مخطأ و ساذج من يعتقد بأن أصول و قواعد لعبة التدخل للنظام الايراني سيطرأ عليها تغيير کبير او نوعي بعد أن يغيب عنها الثنائي(المالکي ـ سليماني)، لأن الدور و النفوذ الايراني بعد الاحتلال الامريکي للعراق، صار أکبر و أوسع من أن يتم ربطه بتغيير وجه او وجوه، حيث ان النظام الايراني قد بنى على هذا النفوذ او عقد عليه الکثير من الامور و الآمال.
المشهد العراقي بعد سقوط الموصل و الآثار و التداعيات و النتائج التي نجمت عنها، صار في حاجة ماسة لکي تعيد النظر مختلف الاطراف العراقية و الاقليـمية و الدولية في حساباتها بشأن هذا البلد، ولکون النظام الايراني من أکثر الدول نفوذا و دورا و حضورا و تأثيرا في العراق، فإنه معني قبل غيره بهذا الامر، ولذلك فقد عمل الى تغيير آلية العمل و ليس الاستراتيجية المعمول بها اساسا، ذلك ان تغيير الاستراتيجية سواء کان لصالح النظام أو ضده، فهو سينقلب عليه وبالا في هذه المرحلة الحساسة، ولذلك فإنه”أي النظام الايراني”يريد أن يلعب وفق القواعد و الاصول التي تعارف الجميع عليها و قبل بها وان کان ذلك على مضض.
فشل تحالف المالکي ـ سليماني في إحراز الاهداف و الغايات التي کان النظام الايراني يطمح إليها، وإصطدامها بأکثر من معوق و حاجز، الفشل الکبير الذي لحق بهما في إدارة و توجيه ملف المحافظات السنية و رفض المجتمع الدولي لذلك الاسلوب و صدور مواقف دولية صريحة ضدها، و الموقف الدولي غير المساند و الداعم للمالکي بعد سقوط الموصل، أعطت طهران أکثر من إشارة ذات مغزى، من أنه لم يعد مقبولا التجاوز و المضي أکثر من ذلك، وماأزعج النظام کثيرا أن کل المحاولات المختلفة التي بذلها سليماني من أجل إبقاء المالکي قد فشلت تماما والذي أزعجهم أکثر أن هذا الرفض قد کان على مستويات عراقية ـ إقليمية ـ دولية، ولذلك فقد صارت هنالك أکثر من ملاحظة على اداء هذا الثنائي و تطلب الامر العمل على تغييرهما و في نفس الوقت تغيير آلية العمل التي کانوا يعملون في ضوئها.
بروز علي شمخاني”ذو الاصول العربية”، و جعله الامين العام لمجلس الامن القومي التابع للنظام، و الزيارة التي قام بها للعراق مؤخرا و التي تم خلالها حسم قضية تنحي المالکي حيث أطلق رصاصة الرحمة على آمال و طموحات المالکي للولاية الثالثة، أکدت إيرانيا و حتى عراقيا تراجع و أفول دور سليماني في العراق، لکن الملفت للنظر أن شمخاني و عقب إبلاغه العراقيين موافقة النظام على تنحي المالکي، قدم في مقابل ذلك طلبا مستعجلا تضمن تشديد الحصار المفروض على اللاجئين الايرانيين، وهو ماقد تم العمل به منذ أکثر من أسبوعين حيث تم قطع الوقود عنهم و الذي أدى بفعل إنتهاء مخزونهم من الوقود الى توقف
مولدة ضخ المياه الى ليبرتي عن العمل وهو ماأوقف ضخ الماء للمخيم، مع تشديد ملفت للنظر في الجانب الطبي و الدوائي، ويبدو أن شمخاني قد إنتقى بعناية او طلب له من العراقيين بعد الموافقة على تنحية المالکي، وهو طلب يتضمن الکثير من المعاني أهمها أن النظام لايزال يريد إنهاء و تصفية ملف المعارضين الايرانيين المتواجدين في العراق و عدم السماح لهم بأن يستفادوا من أي تغيير محتمل في العراق، بطبيعة الحال هذا قبل أن يباشر حسين همداني بمهام عمله کمسؤول عن الملف العراقي الذي يجب أن نعرف جيدا بأنه کان مهندس إنشاء الميليشيات العراقية و السورية و وضع برامج عملها، ولذلك فإن عقد الآمال على هذا التغيير هو لايحتاج أن نقول سابق لأوانه لأنه معروف سلفا، لکن الانظار تتجه الى حيدر العبادي و الاسلوب و الطريقة التي يتعامل بها مع النفوذ الايراني، وهل بإمکانه أن يحقق المعجزة بفرض حالة إستقلالية للعراق؟