23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

اللغة وإشكالية الاتصال الجماهيري

اللغة وإشكالية الاتصال الجماهيري

ان الفهم الصحيح للغة يكمن في وظيفتها الاتصالية ، فهي وسيلة للتفاهم بين الفرد ومحيطه ، وبشيء من التوسع في هذه الوظيفة نلاحظ ان اللغة تقوم اساساً بنقل المعلومات بطريقة ما ، أي انها رسالة بين مُرسِل ومُستقبِل . والرسالة او المُرسلة اما تنتقل صوتاً واما كتابة بواسطة علامات مكتوبة . فاللغة ، وفق هذا ، صورة من صور الاتصال . ثم ان كلمة الاتصال تستلزم توفر عنصري التفكير والتفاهم بين المتكلم والسامع او بين المُرسِل والمتلقي . وهذا التداخل بين التفكير والتفاهم يفترض الاتفاق على الاداة او العلامة . فالانسان يفكر قبل ان يتفاهم مع غيره . وهو يفكر في اثناء اتصاله ، وفي اثناء تفاهمـه ، وهو يفكر بعد تفاهمه مع الغير . وهو بالتالي لا يفكر في الفراغ وانما يفكر بعلامات او رموز ، وهو لابد له من ان يتفق مع غيره على انواع العلاقات والرموز حتى يتحقق التفاهم ويتم الاتصال .
فالسامع يستطيع باللغة وبواسطتها ان يتابع تطور سلسلة من الافكار في ذهن المتكلم وعندئذ لا تبقى للسامع افكار منفردة او اشارات منفردة لافكار يكوّن منها لنفسه صورة مبهمة غامضة لما يجول في ذهن المتكلم . وليتحقق ذلك ، ينبغي ان تعطي العلامة قيمة معينة ، وتربط بمدلول معين . وينبغي ان يتفق الناس على هذه القيمة وعلى ذلك المدلول . وينبغي ان ترابط العلامة ومدلولها بخبرة الانسان ، وبخبرة غيره من الناس . وبفضل ذلك تمكن الانسان من فرض نمط تفاعلي مع الآخرين بشكل ساهم في تكوين المحيط او المجتمع البشري الذي هو في جوهره وجود اتصالي .

اللغة والاعلام … العمليات الاتصالية
 يتطلب فهم العلاقة الوظيفية بين اللغة والاعلام ، استجلاء واقع مكونات العمليات الاتصالية في حاضرنا العربي والشائع في علم الاعلام في هذا الخصوص ان ذلك يتحدد من خلال :
1- منتج المادة الاتصالية – يعتمد مبدأ اتخاذ الاعلام الحديث محوراً لمنظومة المجتمع الحديث ، انطلاقاً من هذا المبدأ عمدت الشركات الاعلامية العملاقة او الشركات عبر القومية ، الى احتكار سوق المستهلك . فهناك اربع وكالات انباء عالمية معروفة بأسم الاربع الكبار تحتكر (80%) من فيض المعلومات .
امـا المنتج العربي فإنه يواجه عصر التكتلات الاعلامية مشتتاً عازفاً عن المشاركة في الموارد ، يعاني ضمور الانتاج ، وشح الابداع ، حتى كاد وهو المرسل بطبيعته ان يصبح نفسه مستقبلاً للاعلام المستورد ليعيد بثه الى جماهيره ، وأوشكت وكالات الانباء لدينا ان تصبح وكالات للوكالات الاربع الكبرى حتى في ما يخص اخبارنا المحلية ، وان نسبة عالية من البرامج التلفزيونية لمعظم مجتمعاتنا العربية يتم استيرادها من الولايات المتحدة وانكلترا وفرنسا .
2- مضمون هذه المادة – تشكل هذه النقطة اعلى انواع الاحتكار واشدها خطراً على المتلقي ، ويشمل هذا المحتوى / المضمون ، حقلاً واسعاً من المعلومات … سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ، او ما يمكن ادراجه في بعدين اساسيين :-
اولهما يتعلق بالاتجاهات والقيم وانماط السلوك .
وثانيهما يتعلق بإنماط التنظيم والانتاج والاستهلاك .
3- وتكمن خطورة المضمون او المُرسِلة عبر وسائط الاعلام ، من مصدر منتج غربي الى مجتمعاتنا في مقصد هذا المضمون وظروف تكيّفه . فالمضمون هو نص لغوي في الاساس ولا يتم انتاجه الا بتوفر عناصر تكوينه ، أي الحدث والموقف والمُرسل .
وتزداد الخطورة في النص او المضمون التوجيهي الذي يرافق الخبر ويحلله او ما يبث في المضامين الفكرية ، والنصوص الثقافية ، او تلك النصوص التي تحتمل التحريف عند امتصاص خطاب الآخر وادائه بطريقة غير حرفية مما يتطلب من المنتج او المُرسل هنا اعادة صياغة الكلام بإيجاز او بإقتطاع بعض اجزائه ، مما يعني انه قد اختار استخدام لغته هو واعادة صياغة خطاب غيره ، مما يتيح الفرصة لتمثيل موقفه الخاص عبر الشفرة (Gode ) اللغوية التي يستخدمها على مستوى التعبير الذي ينم عنها اكثر مما يدل على المحتوى المنقول .
4- لمن توجه ؟ – تتضمن هذه النقطة الجمهور المتلقي / المُرسِل اليه للرسائل الاعلامية والسوسيو- ثقافية . والمفهوم السائد في الاعلام العربي في هذا الخصوص ، ان المتلقي العربي يستقبل ما يوجهه اليه المرسل بمعزل عن التفاعل معه او التواصل . وبغياب التواصل بمعناه الواسع الذي يتجاوز ابلاغ الرسائل الى مهام التعليم والتعلم والترفيه واسترجاع المعلومــات ، والتحاور والتسامر من خلال النقاش وعقد المؤتمرات عن بعد … اقول : بغياب ذلك كله يبقى المتلقي العربي رهن توجهات المُرسِل وسياسته الاعلامية .
لـذا فإن الضرورة تحتم اجراء تعديلات جوهرية على صعيد محورية المتلقي سواء من حيث انتاج السلع الاعلامية المتميزة القادرة على المنافسة او من حيث التنظيم او اسلوب الادارة والتسجيل ، والا بقي المتلقي العربي امام احادية الخيار ، أي اقتناء السلعة الثقافية من الخارج .
5- بأية وسيلة اتصالية يتم ارسال هذا المضمون ؟ – هذه النقطة تختص بالقنوات التي يتم عبرها ارسال المضامين الاعلامية على تنوعها ، تلك التي تسهم في تشكيل الانماط الاستهلاكية . وهنا يلعب التلفزيون والاذاعة دوراً رئيسياً ، وتليهما الصحف والمجلات المهنية والكتب ووكالات الانباء ….
6- ما هـي التأثيرات التي يحدثها هذا المضمون في الجمهور المتلقي ؟ – تتعلق هذه النقطة ، بالتأثيرات التي تحدثها الرسائل الاجتماعية والثقافية لدى الجماهير المتلقية من مجتمعنا عبر الاعلانات من المواد الاعلامية والاتصالية ، سواء تلك المنشورة في الصحف او المذاعة والمعروضة في كل من الاذاعة والتلفزيون . ولعل التأثير الاساسي يتمثل في مدى استيعاب المجتمعات العربية المتلقية ، الاستثمارات الاجتماعية والثقافية  المرتبطة بالدول والشركات الرأسمالية المنتجة للمحتوى الاعلامي والتي تؤدي الى حدوث تغيير في الاتجاهات الاجتماعية والثقافية لمواطني الوطن العربي ازاء الصورة الاجتماعية والثقافية للدول الرأسمالية المتقدمة .
الجديـر ذكره هنـا ، ان تأثيرات الاعلام المسموع / المرئي ، بلغت حداً فاعلاً في تكريس ثقافة الصورة . ويظهر عدد من الباحثين الآثار المترتبة على الادمان على الصورة ، من ذلك مثلاً ان هناك علاقة بين كثرة مشاهدة العنف في التلفزيون وقابلية ممارسة العنف في الواقع .

اللغة والنص الاعلامي
على الرغــم من التحدي العصري الذي تواجهه الصحافة بفعل تأثير الاعلام المرئي / المسموع وانتشاره بين الناس ، فإن الصحيفة اليومية مازالت تعد من اهم ظواهر الحياة الثقافية الحديثة . ومازالت تمتلك الحق في انتزاع اهتمامنا وفضولنا الثقافي . فالصحيفة الى جانب وظيفتها التقليدية في نقل الخبر بالكلمة والصورة وتحليل الخبر والتعليق عليه تجعل من عنصر الرأي والتفسير والتوجيه والتلميح والنقد أمراً جوهرياً يمس المواطنين في حياتهم سياسياً واجتماعياً وثقافياً . وتاسيساً على ذلك تغدو وظائف الصحيفة اليومية الحديثة بما اتاح لها النص بالكلمة المطبوعة ، ربما يقدمه المحللون السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون والرياضيون … من معالجات لآثار العصر على صفحات الصحيفة ويتحولون من ثم الى وسطاء بين الفكر وجمهور القراء ، مما يجعل الصحيفة على اختلاف توجهاتها واختصاصها ، شأناً ثقافياً بأمتياز ووسيلة اتصال جماعية من الدرجة الاولى .
واذ تعتمد الصحيفة من حيث التعبير على اللغة بشكل رئيسي لتحقيق وظيفتها الاتصالية ، فإن مسؤولية اللغة وفق هذا تتعاظم من جراء ما تتطلبه هذه الوسيلة الاتصالية من حيث شروط لغة النص (المُرسل) والشروط اللغوية الواجب توفرها في المُرسِل ( الكاتب ، المحرر ، المعلق….) وكذلك ظروف المتلقي (المُرسِل اليه) .
وهنا لابد من الاشارة ، الى الدور الوظيفي الذي انجزته الصحافة والاذاعة على صعيد اللغة ، فقد تمثل في ذلك الانجاز المتمثل بتلخيص النثر العربي من اساليب علقت به طيلة قرون عدة من عنصر الانحطاط واستمرت حتى عصر النهضة . فالتعبير أخذ يتحرر تدريجياً من الزخارف اللفظية كالسجع والطباق وحل بدلاً من ذلك الاسلوب المرسل ، السهل ، السريع ، الذي يحرص على المادة الفكرية والعاطفية والتعبير عنها ، وبشكل متنام متفاعل مع نمو وعي القارىء المتلقي ، وبفضل التعليم والثقافة الاعلامية الاذاعية انتجت لغة الصحافة اسلوباً جمع بين البساطة والجمال وسرعة الاداء والتعبير ، وهو ماانعكس ايجابياً على تقليص الفجوة التي سادت قروناً عدة بين الفصحى والعاميات .
في الوقت نفسه ، اسهمت الكتابة الصحفية في توسيع اللغة المهنية ذات الطابع التقني ، وذلك بإعتماد لغة الاقناع عن طريق ايراد المعلومات المعززة بالاحصاءات والبيانات ، لكن المقلق ، ان هذا الانتشار الواسع للغة الصحافة ومارافقه من نجاح ثقافي لم يقترن بدراسات علمية تتناول لغة الصحافة وتحدد خصائصها وتعمل على وضع معجم مهني خاص بها يحصد المفردات والاساليب الأكثر استعمالاً والاقل استعمالاً ، كما لم يعمل المختصون من لغويين واعلاميين على صناعة معاجم ثنائية متطورة تتضمن المستجد من مفردات الاعلام في اللغات الاجنبية الأكثر انتشاراً في عالم الصحافة ، وتتضمن انواع الاساليب المعتمدة حديثاً في أرقى الصحف العالمية .

لغة النص الاذاعي / التلفزيوني
تعود اهمية الاذاعة والتلفزيون بأعتبارهما وسيلتي اتصال فعال بالجماهير ، الى ما يتاح لهما من انتاج خاص بهما والى كونهما جهازي نشر لبعض ما تنتجه وسائل الاتصال الأخرى التي يتلائم نشاطها مع نشاطهما ، كالسينما والمسرح والمحاضرات والمقابلات واللقاء بالناس في عملهم وتجوالهم ونزهاتهم وما الى ذلك .
وتتصل هاتان الوسيلتان اتصالاً وثيقاً بالثقافة التي تنتقل عن طريق الصوت والصورة المقترنة بالصوت ، الى قطاعات كبيرة من المجتمع فيترك بثهما اعمق الأثر في نفس السامع والمشاهد ، ويحقق جاذبية خاصة وقدرة عالية على الاقناع ، يرجع بعضها الى سهولة ادراك الرسالة المبثوثة والانفعال بها . ويزيد من هذه الجاذبية والقدرة ، احساس السامع والمشاهد بأنعدام عنصر الزمن بين عنصر بث الرسالة وتلقيه لها ، ويحيل عملية التلقي الى عملية من المشاركة الوجدانية العميقة .
مـن هنا ، تبدو ظاهرة الازدواجية في استعمال اللغة مسألة اساسية في البث او الانتاج الاذاعي والتلفزيوني ، ويختلف التعاطي مع المستوى اللغوي بأختلاف المواد والبرامج من حيث اهدافها وتنوعها وتقسيماتها الادارية ، فلغة البث في المواد السياسية ونشرات الاخبار والتعليقات والبرامج التي تحقق الهدف الاعلامي الموجه تكون بالفصحى ، ان كان ذلك في المحطات الرسمية او الخاصة ، ويلي ذلك لغة المواد الثقافية التي تحقق هدف التثقيف ، فهي في الغالب لغة ثالثة تجنح الى الفصحى الميسرة ، اما لغة المواد الدرامية والمنوعات ونقل البرامج الرياضية والمسابقات والالعاب وسائر مواد الثقافة الشعبية ، فغالباً ما تكون بالعامية .
يقودنا ذلك ، الى حاجة الاعلام بمختلف وسائطه الى ما يمكن تسميته بـ (معاجم المهن) او (معاجم الاختصاص) . فالنص على تنوعه من مسموع او مقروء او مرئي ، وعلى مختلف مضامينه يتطلب توفر العودة الى معجم مجمل اللغة الخاصة ، ويتضمن التنوعات اللغوية التي يستعملها المتخصصون كل في مهنته في كتاباتهم في الحقول الموضوعية المختلفة ، كما هو الحال في اللغة التي تكتب فيها مادة الفيزياء او الطب او الجيولوجيا …. لذا تدعو الضرورة الى انتاج معجم يخدم الاعلام اللغوي قوامه الالفاظ الأكثر وروداً في الاستعمال الاعلامي ولاسيما الصحافة والاذاعة والتلفزيون ، وتستدعي المنفعة العلمية في هذا المعجم ان ترتب الالفاظ الواردة فيه ترتيباً الف بائياً ثم ترتيباً بحسب الحقول الدلالية ، ثم قوائم تشير الى نسبة تواتر الالفاظ في استخدام الاعلاميين وفق ما تعطيه احصاءات تواتر الكلمات صعوداً او تنازلاً .

ثنائية الفصحى / العامية
تعتبر ثنائية الفصحى / العامية من ابرز ملامح العلاقة بين العربية وفئات مستخدميها فما زال طيف الاستخدام اللغوي موزعاً بين الفصحى والفصيحة واللغة المشتركة او الثالثة ، والعاميات على اختلاف مستوياتها وخصائصها في الوطن العربي ، ومن خلال تفاعل هذه المستويات اللغوية تنتج مستوى لغوي ، لغة الاتصال بالجماهير ، وهي التي نمت وتطورت خلال سنوات طويلة في حقل الصحافة ثم آزرتها وسائل الاتصال السمعي والمرئي بالجماهيـر الأكثر حداثه ، وهي الاذاعة والسينما والتلفزيون .
وهذا المستوى اللغوي يرفض بطبيعته الجديدة المتغيرة الواسعة الانتشار ان يكون حبيس لغة التراث وليس من الممكن بطبيعة فاعليته ومدى انتشاره ، ان يكون لغة متخصصة للعلم والحضارة ، ثم هو يختلف كثيراً عن لغة الادب والفن ، لكنه ليس مقطوع الصلة تماماً بهذه النماذج الثلاثة من التعبير اللغوي ، فهو يأخذ من كل منها ، ويصنع من هذه الحصيلة المشتركة شيئاً جديداً يحمل ملامح التمايز والاختلاف ، ويقرب بدوره من وجدان الجماهير وتعاملهم اليومي مع الحياة .
الخلاصــــــــة
يقضي الوعي بما يجابه الوطن واللغة من اخطار ، ان نحدد طبيعة علاقتنا باللغة ، فنحن كثيراً ما نجانب جادة الصواب والموضوعية العلمية ، حين نقع في ردة الفعل ، فنحب العربية حباً صوفياً ونبالغ اذ نرى لغة فريدة العبقرية .
ان هذا المنحى العاطفي بتأثير من الدين والقومية لا يخدم العربية المعاصرة في صراعها مع قضايا الاعلام ، بل الذي يخدم لغتنا في هذا الصدد ، هو ان نحدد مناحي القصور ونمتلك الشجاعة بالاعتراف ، فنقول ان لغتنا نجحت في العصر العباسي بفعل مؤثرين :
الغلبة للدولة ، وقدرة اللاغي ( منظر لغوي ) على الاجتهاد ، فأفاد من خصائص اللغة ولاسيما القياس والاشتقاق فأبدع وبرع في استخدام اللغة واثرى امكاناتها الواسعة في صوغ الالفاظ للمدلولات الحضارية المستجدة ، وان الموضوعية في تحليل الواقع اللغوي الاعلامي يدفعنا الى القول : ان مقياس انتشار اللغة العربية او تداولها لا يقوم على عدد المتكلمين بها او زيادة عددهم بقدر ما يقوم على رصد الوظائف التي تقوم بها العربية في هذا الخصوص وتحديداً مجالات الاتصال التي يتحدث بها فيها ولأي اغراض وبأي مستوى من الكفاءة .
المراجـــع

1- حافظ اسماعيل علوي ..(وآخ) – اللسان العربي واشكالية التلقي ، ط2 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2007 .
2- رياض زكي قاسم – اللغة والاعلام ، بحث في العلاقة التبادلية ، مجلة المستقبل العربي (بيروت) ، العدد 324 (شباط / 2006) .
3- عواطف عبد الرحمن – قضايا التبعية الاعلامية والثقافية في العالم الثالث ، سلسلة عالم المعرفة (الكويت) ، العدد 78 (1984) .
4- مجلة اللسان العربي ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / مكتب تنسيق التعريب ، العدد 33 (كانون الاول / 1989) .

[email protected]