبابات مع ان القيادة امرت بأستأجار الناقلات المدنية كل هذا بالرغم من سوء العلاقة بين النظامين العراقي والسوري لأن الموضوع عربي عام وليس شخصي , في حديث مذكور للمرحوم الفريق الأول الركن اسماعيل تايه النعيمي كان رحمه الله اول الضباط الذين وصلوا دمشق في حرب تشرين بالعام ١٩٧٣ ويروي في مذكراته انه قابل حافظ الاسد بعد ان خرج اليه من الملجأ يرتدي البيجامه وقال له : لقد خرجت من شاربنا ودخلت في شاربكم .. فرد عليه النعيمي :أبشر والله لقد جئناك بجيش اوله في الشام وآخره في بغداد . يُعتَبرالعراق الاحتياطي العسكري والمالي والاقتصادي الاول والرئيسي لدول الاردن وسوريا ومصر الاخطر على اسرائيل دوائر مخابرات دول العدوان والاستعمار بدأت بزيادة نشاطها والعمل على تحطيم الدول المحاذية لأسرائيل في المجالات كافة والتركيز على العراق كونه الاخطر ومن الملاحض ان العراق منذ بداية حرب سنة 1948 ولحد الآن لم يوقع على اية هدنة مع اسرائيل مثل بقية الدول العربية الاخرى , بالمناسبة وصلت القوات العراقية في حرب 1948 على بعد احد عشر كيلو متر عن العاصمة تل ابيب اوقفت الحرب بقرار من الامم المتحدة وضغوط الدول الاستعمارية الموالية والداعمة لأسرائيل بعد انسحاب العراق من الاراضي المسيطرعليها تم تسليمها للجيش الاردني وبعد مرور شهر استعادتها وسيطرت عليها ثانية القوات الاسرائيلية . في تصريح لموشي دايان وزير الدفاع الاسرائيلي في حرب الـ 67 قال بأنه لايسمح مطلقاً بتواجد الجيش العراقي في الاردن لأن بأمكان 400 دبابة عراقية ان تشطر اسرائيل بالنصف . لكل هذا تم التخطيط لتدمير العراق فعملت الدوائر الاستعمارية والصهيونية على تأسيس الحركة الخمينية وتسهيل استلامها للسلطة في ايران وابعاد الشاه مرغماً بسبب رسم وتنفيذ مرحلة جديدة وخطيرة من مراحل الصراع . الحركة الخمينية عنصرية طائفية تقول في دستورها ” ايران دولة اسلامية تعتمد المذهب الشيعي الأثني عشري منهجاً لها ” وهذا يعني تقاطعها مع كل المذاهب التي اصلا لم تكن مناهجاً لأي دولة اسلامية بل المتعارف عليه ” الدين الرسمي للدولة الفلانية الأسلام ” رفعت شعارات غير منطقية وغير معقولة فحواها العدوانية الواضحة منها ” تصدير الثورة و طريق تحرير القدس يمر عبر كربلاء ” وقامت بالاعتداء على المخافر العراقية الحدودية , فرد العراق واندلعت الحرب . التي ادهشت واحرجت دول الاستعمار والانظمة العربية أذ كيف بالعراق محاربة دولة تفوقه بالمساحة والسكان ثلاثة اضعاف , كانت اميركا والمتحالفين معها والصهيونية العالمية تحاول اطالة هذه الحرب لأستنزاف الدولتين وتطبيق (نظرية الاحتواء المزدوج ) لكيسنجر وزير خارية اميركا السابق . هذه الحرب ادخلت الرعب في اسرائيل فحواها ان العرب قادرين على خوض حرب ضروس لسنوات طويلة والقدرة على قيادة جيوش جرارة عرمرم وعلى مساحة طويلة اكثر من الف كيلومتر, واسرائيل لا يمكنها المطاولة في حروبها لأسباب جغرافية وسكانية وتغيير معادلة التفوق الجوي في مجال الطيران نتيجة التطور في سلاح الدفاع الجوي ” صواريخ ارض جو ” وسهولة الحصول عليها من مصادر مختلفة من دول العالم لا بل امكانية تصنيعها في العراق وعدد من الدول العربية وكذلك التطور المخيف في سلاح ” صواريخ أرض أرض ” والتي ضربَ بها العراق اسرائيل في حرب الخليج , مما حدى بأميركا ومن يواليها بالقيام بغزو العراق بشكل مباشر وبنفسها وليس بالنيابة بعد ايقاع العراق بالفخ الكويتي نتيجة قلة { حكمة } القيادة العراقية في هذا الموضوع وتضليلهُ عن طريق تصريح واضح من السفيرة الاميركية في العراق والتي تم اغتيالها بعد ذلك من قبل المخابرات الاميركية لطمس الموضوع والتغطية عليه , وتوالت المصائب عقوبات تحت البند السابع وحصار مدمر ثلاثة عشر عام واعاقة العراق في جميع جوانب الحياة والتحريض على التآمر ومساهمة الدول العربية في ذلك وخاصة حكومات دول الخليج والاتفاق مع ايران بشكل مبطّن . فكان الغزو سنة 2003 من قبل 33 دولة بقيادة الولايات المتحدة الاميركية كان من نتائجها استخدام اسلحة محرمة دولياً عتاد ملوث باليورانيوم المنضب وقنابل ذرية ضئيلة الطاقة مثل التي استخدمت في معارك مطار بغداد الدولي والقنابل الفسفورية والعنقودية والنابالم وقنابل زنة ألف كيلو غرام والغازات السامة على بعض الوحدات العسكرية المرابطة في صحراء النخيب بين العراق والسعودية و الوحدات العسكرية في البصرة التي استعصت على القوات الغازية وخاصة البريطانية . بعد ذلك بدأوا باستخدام مراحل التدمير والتخريب الممنهج قاموا بحل الجيش العراقي وتخريب الاقتصاد وتمزيق النسيج الاجتماعي والتأسيس للطائفية وعدم اصلاح البنية التحتية التي دمروها بالكامل واثارة ونشر الفساد المالي والاداري وتسليم مقاليد السلطة للأحزاب الشيعية الموالية والمسيّرة من قبل ايران وميليشياتها الاجرامية قامت الحكومة العراقية وهذه الميليشيات بالاغتيالات المنظمة والتي شملت كافة النخب الاجتماعية من كفآت وعلماء دين وطيّارين واطباء وحملة الشهاداة العليا وايظاً قاموا بتنفيذ الازاحة السكانية والتهجير القسري للمسلمين السنّة من مناطقهم والفلسطينين المتواجدين في العراق منذ عشرات السنين وتفجير المساجد والاستيلاء على قسم منها والقيام بحملات تفجير ضد السكان في كل مناطق العراق مشتركين في ذلك كل دول العدوان ابتدائاً بأميركا والمشاركين معها وانتهائاً بأسرائيل وايران والكويت وعملائهم في الداخل . مجازر دامية وقاسية , هذه المصائب والكوارث وليس آخرها خلقهم ” لداعش ” للقيام بالتخريب والابادة الجماعية فسكان المناطق السنّية في العراق في ستة محافظات حُشروا بين مطرقة الجيش والاجهزة الامنية الحكومية والحشد الشعبي من جهة وسندان داعش من جهة اخرى . فكانت مسرحية مفبركة وفلم هندي لا يتصوره ولا يستوعبهُ العقل البسيط , والعالم مشلول لا يستطيع التحرك بأي اتجاه والقتل والتدمير مفتوح على الغارب في العراق قائم على خلط الاوراق الدينية والسياسية العالمية والمحلية وتداخل الخنادق وتعميم اللون الرصاصي والعمل به وابعاد الونين الاسود والابيض , وهذا الحال قائم الى اجل مسمى لحين الدخول الى مرحلة جديدة مرسومة سلفاً تكون اقسى من سابقاتها , والله المستعان وله الشكوى ومنه الرحمة والفرج ولا حول ولا قوة الا به .
الابيات الشعرية / رغم ان هذين البيتين ينسبان أيضا لشعراء آخرين، الا ان اقدم من نسب اليه هذا الشعر هو عبد العزيز الدريني ، وقد كان شيخا عالما سريع النظم وله تفسير للقران الكريم ومؤلفات واشعار كثيرة، وقد عاش في المنصورة بمصر في القرن العاشر الميلادي وله مزار هناك.