قدرنا اننا خلقنا احرار
ليس هناك مشرع سماوي ليعطينا اوامرا شرعية, وليس هناك منطق رياضي نستدل به على مايجب او لا يجب فعله, وليست هناك واجبات علينا تنفيذها, ولايُسيَرُ سلوكنا تاريخنا وتصرفاتنا الماضية. لقد وجدنا انفسنا مرميين في هذا العالم، مخذولين من الأله, مضطرين لاتخاذ قراراتنا بحرية ولامناص لنا مطلقا من تحمل مسؤوليات نتائجها. ” جان بول سارتر”
كتب نيتشه “الاله ميت, نحن قتلناه, كيف يغمض لنا جفن ونحن قتالة قتله؟ من كان الاقدس والاقوى في العالم نزف دمه حتى الموت تحت سكاكيننا, من يمسح الدماء عنا؟”
بعد ان مات الاله تحت سكاكيننا ,كما ادعى نيتشه, مات معه كل ما نسب اليه من قوانين وديانات وقيم سامية, فنجح الانسان الى حد ما في بناء صرح اخلاقي على رماد خرائب القيم الميتافيزقية.
تكمن خطورة تعاليم الاله المختفي خلف الغيوم في كونها اكثر الاسلحة فتكا بالبشر يستعملها الكهنة لتحطيم جماجم الواقفين بطريق تحقيق غاياتهم, لاأحد يستطيع ممارسة قتل بشري شامل الا بمباركة الأله، وتحطيم اهم سلاح دمار شامل لايتم الا في قتل الله الحي القيوم ,كما قتله نيتشه وقومه قبل عشرات السنين, والغاء كل ماصدر منه.
قيم السماء وراء عقلية القطيع وعبودية الفكر, لذا فمقاومة القيم السماوية وبناء نظام قيمي وضعي واجب انساني سامي. بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى, وضعت لنا “القوى الاستعمارية” اسسا لنظم سياسية لاتعتمد تعاليم الالهه, فاسسوا لنا دولا وكنا قبائلا متناحرة ودربوا لنا جيوشاً.
قاد بعدها بعض الضباط “العلمانيين” انقلابات على الحكومات المنتخبة بحجة التحرر من الاستعمار, ثم عندما استووا على العروش أسسوا ديكتاتوريات عائلية. وبدلا من قتل الاله وقيمه السماوية لخلق مجتمع مدني وفق قيم وضعيه سامية كما فعل الغربيون, توسل ديكتاتوريي العلمانية العربية مباركة الله وحاولوا منافسة الكهنة في احتكار تعاليمه, ولم يكن تواطؤهم في ابقاء شبح الله يحوم فوق رؤوسنا يوزع بركاته على اعتى المجرمين كلفهم حياتهم فحسب بل كلفنا نحن الشعوب ويكلفنا حياتنا فيذبح امام اعيننا اهلينا وابناء عموتنا كل يوم قرابينا لله الذي لم يكفه انهار من دماءنا مثلما لم يكف وكلاءه سرقة مليارات الدولارات من قوت اطفالنا.
عاد الغربيون الى قرانا في العراق لاعادة تصدير قيم الأنسان وازالة قيم الله، وثارت الشعوب في بعض بلدان العربان ضد استبداد الانسان وانتهى الاثنان ( العراق والعربان) الى حكم استبداد جديد متمثلا بحكم وكلاء الله المطلق، فما فتئوا يقدموننا وابنائنا قرابينا لآلهتم كلما ظنوا اننا خالفنا تعاليمه بلون او طراز لباس مختلف أو سرحنا شعورنا او لوناها بالوان لم يألفها قصاصو مغامرات أنبيائه.
اذاما ذبحنا الله فاننا لا نجرد المتكسبين بتعاليمه من سلاح الدمار الشامل فحسب، بل نقتل ايضا البطة التي تبيض لهم ذهبا, فلاموت بعد موت الله ولاحياة مع حياته.