لو أن فنانا ما بارعا قام برسم لوحة تجسد قصة استشهاد الطفل عبد الله الرضيع (ع)، لكانت هذه اللوحة من أصدق الصور الانسانية التي تؤثر على عواطف ومشاعر أغلب الناس من جميع ارجاء المعمورة على الاطلاق بغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم.
ولكن الحسين (ع) يبقى ولا يزال هو”الإنسان”والفنان البارع والمصمم الأول لتلك اللوحة الخالدة حيث استطاع ان يجسدها ويبرزها على أن موضوعها حالة لم تكن لها سابقة في التاريخ، ولايمكن لها أن تتكرر عبر قادم الأيام في التاريخ، “على نحو ان انحدار اخلاق الناس وتداعيات الانسانية لايمكن لها أن تهبط لأكثر من المستوى الذي هبطت فيه ابان يوم الطف”.
واظهارها كذلك-أي اللوحة- لمن يريد استقراءها من الناس في كل زمان ومكان “على ان الصراع الذي جرى بينه وبين خصومه -والذي كان سببا لنهضته الخالدة- هو ليس صراع عقدي وسياسي وعسكري فحسب، بل هو صراع بين “إنسان وإمام زمان مصلح ” وهو علم دين وعلى خلق عظيم في معسكر الإباء والحق والهداية والنور والتضحية والإيثار ،وبين “وحوش كاسرة وحيوانات وزغة مستهترة وفاسقة وفاسدة ومجردة من الدين والأخلاق”، في معسكر الفسق والباطل والظلام والضلال والإثرة والنفاق.”
وانها مهما دلست، ومهما غيرت ملامحها-أي اللوحة-، فسوف تبقى اللوحة الأصيلة الناصعة الوضوح والناطقة بجميع لغات الانسانية والعالم، محفوظة في عين الله وفي قلوب المؤمنين.
وقد استطاع راسمها أيضا ومصممها أبو عبد الله الحسين (ع) أن يجعلها حجة لاسقاط ذرائعهم وكشف أكاذيبهم، ولولا تلك اللوحة لصارت أباطيلهم حقيقة، ومماطلاتهم مفتنة مشبهة، وخزعبلاتهم مقنعة على نحو أن الحسين خارجي، وقد خرج على امام زمانه، أو أن المعركة كانت متكافئة روعيت فيها جميع المواثيق الأخلاقية والمعايير الانسانية المتعارف عليها في الحروب، وهلم جر.
وعليه فإن قضية مصرع الطفل عبد الله الرضيع (ع) من أجل “شربة ماء”!!!,”ساهمت وتضامنت مع مقومات أخرى، خطط لها الحسين (ع)، في استجلاب واختطاف النصر لصالح معسكر بيت النبوة على مدى التاريخ”.
وقلبت أيضا “جميع الموازين التي كان قد خطط لها العدو لتكون في صالحة لإختطاف النصر من معسكر الحسين (ع)”
ولاغرابة من أن شعار “انتصار الدم على السيف” قد ولد من رحم النصر الحسيني الساحق إن شاء الله المتكلل بظهور الامام الحجة (عج) ليأخذ بثأر جده ويملأ الأرض قسطا وعدلا مثلما ملئت ظلما وجورا.