في احيان كثيرة تلعب الجغرافية دورا كبيرا في تحديد لباس الانسان لتصبح هوية تعريفية له, ونتيجة لذلك وبفعل الزمن يصبح لباسة رمزا” …قوميا ووطيا”, جزء لايتجزأ من ثقافته يعتز به ويدافع عنه ولا يتنازل عن هذا الحق الذي اكسبته اياه الطبيعة .يعتز الانسان بلباسه ولا يتنازل عنه مثلما يعتز بأ رضه ولا يتنازل عنها. يدافع عن لباسه مثلما يدافع عن ارضه ( الجغرافية ) , يصبح اللباس ضمن محدداته الاخرى كاللغة مثلا” ..خير دليل على ذلك لباس اخواننا الكورد … واذا اردنا ان نذهب ابعد من ذلك لباس سكان شمال الكرة الارضية….او الافارقة في الغابات…
عندما تطور الانسان بفعل الثورة الصناعية ومن ضمن ما أفرزته هو الايدولوجيا والحداثة التي تمثلت بالصراع ما بين الجديد ( التنويري ).. والقديم ( الديني ) .. وقد كان الصراع شديدا” بين الاثنين والذي بدأ باوربا وكان على اشكال متعددة ..بدأ بتهم الهرطقة وانتهى بالحرق والخوازيق في بعض الاحيان ….وفي احيان بحرق الكتب والمطاردة والتخفي ( ديكارت مثالاّ ) ..وحسب قوانين الصراع لابد ان يتنازل ( ينهزم ) طرف للطرف الآخر … تنازلت السلطة الدينية مجبرة الى قيم الحداثة والسبب لان الاخيرة لديها لكثيرلتقدمه لتطور الانسان وتطمين حاجاته… وقد استمرت هذه العملية خمسة قرون…بعدها انتقلت الينا الحداثة والتي بدأت بغزو نابليون الى مصر…ومجيء محمد علي واصلاحاته…وقد كانا طرفا الصراع نفسهما …التنويريون ورجال الدين … وقد كان الصراع بين الاثنين متعددالوجوه من حق تعليم المرأة الى سفورها ..الخ…. وقد كان اللباس من ضمن هذا الصراع ايضا” …نزع العمامة واستبدالها بالطربوش بالنسبة الى الرجال مثالا” ….السفور للمرأة وخلع العباء مثالا” اخر ايضا”…لم يكن الحجاب موجودا” في تلك الفترة..
بعد تأسيس الامم المتحدة ومن ضمن مااقرته في لائحة حقوق الانسان , قوانين دولية عديدة كان من ضمنها حرية الملبس والذي هومحدد لشكل الانسان Humman form وحقوقه وخياراته في الحياة . الا ان هذا الخيار ( الحرية ) اصطدم كثيرا بمحددات الفكر الديني ..والفكر العلماني الذي كان ينادي بالحداثة ( اتاتورك مثالا” ونزعه للطربوش واستبداله بالقبعة وعدم السماح بأرتداء الحجاب التي استمرت قوانينه الى الان ) , على السواء _ في بعض الاحيان _ , كمثال على انتهاك حقوق الانسان….
انقسمت الدول الاسلامية ازاء الحجاب فاغلبيتها قد تركت ( مشكورة ) حرية الخيار لمواطنيها مصر مثلا”.. اما بعض الدول من ضمن مسمياتها ..الدولة الدينية التي فرضت على المجنمع تفسيراتها القسرية , من خلال تفسير النص الديني بناء على الفهم المذهبي…ومثال ذلك السعودية الوهابية وايران الشيعية …ورغم قلة القواسم المشتركة بينهما الا انهما قد اتفقا على غطاء الرأس ( الحجاب )…وأعتبر من ضمن المحرمات والواجبات للمرأة…فلذلك اصبح من اولويات هاتين الدولتين…وفرضه بالقوة وعدم السماح للمراة بدون غطاء للراس في الحياة العامة .ونتجة انتشار المد السلامي في منطقتنا, اصبح ارتداء الحجاب للمراة واللحية للرجل..هما القواسم المشتركة الرئيسية لتحديد من هو المسلم ومن هي المسلمة…ولو ان بعض رجال الدين ( وهم قلة لا يعتبرون الحجاب ضمن التكليف الشرعي للمرأة ولها الحرية بعدم ارتدائه)….
بعد 2003وما حدث في بلدنا وهيمنة القوى الاسلامية عل مناحي الحياة ( بالقوة احيانا” وبالطرق الديمقراطية ) وسعي هذه القوى ( الشيعية والسنية ) لفرض اجندتها الاسلامية وفرض قوانيها على المجتمع العراقي بالقوة ( مثال على ذلك فصل الجنسين , منع الاغاني , منع بيع المشروبات الكحولية _ في احيان كثيرة قتل المتاجرين بها _محاولة فرض زي اسلامي عل النساء _ وحتى تخويفهن وتهديدهن بالقتل من خلال الشعارات على الجدران – ) ….امام كل هذا فشلت هذه الحركات في اعطا ءالمجتمع الصبغة الاسلامية الشمولية المتشددة والتي تريدها ( المتأثرة بتجربة السعودية وايران ) وقد حاربها العراقيون والعراقيات بشتى الوسائل وعدم الانصياع الى اسلام متطرف والدليل على ذلك هو لبس الفتيات والفتيان ( الشباب والشابات) ….بل بالعكس ان هناك ازياء جديدة قد دخلت الى العراق ومن ضمنها ( البرمودا ) وسماع الاغاني ..الخ,, ونتيجة لذلك فان الخطاب الاسلامي المتشدد انسحب لصالح خطاب اسلامي مدني معتدل….والسبب في ذلك هو فشل الاسلاميين السياسيين في قيادة الدولة العراقية وما اوصلوا البلد اليه… وفهمم للطبيعة العلمانية للمجتمع العراقي….
امام هذه المعطيات تظهر بين الحين والاخر بعض الاصوات والافعال التي تحاول هنا وهناك فرض اجندة متشددة متذرعه بالدفاع عن القيم الاسلامية ومحاولة فرضها بالقوة والتهديد مرة اخرى ( ولو انها ستفشل هذه المرة ايضا” ) …والسبب برأي هو ادائها السيء في مراكز الحكم وفسادها المالي ( الرشوة والاختلاس )وأفلاسها وكشف حقيقتها امام مؤيديها وانسحابهم منها ,,,, فلذلك لم يبقى امام هذه الحركات من رصيد سوى اللجوء الى الخطاب المتشدد( على امل تحشيد الغوغاء مرة اخرى) وترهيب المجتمع من خلال طرح نفسها على انها المدافع عن الاسلام وقيمه من اجل العودة عن طريق هؤلاء مرة ثانية الى مراكز القرار …والمؤسف ان هذه الحركات قد اتخذت من السيدة الفاضله هيفاء الامين جزء من سياستها وذلك بترهيبها وتهديدها بالقتل بحجة عدم ارتدائها الحجاب ( ولو انه قميص عثمان ) … لذلك من واجبنا الانساني ومن عراقيتنا ان نقول لكم …انها ليست بمفردها…وانتم لستم وحدكم.. اذا كنتم تقولون نحن الاكثرية …. فاننا في بلد ديمقراطي ( ولوا انكم لا تحبون هذه الكلمة ) فان الديمقراطية من اولوياتها …حقوق الاقليات …وفي بلدنا هذا…فمثلما هناك مؤمنون ….هناك ملحدون …هناك من يؤمن ان الاسلام هو الحل وهناك من يؤمن بالعكيس… هذه هي الحياة…التنوع هومن يحكمها ,,,باتفاق القوانين الالهية ( (..وجعلناكم شعوبا وقبائل ) …والقوانين الوضعية..وكل من يقف بالضد من هذا القانون سيفشل…لقد انتخبها في الناصرية 16000شخص ( ورئيس الوزراء الحالي _ مع احترامي له _ لم يحصل على هذا العدد )… وهذا وحده يكفي للتعريف بها وحب الناس لها …. واليوم هي قضية كل الديمقراطيين من اسلاميين وعلمانيين وغيرهم …اولئك الذين يؤمنون بحق الانسان .. ليس في الناصرية وحدها انما في كل العراق…
حق الانسان في الحياة وخياراته ولباسه والحجاب وعدم لبسه هي مساله شخصية له…. مثلما الفكر والمذهب والدين هو حق للانسان لانه يعبر عن فكره وهويته في الحياة … لماذا نقاتل داعش التي تريد فرض اجندتها المتخلفه علينا باسم الاسلام وضد ارادتنا التي تستخدم الاسلوب ذاته _ الترهيب والقتل _….في النهاية اقول لكم ….كلنا هيفاء الامين ….والعراق هو ليس ايران او السعودية انما هو عراق… فما ينجح فرضه بالقوة وضد ارادة الناس هناك لا ينجح هنا….دعوا الناس تعيش احرار …ارفعوا ايديكم عن هيفاء الامين …