23 ديسمبر، 2024 9:18 م

اللذائذ الحسيّة ، كلذّة الجنس والمال ، معروفة لدى الناس جميعاً …، وهي التي تستهويهم وتشدهم اليها في الغالب .
والاختلاف الوحيد بينهم هو الاختلاف في الدرجة …!!
فقد تتصاعد حدّة الشهوة الجنسية عند البعض الى درجة الشَبَق ..!!
وقد تبلغ درجة حب المال عند البعض حدّ العبادة ..!!
أما اللذائذ المعنوية فانها غالباً ما تكون منسيّة عندهم ، مع أنها في الحقيقة لاتحتاج الى مؤونة زائدة ، وبمقدور كل الناس – فقيرهم وغنيهم ، كبيرهم وصغيرهم ، رجالهم ونسائهم – ان ينعموا ببركاتها في الدنيا والاخرة …
أمثلة :
انك حين تمسحُ على رأس يتيم – وما أكثر يتامانا – تريد بها ادخال السرور على قلبه، وتداعبه بألفاظ المحبة والحنان ، فتقرأ في عينه الفرحة، وتلمح على شفتيه، البسمة يُداخِلُكَ من ذلك شعور غامر بالنشوة والالتذاذ.
انها اللذة المعنوية الحلوة التي تعكس الانسانية ، وتعبّر عن المروءة والخلق الكريم .
وحين يَفْزَعُ اليك أخٌ من إخوانك مستنجداً ، يطلب منك ان تهّب لمساعدته في قضاء حاجةٍ له ، فتستجيب له على الفور، وتنطلق قاصداً قضاءها، وتوّفق لحسمها ايجابيّا لصالحه، لاتكون أقلّ فرحاً منه بقضائها …
وهذا الشعور النبيل يملأ نفسك بالرضا والارتياح، ويغمرها بفيض من الأحاسيس العذبة التي قد لاتجد لها نظيراً في لذائذك الماديّة ..
ان هذا الشعور النبيل ، متى ما تأصّل فيك، يمكن ان يوصلك الى قمم سامقة من السمّو والرفعة، في كل المعايير الانسانية والاجتماعية والحضارية،ويجعلك “المشروع الواعد” الذي يمشي بِقَدَميْن ناشراً عطره وعبقه وأريجه .
وأريد الآن أن أقص عليك حكاية وقعت قبل أيام ، فهزتني وفرحت بها كثيراً…..
اتصل بي ظهر يوم السبت 7/12/2013 أحد الاحبة وقال لي :
افتح التلفزيون وشاهد قناة (العراقية)
قلت :
ماذا جرى ؟
قال :
ان القناة عرضت أحد روّاد (شارع المتنبي) وهو يحمل ثلاثةً من كتبك :
من التاريخ الى الجغرافية ،
وأمام مرآة الحقيقة ،
ونقاط على الحروف ،
ويُبدي ارتياحه وأنسه البالغ باقتنائها وشرائها …
ولا أريد ان أذكر ما قاله من كلمات المديح والثناء …
ان اقباله على (كُتُبي) بمثل هذه اللهفة ، جَعَلَني أشعرُ بلون من الانتعاش الذي لاتوازيه اللذاذات المادية …
إنّ الكتاب – هو مرأة تعكس روحك وأفكارك ومشاريعك الإصلاحية …. فاذا ما تلقَفَتْهُ الأيدي ، كان ذلك ايذانا ببداية تأثيراته ، وانتشار أشعته …
وفي مساء اليوم المذكور نفسه ، انتُقِيَتْ مقالتنا (الأحساس بالآخر) من بين (ماكُتب في الصحافة) وقَرَأَتْها قناة (البغدادية) الفضائية مرتين خلال ساعة واحدة .
ان اللذة هنا مضاعفة :
ان تُختار مقالتك من بين ركام هائل من المقالات ،
وان تُقرأ في (فضائية) يسمعها ويشاهدها خَلقٌ كثير من الناس .
والمهم هنا :
التوّجه الى نتاجك الفكري من قبل أشخاص لاتربطك بهم روابط خاصة …
ومثلُ هذه الصلة التي لاتقوم على أساس المجاملات الرخيصة يُثير في النفس الكثير من الدفء والرضا ….
[email protected]