ُوّلدُ اللغة معان ضمن إستخدامها اليومي والمألوف وهذه المعاني تقع ضمن القصد المباشر وأنسيابية الكلام فهي معان متوارثة لايمكن أن يرمز لها بغير مدلولاتها المعروفة وبالتالي فأن نقلها للغة الشعرية يتطلب تصورها ببدائل أخرى تكون قابلة للإمساك بالمعنى العام من جهة وبالمعنى المستحدث من معناها من جهة أخرى فتلك المعاني من المعاني التي تحسن سلوكها كما يقول عنها أليوت فالكلمات التي تنتج المعاني التي ذكرناها تقع ضمن تاريخية معينة أي تاريخية تكرار إستخدامها ويكون إلتقاط خيالها السمعي محددا بما أنتجت من وقائع:
(حوادث –
أماكن –
أسماء-
تواريخ مقترنة بفعل مؤرخ )
ولذلك فهيَ ضمن اللغة السليمة التي تتقدم نحو موضوعاتها بدلالات معلومة كونها بالوصف العام تشكل لغة إستذكارية وتكون معانيها معان جاهزة تحافظ على حد معين من الأحاسيس وتتناسب مع الزمن تناسبا عكسيا لكنها تحافظ بمستوى مقبول على إيقاعها وبما أنها وكما ذكرنا لغة تذكُرية فأنها تعمل بحاسة واحدة وبالمقابل فأن هناك لغة تخلق معان عبر إكتمال التعبير من منظومة الحواس المشتركة وهي لغة تحولية لاتستند على معان موروثة ومقيدة وهي دائما كي تصل جوهرها ترى نقصا في جوهرها وتسعى لأستكماله من أن الوجود لايعني وجود دوافع وهي بالتالي تفتح مجالها أمام الألغاز للوصول للصور الغيبية التي تتوالد قدراتها الدلالية المختلفة كلما سما المتلقي بأحاسيسه عبر مؤثراتها البصرية والسمعية والحركية ، أن عناصرالتأثير لدى اللغة ذات الحواس الجمعية عناصر لاتتجزأ وتعبيراتها المكثفة رغم كثافتها تتميز بالوصف الدقيق رغم الإبهامية والتحولات السريعة والمتشعبة وأحيانا يقابل ذلك سخريتها تجاه محاولتها عرض اللامجدي لتحديث إنتباه المتلقي لشحنة بدفعات نحو الذروة المؤلمة وهي بذلك لاتضع لعملية التدبير والتقدير في قوتها الإنفجارية مادامت قدرتها الإنفاقية من العوامل النفسية لاتتصل بحد ولاتزول بقصدها لمعنى ما فالشاعر هنا وجد حريته في مجاله التأملي وحقق متعته من عثوره على القوى السحرية التي تقطع الطريق أمام المعنى الدخيل والطارئ.