القول المنسوب للأمام علي عليه السلام “لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم”، أراه الْيَوْمَ يتلألأ في هذه الأيام التي فجعنا بها باكبر مجزرة عرفها التاريخ وهي مجزرة سبايكر الدموية .
ان استذكار هذه المجزرة تعني استذكار لأكبر نكبة مرت على العراق بل على الانسانية، ورمز من رموز الوحشية التي تعرض لها العراقيون في أولى لحظات سقوط الموصل العزيزة والمحافظات السنية الاخرى بايدي (نغولة) امريكا وإسرائيل وأشقائنا العرب الأعداء.
رغم كل هذا ترى تهافت الاقلام كلا حسب توجه ماسكها، فواحد يذكرنا بالنصر العظيم الذي حققه العبادي (لا غيره)، وآخر يذكرنا بفتوى المرجعية (لا غيرها) ونخوة ولد الملحة الحشد الشعبي ، وآخر يذكرنا بصوره وهو في بزته العسكرية وكيف شارك بهذه المعارك وفق ثقافة (صورني وإني ما ادري)، وآخر يذكرنا بتصريحاته القديمة في مساندة القوات الأمنية وكأنه يذكرنا كيف (من) علينا بهذه المساندة، وآخر يركز ويؤكد وينعش طائفيته كيف ان أهل السنة في هذه المناطق هم من خانوا والشيعة هم من قاتلوا وضحوا بالدماء وآخر يذكرنا بخيانة سياسيين لم يطالهم القانون بل كافئتهم الصفقات بالترشيح للانتخابات … وآخر وآخر .
هل هذا هو الانتصار على داعش الذي خرجنا منه؟ اي انتصار تتحدثون عنه ونحن خرجنا من مجزرة واطلال مدن محطمة والاف المشردين واليتامى والأرامل والامراض الاجتماعية التي خلفتها هذه الحرب التي صنعت من أيدي غيرنا لتحطيمنا؟
اي انتصار تتحدثون عنه والعراق تحول من سيّء الى اسوء، فساد وسرقات وتزوير واموال مبددة وشعب يعيش تحت خط الفقر المدقع وضرائب لم نكن نتصورها من قبل ومؤسسات خالية ومستشفيات ليس فيها أدوية وتعليم متراجع وشحة بالمياه وفقدان الكهرباء وووو الخ.
علينا ان نحزن جميعا بهذه النتيجة التي وصلنا اليها، لان العراق لا يستحق ان يصل لهذه النتيجة مثلما لا يستحق ان يخونه الاقربون والاشقاء الذين ارسلوا اليه (هوايش) داعش.
كان يمكن ان نفرح عندما يستغل ولات امورنا وحكامنا (اقصد الحكومة والكتل السياسية) فرصة طرد داعش لتحسين ما خرب وإعمار ما دمر واستنهاض النفوس المنكوبة والأكباد المفجوعة، كان يمكن ان نفرح عندما نشعر اننا بالفعل نعيش في عراق جديد لا عراق متاخر متخلف عن محيط منطقته، كان يمكن ان نفرح وتقر اعيننا عندما يرد البلد الدين لعوائل شهدائنا الذي قتلوا من اجل ان نعيش نحن لا ان يعانوا من مستنقع الحاجة والعوز الذي يعيشون فيه.
نعم يا اخوان انتصارنا كان نشوة مؤقتة، ضاعت بوسط واقعنا المؤلم الذي نتج وعبرت عنها الاقلام المتطرفة التي تحدثت عنها في بداية كلامي، والتي هلهلت لتوجهها ونست حقيقة عراق الْيَوْمَ ومستقبله المخيف.
فواحدة من النتائج التي خرجنا بها هي النفوس المتطرفة التي ما زالت تستنشق هواء الفساد الفكري الموبوء بالطائفية والانحياز الحزبي، ونسيان النكبة التي ما زالت اثارها لتضاف الى معاناتنا.
نعم ادعو من الله ان يحشركم جميعا مع من تحبون، كما قالها أمير المؤمنين علي بن ابي طالب