الخمرة ربما تسلب العقل، وربما توقظ الشعور، وهذا رجل اراد ان يوقظ مشاعره وينسى عقله، فعاقر الخمرة واستمر على هذا، وهو يسكن مدينة الثورة، مدينة الصدر الحالية، حيث كانت محال بيع الخمور في الثمانينيات والتسعينيات منتشرة هناك.
بعد 2003 صارت الخمرة جرما كبيرا، والسبب معروف، ولكن احدهم ظل يعاقرها نهارا جهارا، فما كان من التيار الصدري في المدينة سوى تأديبه ببعض الكلمات، ومن ثم جرى التأديب بشكل آخر، ولكن الرجل لم ير بدا من الاستمرار بسيرته الاولى، لانها خالطت عقله وانتهى الامر، واستمر هو يشرب، والجماعة يأدبون، الى ان جاء قرار التجميد الذي اعلنه السيد مقتدى الصدر لجيش الامام المهدي، فوجدها صاحبنا فرصة سانحة للثأر لكرامته المجروحة، شرب زجاجة كاملة من العرق العراقي الاصلي، واقبل نحو جماعة من التيار يقفون قريبا من المكتب، وهو يعلم انهم لن يقتربوا منه للتأديب هذه المرة، فقام وتقيأ وصاح باعلى صوته: (اللهم لاشماتهْ).
اما نحن فقضيتنا في العراق تشبه الى حد كبير قضية الثعلب الصغير( الحصيني)، الذي اخبروه بان دجلة انخفضت مياهه، فلم يعرهم اهتماما كبيرا، وقال بسخرية: (هي لطعه، اذا زاد الشط واذا نكص)، اللهم لاشماتة، فقد انخفضت اسعار النفط بشكل جنوني، لكننا مطمئنون اننا سننال اللقمة المغمسة بذل استهتار السياسيين بنا، السياسيون الذين جثموا على صدورنا، فصاروا صخرة سيزيف الازلية ، وكنا من قبل نتأمل ان صدام سيذهب عاجلا ام آجلا، اما هؤلاء، فصار املنا ضعيفا بانقشاعهم عن ارض العراق، ظلوا يسرقون ويسرقون، اما الآن ومع رداءة الحالة الاقتصادية، فسيتسربون ليذهبوا قريبا من اموالهم ومشاريعهم العملاقة خارج العراق.
ستبقى لنا السنين العجاف، ونحن نقبل اذا لم يكن السياسيون معها، سيبيعون آخر برميل ويرحلون، لتبقى لنا لطعة الحصيني، لن يدافعوا عن ثروات العراق، كما انهم لم يدافعوا عن ارضه من قبل، وحطموا اعصابنا بالاقاليم، حتى صار مسعود الها جديدا لايمكن المساس بحضرته، حيث لايمكن لبلد ان يتحمل تهافت هذا العدد من اللصوص عليه، وحتى هؤلاء اللصوص يريدون السرقات السهلة، لايقبل اي منهم
ان يذهب لدول الخليج او منظمة الاوبك، لاقناعها بتخفيض الانتاج وتقليل العرض علّ الطلب يزداد ويستعيد النفط عافيته، اللهم لاشماتة، سينكشف المستور، وستظهر السرقات، بعد ان تشرق الشمس على الحرامية بانخفاض اسعار النفط بشكل يصبح معه البرميل لايساوي كلفة استخراجه.
سيختلف هؤلاء على اللاشيء، فلم يعد ابن البصرة غنيا كما يدعي البعض، ولا ابن الانبار، ولا ابن كردستان، الكل سيكتوي بهبوط الاسعار الذي جاء طعنة اخرى للحكومة العراقية الجديدة التي لم تستوعب الدرس حتى الآن، فجاء مؤتمر اربيل الجديد، الذي سيزهق روح هذه الحكومة كمرحلة اولية للعودة ثانية الى الديكتاتورية التي تروج لها اميركا في تصرفاتها.
لم يبق شيء، البلد لايحتاج الى هؤلاء السياسيين، انها ضربة حظ كبيرة ان يرتقي هؤلاء سلم الحكم ومنصات الاحاديث الجوفاء التي يقومون بها، لو كان العراق قد ادخر شيئا من امواله التي استبيحت في المرحلة السابقة من قبل اللصوص، لاجتاز المحنة ببساطة عالية، لكنه اعلن منذ فترة لاتزيد عن ستة اشهر: ان الاحتياطي النقدي يبلغ لديه 70 مليار دولار، مضافا الى الميزانية، فاين اصبحت اموال الشعب وبأي كرش حطت، ربما بكرش المالكي وربما بكرش مسعود او المطلك او النجيفي، او اياد علاوي، وفي المرحلة المقبلة من اين سيحصل اللصوص على سرقاتهم، اللهم لاشماتة.