جلست اليوم وأنا أغازل ذكريات الطفولة، بلحظات صدق وشوق، تذكرت إنني كنت دوما في درس الرسم أرمي القلم الأبيض جانباًوحين تسألني معلمتي ست جيني، كم كنت أحبها وتحبني لماذا ترمينه؟!
أجيبها بكل برائة وخجل إنه لا يلون فتدنُ مني وتهمس في أذني أنه أجمل وأنقى وأوفى الالوان، ستمر الحياة وستذكريني، أوعديني، فاجيبها ببرائة الطفوله نعم والله.
حينها قبلتني وقالت أجعلي قلبكي أبيض وأن كبرتِ وأصبحت لكِ أسرة أجعلي قلوبهم كهذا اللون، أليس لون السماء يغلب عليه البياض والصفاء والنقاء وتحلم مخيلتي بكلماتها وتاخذني لأحلق في الغيوم والسماء ومرت السنين، كبرت وودعت سخرية ذكرى الطفوله حينها أيقنت جيداً لماذا الأبيض لا يلون لانه ناصع صادق و نقي لا يزيف مشاعر اللوحة بوجه متزوق بألوان وأصباغ صاخبة، تمحى بزخة واقع و صدمة فالأبيض لا يعطي ألواناً مقنعة للحقائق بل يتركها شفافة كما هي و كما ولدت أول مرة، يحترم مشاعر ذاك المخاض العسير ليمنحه مولوداً بريئاً عذري غير مستنسخ بجينات مظفرة تموه الأصل، فلماذا لا تكون قلوبنا جميعا بيضاء فهل أدركتم معي قيمة هذا اللون؟ فهي حقيقة للأسف فهمناها متأخرين جداً جداً.