18 ديسمبر، 2024 11:46 م

اللصوص بين الأمس واليوم

اللصوص بين الأمس واليوم

جريمة السرقة مُرّة المذاق، تجرّدُ الناس من أموالهم وتسلبهُم حقوقهم، في تحدٍ صريح لقواعد الأخلاق ، فضلاً عن حرمتها الدينية، وفظاعة دلالاتها السلبية نفسياً واجتماعياً …
انها من ابرز مظاهر العدوان لاسيما حين تمارس بحق الفقراء والمستضعفين .
ان لصوص الأمس كانوا أشرف من لصوص اليوم بكثير …
لقد بقيتْ في نفوسهم حُرمةٌ (للملح) ولمقتضيات (المروءة) …
أمّا لصوص اليوم فهم في تنكر تام لكل القيم والحرمات، فهم مصاصو دماء بلا هوادة ودون رحمة وبِلا خجل أو وجل ..!!
ويكفينا ان نورد عن لصوص الأمس، قصتين ذكرها الدكتور علي الوردي في كتابه (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) ص 362 :
الأولى ، قال عنها :
{ لايزال اهل المدن يتداولونها ويلهجون بذكرها …
يحكى عن أحدهم مثلاً :
أنه سطا على بيتٍ ذاتَ ليلة ،وغفل عن نفسه أثناء السطو ، فذاق شيئاً من الملح .
ولما أدرك طبيعة ما فَعَلَ ترك البيت دون ان يسرق منه شيئاً }
ويعلق على القصة بالقول :
( انه صار مرتبطاً مع أهل البيت بحق (الزاد والملح) ،
ولا يجوز اذن ان يعتدي عليهم أو يسرقهم ،
وربما أصبح من الواجب عليه ان يكون حامياً )
أقول :
أما لصوص اليوم : فلا الزاد والملح ، ولا الأيادي البيضاء ، ولا العلاقة العميقة والروابط التاريخية ، تمنَعُهم من اجتراح السرقة بحق أخوانهم ومَنْ منحوهم الثقة ، وأوصلوهم الى المواضع التي هم فيها ….
واما الثانية :
فقد قال عنها :
{ وهناك قصة أخرى من هذا الطراز، طالما سمعتُ أبناء الجيل الماضي يلهجون بها ،
وهي ان جماعة من اللصوص سطوا ذات ليلة على بيت ،
وأخذوا يجمعون منه الأواني وبعض الأثاث ،
فأحسّتْ بهم أم البيت وهي خائفة فأيقظت ولدها قائلة له :
(قُمْ ساعد أخوالك)
وسمع رئيس اللصوص قولها فأمر أصحابه بترك ما سرقوا ،
انهم صاروا في نَظَرِهِ أخوةً للمرأة وأخوالاً لولدها ،
وليس من الجائز في شرعة النخوة والرجولة، ان ينهب الرجل أخته وأبناء اخته }
اقول :
ان لصوص اليوم لاشرعة لهم، الا التسابق المحموم على نهب ثروات الشعب، وليكن بعد ذلك ما يكون ..!!
واذا أصيب القومُ في أخلاقهم
                       فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا
واذا كان لصوص الأمس يسرقون (الأواني) و(بعض الأثاث) فان لصوص اليوم لايكتفون بالملايين من الدولارات ….!! يختلسونها حراماً ، ليشتروا بها أضخم البنايات في الخارج، ويتركون لصبيانهم مهمات التصرف بها..!!
وفق نزاتهم وشهواتهم …
انهم يحسبون ان الشعب في غفلة عما يصنعون …، ولا يدرون أنهم سيدفعون الثمن قريباً، فقد قرب الموعد .
ولا يسوغ لكل الوطنيين المخلصين في الحاضر والمستقبل ، ان يكفوا عن ملاحقة الناهبين لثروات العراق، ممن لاذمة لهم ولا دين .
(وسيعلم الذين ظلموا ايّ منقلب ينقلبون )
[email protected]