23 ديسمبر، 2024 2:38 م

اللجنة العليا لتطوير التعليم .. في مهب الريح

اللجنة العليا لتطوير التعليم .. في مهب الريح

الدول المتقدمة تضع دعم وتطوير نظم التعليم والبحث العلمي في اعلى اولوياتها… الدول النامية التي تصبو للتقدم تضع شعار التعليم ثم التعليم لكي تنهض وتتطور … لانهم ادركوا انه تطوير المؤسسة التعليمية وطرق البحث العلمي هو الذي سينهض ببقية القطاعات الاخرى .. سينهض بالزراعة بالاقتصاد بالصناعة بالتخطيط المستقبلي لانه يوفر كفاءات ونخب متعلمة مواكبة للتطور وقادرة على العطاء .. لكن ما يجري في العراق شيء اخر .. فالتعليم يعتبر شيء ثانوي .. وربما شيء من الترف .. صدعوا رؤوسنا بمحاربة الفساد والبطالة والارهاب وهم اول من يؤسس له باهمالهم للتعليم … سنغافورة بلد صغير لا يملك اي موارد طبيعية .. استقلت عام 1965 .. وكانت تعاني من البطالة وازمة سكن وتفشي الفساد الاداري بالاضافة الى انه بلد متنوع عرقيا (اي مثل العراق) .. الان سنغافورة خامس اغنى دولة في العالم .. حققت هذا التطور الهائل والسريع من خلال التركيز في محور التعليم والبحث العلمي .. اهتموا بالتعليم ما قبل الابتدائية .. انشؤوا العديد من مراكز التدريب المهنية استقطبوا الكفاءات من الخارج لتدريب وتدريس طلابهم .. بعثوا الخريجين للدراسة بالخارج .. دعموا المؤسسة التعليمية بميزانيات انفجارية .. فحصدوا ما زرعوه ووصلوا الى ما هم فيه الان في فترة وجيزة … ومثل سنغافورة توجد العديد من الدول التي حققت نهضة اقتصادية في فترات قياسية مثل ماليزيا تركيا البرازيل .. هذه الدول لم يكن لديها موارد تذكر لكن لديهم قادة كفوئين لديهم نظرة ثاقبة واسترتيجيات بعيدة المدى .. اكتشفوا ان الانسان والمورد البشري هم الثروة والحقيقية … وان الاستثمار فيه هو الطريقة المثلى … الصينيون بنوا سورهم العظيم لاعتقادهم انه سيحميهم من الاحتلال لكنهم رغم ذلك احتلوا فادركوا ان الانسان هو السور الحقيقي للوطن وخط الدفاع الاول عنه فاستثمروا فيه .. فاصبحت الصين اكبر قوة اقتصادية نامية في العالم … هل نحن نعيش في كوكب آخر؟ .. هل نحن معزولين عن العالم؟ ..
ام ابتلينا بأشخاص اميين لا يفقهون شيء سوى زرع التفرقة والفتنة وافتعال الازمات ونهب الاموال والكذب والضحك على ذقون الناس … آخر ما يفكرون به هو التعليم .. فالتعليم يعاني من قلة الدعم .. الاساتذة الجامعيون مهملون لا تتوفر لهم ابسط مقومات الحياة الكريمة من مسكن ودخل جيد … بل لا يميزون بين متطلباته واحتياجاته كي ينهض بواقع التعليم وبين موظف الخدمة المدنية .. والحلقة الجديدة هي اهمال اللجنة العليا لتطوير التعليم في العراق … هذه المؤسسة التي ربما هي الشيء الوحيد الجيد التي خرجنا به من النخبة السياسية الجديدة الحاكمة .. فبعد قراءة مسودة موازنة العام القادم التي تسربت للاعلام تبين انه لا توجد اي تخصصيات للجنة العليا للتعليم .. ربما لعدم اهميتها حسب تفكير من وضعوا ابواب الصرف للميزانية الجديدة … رغم ان اللجنة لديها حاليا حوالي الف وتسعمائة طالب ينتظرون تخصيص الاموال ليبدئوا باجراءات سفرهم ويباشروا بدراساتهم العليا بارقى جامعات العالم .. هؤلاء الطلبة تم اختيارهم بعد ان تعرضوا لمعايير مختلفة … معيار المعدل لمختلف المراحل الدراسية (الثانوية، البكلوريوس، الماجستير) .. معيار التسلسل في البكلوريوس .. معيار اللغة (التوفل الرسمي واختبار الآيلتس) واخيرا معيار المقابلة … اي ان هؤلاء الطلبة يمثلون الصفوة بين ابناء البلد اختيروا ليمثلوا بلدهم في افضل جامعات العالم ونأتي اليوم لنحاربهم .. نقتل طموحهم .. نغتال احلامهم بدم بارد … اليس لدينا في نخبنا السياسية من عقل رشيد .. يفكر بافق واضح واسترتيجية بعيدة المدى …لماذا نهدم ما بنيناه .. لماذا نحرم بلدنا من ثروته الحقيقية المتمثلة بهؤلاء الشباب المتفوق … هؤلاء يخرجون بين فترة واخرى للمطالبة بحقهم لكن ما من احد يسمعهم … حاولوا ان يبرزوا قضيتهم باسلوب حضاري فعمدوا الى تنظيم ندوة بجهد شخصي وبدون دعم من اي شخص بل جمعوا

تبرعات فيما بينهم .. ودعوا اليها رئيس الوزراء وجميع قيادات البلد السياسية ليطرحوا قضيتهم امام المسؤولين مباشرة … لكن تم تجاهلهم ولم يحضر اي من المسؤولين عدا نائب برلماني وعضو مجلس محافظة .. بالرغم من ان رئيس الوزراء حضر مؤتمر شبابي اقيم بعد الندوة بايام قليلة … لمصلحة من اهمال هذه النخبة المتفوقة … لمصلحة من زرع الاحباط في نفوسهم .. لمصلحة من اهمال العلم وابقاء التعليم متخلفا في البلد ومحاربة اي توجه لتطويره … مثلما تم التفكير باعطاء المحافظات المنتجة للنفط مخصصات بترودولار الا تستطيعون التفكير بانشاء صندوق لدعم التعليم في العراق بتخصيص دولار واحد من كل برميل منتج لدعم هذا الصندوق … لدينا حوالي خمسة ملايين موظف .. الا تستطيعون استقطاع مبلغ الفي دينار شهريا من كل موظف لدعم هذا الصندوق … السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي .. انتصر لابنائك الطلبة .. انتصر للعلم …انتصر للتعليم .. لتنقل بلدك الى مرحلة جديدة يسود بها العلم والكفاءة العلمية .. وليسجل اسمك في التاريخ كما سجل مهاتير محمد الرئيس المسلم صانع النهضة الماليزية … السادة اعضاء مجلس النواب .. اتركوا الخلافات جانبا .. وركزوا في مستقبل العراق … الذي مستقبله في التعليم … خصصوا الاموال اللازمة لدعم التعليم والكوادر التعليمية .. ساهموا بترسيخ المبادئ الصحيحة للنهوض بالبلد… ولا تخذلوا ابنائكم الطلبة.