15 نوفمبر، 2024 9:44 ص
Search
Close this search box.

الله في فكر عمر الخيام – 2

الله في فكر عمر الخيام – 2

القضاء والقدر والبحث عن الله
يقول الخيام:
أحسُّ في نفسي دبيب الفــــــناءْ
ولم أصَب في العيشِ إلاّ الشقاءْ
يا حســـرتا إن حانَ حيني ولـمْ
يُتحْ لــــفكري حلّ لُغز الـقضاءْ
وهذا تساؤل فلسفي، يطرحه الخيام في هذا المقطع، وهو سؤال وجودي، قد طرحه العديد من الفلاسفة، سواء من الذين سبقوا الخيام، او من الذين جاءوا من بعده، وسيظل هذا التساؤل باقيا الى حيث يبعثون.
حتى لقد حارت في هذا التساؤل عقول كثيرة، فضلت اخرى واهتدى اخرى الى طريق وجدت فيه ضالتها، وارتاح ضميرها، قديما وحديثا، وثالثة ظلت بين بين.
وهذه المسألة يناقشونها في مبدأ: القضاء والقدر.
فالقضاء لغة فهو: الحكم، والقدر: هو التقدير. فالقدر: هو ما قدره الله من أمور خلقه في علمه. والقضاء: هو ما حكم به الله من أمور خلقه وأوجده في الواقع.
وقال شاعرهم وهو يشير الى القضاء والقدر:
إذا ابتليت فثق بالله وارض به .. ……… .. إن الذي يكشف البلوى هو الله
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ………….. ..ما لأمرىً حيلة فيما قضى الله
اليأس يقطع أحيانا بصـاحبه ……………….. لا تيأسـن فنعـم القـادر الله
وعلى هذا فالإيمان بالقضاء والقدر معناه: الإيمان بعلم الله الأزلي، والإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة. بحسب الرؤية الاسلامية للقضاء والقدر، وفيه مباحث كثيرة في علم الكلام، قد نتطرق لها فيما بعد في هذه المباحث، ونحن نبحث في فلسفة عمر الخيام، وفكرة وجود الله من خلال فلسفته.
والخيام، هناء يسئل، وهو في حالة تهكم، او يسئل، عن علم ودراية، والغاية منه، انه يقر بوجود القضاء والقدر، لكنه متيقن بانه يعيش في حالة شقاء وشظف عيش ومعاناة مستديمة، بمعنى: انه يريد القول: هل بعد هذا الشقاء، والعناء من مستقر تطمئن اليه النفوس، وترتاح متناسية كل ذلك، ام هناك ما يكدر صفو النفس ويجعلها معذبة يائسة ؟ّ!
والخيام قد يكون هنا في حيرة، ويروم الاجابة المنطقية لسؤاله، وقد يكون: لا، انه على علم ودراية، بأنه الله الذي افاض الوجود، وخلق الخلق، لا يمكن أن يترك الناس كالبهائم وقد اضلت طريقها، ولم تهتدي سواء السبيل.
وهذا التساؤل مطروح الى اليوم في المحافل الفكرية والفلسفية، لكن الاجابة عليه، من قبل المعنيين بالأمر تكون بأجوبة مختلفة، كل بحسب نظرته الفلسفية للوجود، وما يتعلق الامر بالحيثيات المتعلقة بمعرفة الله ووجوده، ام بعدمه، بحسب ما يميل اولئك المنكرين لوجود الله، ومنهم الملحدون، من الماركسية ومن الوجوديين ومن سواهم.
ومع ذلك، فهي نظرة تشاؤمية يطرحها الخيام، فقوله:” إن حانَ حيني ولم يُتحْ لفكري حلّ لُغز القضاء”( والحين هو الموت) يعني اذا جاءني الموت، واستسلمت له، وانا لم ازل في حيرة من امري بحل لغز القضاء، فهي الطامة الكبرى. واذا اخذنا الامر على علاته، فأن قصده في هذا، انه متشكك بالقضاء والقدر، ولا يهتدي الى حله، ولا اعتقد هذا ما يرومه الخيام. ولنا عودة الى نفس الحديث هذا ف مباحث مقبلة، ونحن نخوض في (الله في فكر عمر الخيام).

أحدث المقالات

أحدث المقالات