9 أبريل، 2024 5:41 م
Search
Close this search box.

الله لا يحب الجبناء

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان الاضطراب في كل مكان ، موجة الفوضى تكاد تقتلع العراق من جذوره، التخبط السياسي والأمني في كل زاوية من زوايا الحياة والإعلام متداخل في نشراته.. هجوم هنا وقتيل هناك.. قوافل التهجير تملىء شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي.. سبايكر..! الاسم الأكثر تداولًا على السنة الناس، ظهور رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي في موتمرا صحفي يؤكد فيه على ان هناك عملية اختطاف طالت 170 طالب من طلبة كلية القوة الجوية في قاعدة سبايكر.. اعتقد الناس انه الرقم الحقيقي للمغدورين في ذلك اليوم غير ان تزايد نشر الفيديوهات على السوشل ميديا أظهرت الآلاف من الشباب الضحايا المغدورين..! تباينت التصريحات فكان القرار الحكومي هو اضافة ” صفر” للرقم 170 الذي صرح به رئيس الوزراء حفاظًا على ما بقي من ماء وجهه…
حاولت بطريقة ما الاتصال بأحد الضباط المتواجدين في ذلك المعسكر لأسأله عن الموقف الأمني وتداعيات الأزمة التي تعصف في البلد آنذاك .. الوووو حجي شلونك شخباركم.. سيدنا الوضع مزري كلش..! بله ما تحچيلي شنو صار عدكم؟؟ سيدنا اللي صار بعد توارد الاخبار عن دخول داعش لمدينة الموصل وسقوط اغلب المناطق المجاورة لها بيدهم” حدثت عدة اضطرابات داخل قاعدة سبايكر واختلفت الآراء بين جميع المتواجدين هنا حتى كان القرار النهائي تركهم القاعدة وتوجههم الى اهلهم تاركين وراءهم كل شيء.. نحن كضباط قادة قررنا إغلاق المداخل الرئيسية عليهم ومنعهم بعدة طرق وتقديم النصائح والحديث معهم حتى اصبح الشجار بيننا سيد الموقف لدرجة إطلاق النار فوق رؤسهم لكن إصرارهم كان اكبر من اطلاقاتنا.. فتحت البوابات بالقوة وخرج الآلاف منهم متجهين صوب الشوارع الرئيسية لمدينة تكريت للانطلاق منها الى مدنهم.. تبعهم بعضنا بسيارات الهمر وغيرها محاولة منا لاقناعهم بالعودة كون الأمر لم يكن كما يعتقدون لاننا على علم ودراية تامة ان الامور خرجت عن السيطرة وأننا في موقف اكثر من سيء..! لكن في ظل هذه الظروف هو البقاء داخل القاعدة المحصنة تماما لحين ايجاد المخرج المناسب للوصول الى بر الأمان .. كل المحاولات لم تجدِ نفعًا مع المندفعين الى خارج أسوار القاعدة العسكرية..!
لم يبقى داخل القاعدة عدد من الضباط والمقاتلين سوى عددا لا يتجاوز الخمسين شخصا جميعهم من ابناء الجنوب والفرات الأوسط .. اعدوا خطة فيما بعد مكنتهم من الصمود في وجه العدو لايام عدة حتى جاءهم المدد بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي وفك الحصار عنهم..
الصورة الثانية…!
امتلئت الشوارع القريبة من القاعدة ومدينة تكريت بابناء القاعدة فمنهم من كان سعيد الحظ فكتبت له النجاة حين استقل اول سيارة اجرة وتوجهت به صوب سامراء او بغداد لينفذ بجلده دون البقية، ومنهم من بقي ينتظر سيارات النقل المدني.. فجاءتهم سيارات النقل المدني يقودها عناصر تابعين للتنظيم الارهابي ولكنهم من ابناء قرى ومدينة تكريت وينتمون بالنسب الى كبرى عشائرها مثل البوعجيل وجبور و و و غيرهم.. أوهموا الضحايا بانهم جاؤوا لإيصالهم لأقرب نقطة ممكنة كي يذهبوا منها الى مدن سكناهم وبين ضغط السلاح والقناعة بالكلام بدءت الجموع تلو الجموع تتوافد الى القصور الرئاسية على شاطئ المدينة والى بعض القرى البعيدة عن الأنظار وهناك بدءت المجازر الوحشية التي اقتاد بها جنود سبايكر كالاضاحي الى مثواهم الأخير دون اي ردت فعل تذكر..
بحسب الإحصائيات المعتمدة فأن عدد المفقودين من القاعدة تجاوز الأربعة آلاف عسكري في ساعة واحدة تحول هذا العدد الكبير بسبب الخنوع والخوف الى مجزرة كبيرة أقام عليها أهالي تكريت اكبر حفلة قتل جماعي في القرن الحادي والعشرين.. استسلموا للموت بطريقة لا يتصورها العقل وكأنهم ضربوا على رؤسهم بحقن من التخدير الموضعي او التخدير العام.. لا اريد الخوض اكثر بتفاصيل قتلهم كي لا يتهمني البعض بالاعتداء على ضحايا سبايكر…!
من الصور المؤلمة التي يرويها لنا بعض المتواجدين هناك في تلك الحقبة ، هي ان حالة القتل ولكثرتها لم تكن مقتصرة على الرجال فقط بل تعدت ذلك حتى كانت حصة لبعض النساء والأطفال الذين مارسوا القتل بأبشع الطرق الوحشية بحق ابناء الجنوب ، اذ لم يكن القتل وفق الهوية العسكرية وإلا لماذا تم الإفراج عن العشرات ممن كان بين الجند كونه ينتمي بأصوله الى المذاهب السنية.. لكنه في حقيقة الأمر كان حقد طائفي وبغض شديد لابناء الجنوب من تلك العشائر التي تسكن تلك المناطق فأحدثت القتل بالمتطوعين بهذه الطريقة البشعة، فكانت النتيجة مجزرة راح ضحيتها اكثر من أربعة آلاف جنوبي..!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب