عند مراجعة سريعة لمشروع قانون منح الموظف اجازة اعتيادية لمدة خمس سنوات براتب اسمي, يظهر ان اللامنطق هو الذي تتسم به قواعده وكما يأتي:
1. ان منح الموظف اجازة طويلة براتب, هو مخالفة للقاعدة المقررة في القوانين كلها وفي دول العالم كافة, بان الاجر هو مقابل عمل, اي لا اجر ما لم يكن هناك عمل مقابل له, والا عُدَّ ذلك في خانة الاعانة الاجتماعية, وهو ليس موردها, لان الخزانة خاوية اولاً ولاتتحمل اي نفقات اضافية, ولان اضافة عدد كبير من الموظفين الى جيش العاطلين الموجود لايستقيم مع اي منطق.
2. اشترط القانون في(م/2 اولاً) على ان تكون الاجازة الاعتيادية التي امدها اقل من خمس سنوات بدون راتب. ترى هل ان غاية القانون هو التخلص من الموظفين اطول مدة ممكنة بدفعهم ان تكون اجازتهم لاتقل عن خمس سنوات حتى تكون براتب. وهل من المنطق ان تكون اجازة الخمس سنوات براتب والتي اقل منها بيوم واحد بدون راتب.
3. جاء في (م/5) عدم جواز قطع الاجازة الطويلة (5 سنوات), وهذا اعسار ما بعده اعسار, و هل من المنطق ان تدفع الحكومة موظفيها الى الفراغ.
4. اجاز القانون للموظف المجاز اجازة طويلة, في(م/6) العمل في القطاع غير الحكومي. وهذا الامر هو ابعد مايكون عن المنطق. ترى هل ان قطاع العمل في العراق يشكو من نقص في الايدي العاملة؟ واين يذهب مئات الالاف من الشباب العاطلين الذي تزج بهم الجامعات في كل سنة, دون ان يجدوا ادنى فرصة للعمل, حتى تضيف الحكومة لهم جيشاً من الموظفين المجازين يزاحموهم على لقمة العيش؟ ياترى هل ان الحكومة على بينة مما تشرع؟
5. اجاز مشروع القانون في (المادة/1 اولاً) منح المدير العام اجازة (5 سنوات), بموافقة رئيس مجلس الوزراء, واللامنطق في ذلك: ماهو مصير المدير العام عند انتهاء اجازته؟ هل يعود الى منصبه؟ وماهو مصير المدير العام الذي عين محله؟ فمن البديهي ان لاتترك الدائرة لمدة خمس سنوات بدون مدير عام. ويشمل ذلك بقية الدرجات الوظيفية التي لها وجود محدد في الهيكل الوظيفي, كمعاون المدير العام, ورئيس القسم الى حد ما. فما هو مصيرهم او مصير بدلائهم. ترى هل فكر مجلس الوزراء في ذلك قبل اقرار مشروع القانون.كان بامكان الحكومة اختصار هذه الاجراءات الملتوية في حل الازمة المالية بالالتفات الى قانون التقاعد وتغيير بعض قواعده التي تقف حائلاً دون احالة الاف الموظفين انفسهم على التقاعد. وكما يأتي:
أ. تعديل (المادة/12/اولاً) وجعل مدة الخدمة التقاعدية لاتقل عن (15) سنة بدلاً من (25) سنة. اي بامكان اي موظف طلب احالته على التقاعد – (وليس الى التقاعد كما ورد في القانون استناداً الى رأي المرحوم مصطفى جواد) – اذا كانت خدمته لاتقل عن (15) سنة. وقد طبق ذلك عام 1989 بموجب القرار رقم (550) وكانت نتائجه, تفوق ما تهدف اليه الحكومة بقرارها الفج (غير ناضج).
ب. الغاء ما جاء في (المادة/13) من شرط (اكمال الموظف (50) سنة من عمره حتى يصرف راتبه التقاعدي, وعدم صرف الراتب التقاعدي عن الفترة السابقة لتاريخ اكمال السن المذكور). وذلك بصرف الراتب التقاعدي من تاريخ احالة الموظف على التقاعد,كما في الامر (550), وهذا اقرب مايكون الى المنطق, فالموظف الذي يتعين بعمر (18) سنة على سبيل المثال, وهوالحد الادنى من العمر المقرر للتعيين, اذ استمر في الخدمة واستقال او ترك الخدمة ولديه خدمة تقاعدية لاتقل عن(20) سنة كما اشترطت (المادة/13), فسوف يستحق الحقوق التقاعدية. الاان الراتب التقاعدي لايصرف له الا بعد (12) سنة عندما يكمل الـ(50) سنة من عمره.
هل هذا من المنطق ان يبقى (12) سنة بدون راتب؟؟ ثم يصرف له بعد ذلك من تاريخ اكماله الـ(50) سنة من عمره. ويسقط حقه في ما قبل الـ (50). وكذلك بقية الموظفين من الاعمار الاخرى لايصرف لهم الراتب التقاعدي الا عند بلوغهم الخمسين من العمر.وقد احال عدد كبير من موظفي الشركات الممولة ذاتياً الخاسرة ممن لديهم (15) سنة, انفسهم على التقاعد,كما اجازت لهم ذلك (المادة(12/ثالثاً), ولكنهم عدلوا عن ذلك عندما علموا بانه لايصرف لهم الراتب التقاعدي الا بعد بلوغهم الـ(50) سنة من العمر.ان تعديل قانون التقاعد كما ورد في الاعلى سوف يحقق احسن مما استهدفته الحكومة بمشروعها بمنح الاجازة الطويلة (5 سنوات) براتب اسمي, المخالف للمنطق.