والجملة تركية وهي كناية عن الشيء المزعج، وتعني اللعنة، ويطلقونها البغداديون على مايزعجهم، ويحكى في هذا ان احد الموظفين الاتراك، عين في العهد العثماني قائمقاما بمدينة الكاظمية، وكان الرجل يحب الشراب ومجالس الانس والطرب، وكل ذلك ممتنع في الكاظمية، باعتبارها مدينة مقدسة، فكرر المطالبة بنقله، حتى اذا صدر امر نقله ، غادر الكاظمية والتفت اليها وهو يقول: (الله بيم بلا ويرسون،نه كرخانه، نه ميخانه)، والكرخانه والميخانه معروفتان.
ويروي عبود الشالجي في كتابه موسوعة الكنايات العامية البغدادية، انه كان بصحبة محمد جعفر الشبيبي في بيروت، وبينما كنا نأكل، واذا بالشبيبي قد تسمرت عيناه باحد شبابيك فندق نيو رويال، ثم يصيح الله بيم بلا ويرسون، ثم يعاود البحلقة، وبعدها يعاود الورسنة، وهكذا ، وتطلعنا واذا بفتاة من الراقصات، قد تجردت من ملابسها، ووقفت عارية ترقص امام المرآة، وكان منظرا لطيفا، والتفتنا الى الجلبي، وقلنا له: اذا كنت مستريحا الى المنظر ، فلماذا البيم بلا ويرسون، واذا لم تكن مستريحا، فلماذا تعاود البحلقة وتطيل النظر؟.
والجماعة يريدون ترك العراق بلا كرخانه ولاميخانه، اما هم فجوازاتهم في جيوبهم، يتناولون الغداء في بيروت والسهرة في لندن، والذي يشك في كلامي ليذهب الى جوازاتهم ويراهم كم يسافرون في الشهر الواحد،هؤلاء سيحولون العراق الى جحيم ليظهروا بمظهر الناسك المتبتل، ويدعون الشعب العراقي ميتا لاحياة فيه، سوى البكاء والانين والموت المستمر والمفخخات، الامراض النفسية تغزو كل الفئات العمرية، وفرص العمل قليلة جدا وربما تكون معدومة، والذي يحصل على وظيفة ليكون بوقا للسلطة والمتنفذين لايعلم كيف يعيش الآخرون، لانه يتسلم مرتبه بالدولار.
المجتمع لايحيا تحت وتيرة واحدة، ومن غير الممكن ان تجمع الناس جميعا على فكرة واحدة حتى وان كانت الفكرة سماوية، والهداية من الله وحتى القرآن قال: انك لاتهدي من احببت، ولكن الله يهدي من يشاء، فما ادراك يا اخي انك على حق والآخرون على ضلالة، رب حانة تحوي من الخمارة المؤمنين اكثر من جامع ينظر باتجاه ذبح الناس وبيعهم في الاسواق (جواري وغلمان)، الايدي الملطخة بالدماء لايمكن لها ان تتوضأ في المساء لتدعو الله ان يغسل عنها دماء الاخرين، مسلسل
القتل والذبح المستمر في العراق يجعل الحانة بريئة ووديعة نسبة لمايقوم به المسجد.
ورب ابنة هوى مؤمنة اكثر من ملتح يقتل باسم الله، ابنة المبغى صاحبة شمس الدين التبريزي اشرف من قتلته، حين نحروه ورموه في بئر مهجورة، الخمار في الحانة الذي نادمه جلال الدين الرومي اشرف من شيخ الجامع الذي يأمر بنحر الناس في صلاة العيد، لايمكن لاحد ان يتكهن بنهاية هذا العالم ويستبيح دماء الآخرين بحجة انه يعرف الحقيقة، الحقيقة التي اعجزت الكثيرين من الفلاسفة والعلماء.
يبقى الفرق كبيرا بين من يؤمن بالانسان ويؤمن بالرب وبين من يؤمن بالرب ويسترخص دماء الانسان، فيدرس في مناهج ازهره للطلبة الابرياء كيفية اكل لحم الكافر، اظن ان هذا اولى بالمنع من سواه، ولا اعتقد ان عاهرا تؤمن بأكل لحوم الآخرين، اتركوا اكل لحوم الناس وشرب دمائهم ومن بعدها تنادوا بالفضيلة، ورددوا بيم بلا ويرسون، والعنوا ماترونه ملائما للّعنة.