23 ديسمبر، 2024 4:15 ص

اللطيفية بريئة من دم الكهرباء

اللطيفية بريئة من دم الكهرباء

عُقد مؤتمر تسريع قدرات الوزارات الساندة في بناية مجلس الوزراء شهر مايس عام 2007 ونظمته مستشارية الامن الوطني وكان الغرض منه كما هو واضح من اسمه (تسريع قدرات الوزارات الساندة) للوزارتي الدفاع والداخلية وأستمر المؤتمر لمدة ثلاث أيام . وقد حضر المؤتمر ممثلين من وزارة النفط والكهرباء والنقل والدفاع والداخلية والصحة وممثل ( قاض) من مجلس القضاء الاعلى و(مدع عام) أضافة لممثل من مستشارية الامن الوطني التي نظمت هذا المؤتمر. هدف المؤتمر معرفة المشاكل والمعوقات التي تعيق عمل الوزارت الامنية من أجل تقديم أفضل أسناد ودعم للوزارات الامنية ( وزارتي الدفاع والداخلية). فتلك الوزارتين بحاجة لخدمات وزارة النفط مثلا من جهة تجهيز الوقود وبحاجة الى خدمات وزارة الكهرباء وهكذا. وهيئة النزاهة طبعا ليس لها اي دور في ما ذًكر لكن وزارة الدفاع بعد قيامنا بفتح تحقيق موسع بقضايا الفساد للعامي 2004 و2005 وصدور أوامر قبض بحق كبار مسؤولي الوزارة وقد هرب معظمهم بعد تركه للوظيفة. شعر المسؤولين الجدد ان عمل هيئة النزاهة يعطل عملهم. وبأعتباري انا الشخص المسؤول عن التحقيق لقضايا وزارة الدفاع وجهت الدعوة لهيئة النزاهة للحضور على أن أحضر أنا شخصيا. وعند وصولي الى القاعة وجدت بعض ممثلي الوزارة الذين حضروا قبلي قد جلسوا على طاولة مُستديرة. وحضر ايضا مستشارين أجانب للوزارات المذكورة مع مترجميهم. ولفت انتباهي ان ممثل وزراة الكهرباء كان بهيئة لاتليق بموظف كبير ( درجة مدير عام )وهو يحضر مؤتمر مهم. حيث لم يحلق لحيته ولم يرتب ملابسه بشكل مناسب.

في البداية تحدث ممثل وزارة ادفاع وعن المشاكل التي يعاني منها الجيش بسبب عدم تجهيز معسكرات الجيش بالكهرباء وعدم تجهيزالوقود بشكال كاف من قبل وزارة النفط وعدم وصول شحنات السلاح والتجهيزات عبر القطار بالوقت المحدد بسبب تقصير وزارة النقل. كما أن وزارة الصحة لم ترسل أدوية ومستلزمات صحية للجيش لمعالجة الجرحى. وأول من رد على ماطرحه ممثل وزارة الدفاع هو ممثل وزارة الكهرباء فقال ان أسلاك الضغط العالي المارة بمنطقة اللطيفية تتعرض لاعمال ارهابية وما يعيق تزويد الجيش بالكهرباء المولدة من محطة المسيب الحرارية والتي تقع جنوب منطقة اللطيفية التي تفصل المحطة عن بغداد. ولايوجد ( حسب رأيه) أي تقصيرمن جانب وزارة الكهرباء فعلى الجيش أن يؤمن منطقة اللطيفية اذا اراد ان استمرارية الكهرباء لمعسكراته. اضافة الى أن محطات الكهرباء تعاني من نقص امدادات الوقود حيث لم تقم وزارة النفط بتزويد المحطات بالوقود الكافي وهي مسؤولية وزارة النفط.

جاء دور ممثل وزارة النفط الذي قال ان وزارة النفط غير مقصرة في مسألة انتاج الوقود وتزويد الوقود الى وزارتي الكهرباء والدفاع. لكن طريق شاحنات الوقود يمر بمنطقة اللطيفية وهي منطقة غير مسيطر عليها من قبل الحكومة فتتعرض الشحنات الى التفجير وييتعرض السائقون الى الخطف والقتل وذكر أرقام لاعداد السائقين الذين قتلوا والذين خطفوا وأعداد الشاحنات التي احترقت. وقد حاولت وزارة النفط أن تجد حلول بديلة ( والكلام لممثل وزارة النفط) أن تنقل المنتجات النفطية عبر القطار التابع لوزارة النقل لكن الاخيرة تلكأت في ايصال الوقود الى الجيش ولمحطات الوقود في الوقت المحدد. تكلم ممثل وزارة النقل

وقال أن القطار قادر على أن يلبي حاجة الوزارات بنقل ما تحتاجه ضمن المناطق التي يمر بها لكن سكة القطار يمر في منطقة اللطيفية ويتعرض القطار الى هجمات ارهابية مما ادى الى اوقف يسر القطار. فعلى وزارة الدفاع ان تؤمن حماية المنطقة التي يمر بها القطار اذا ارادت ان تحصل على ما تريده في الوقت المناسب.

أنتهى المؤتمر في اليوم الاول حيث غادرت بعد حوالي ثلاث ساعات من النقاش العقيم وعديم الجدوى . وشعرت بالاحباط الشديد بسبب ماسمعته من تبريرات واهية قدمها ممثلي الوزارات حيث يتبادلون الاتهامات بالقصور فيما بينهم ومشكلتهم الرئيسية هي ناحية اللطيفية التي لا تتعدى مساحتها عن عشرة كيلومترات مربعة هم مثل الذي يدور في حلقة مفرغة حيث وضوعوا اللطيفية شماعة لتقصيرهم. أن الجيش والشرطة البالغ تعدادهما أكثر من مليوني منتسب كما تساندهم قوات من التحالف الدولي واستخبارتهم لايستطيعون السيطرة على عشرة كيلومترات يمر خلالها الشارع الرئيسي بغداد حلة واسلاك الضغط العالي لنقل الكهرباء وسكة الحديد بغداد البصرة امر لايصدق . تذكرت حينها كيف كان الجيش العراقي في الثمانيات وشرطة الحدود كانت تحمي فقط مع ايران ما يقارب الف وخمسمائة كيلو متر وضمنها مناطق وعرة ان لم اقل اكثرها مناطق وعرة تضم جبال شاهقة ووديان وأهوار. وقلت في نفسي أن الدولة العراقية لن تقم لها قائمة بوجود أمثال هؤلاء المسؤولين الذين التقيتهم في المؤتمر. وقلت في نفسي أن الذي لا يحلق لحيته ويرتب هندامه كيف يقود وزارة مثل وزارة الكهرباء في ظروف الحرب الاستثنائية.