قيادات وهمية تلك التي تعتمد لنفسها، صياغة تأريخ وهمي منزوع القيم والمفاهيم ومجرد عن الحقيقة، يعتمدون في تركيبه أحداثا مبرمجة، بأسلوب الأغارةِ والقنصِ والأستهداف، إغتيالاً للحقيقة وإخفاء للثوابت والوقائع في تحقيق أهدافهم، وتتبنى سياساتهم تفريغ العقول وطمس الفكر.
هؤلاء وبعد أن وجدوا تلك العقول تبحث عن، مادة جاهزة التركيبة تجنبهم عناء البحث والتدقيق عن الجوهر، بغض النظر عن كون تلك التركيبة صالحة كانت أم فاسدة، حقا أم باطلا، واقعا أم نسج خيال كاذب لا يمت للحقيقة بصلة، ثم أغلقوا تلك العقول بعدما جعلوها مسيرة منقادة لأهدافهم وخطابهم وهي تعاني وهم التفوق وحلم الصدارة الكاذب.
الصراع بل المعركة ألإعلامية قائمة ومستمرة، معلنة من طرف غير كفوء للتأريخ، يعاني مشكلات إثبات وجوده، وهو يقبع في زاوية ألإنكسار من صفحاته، مستنفرا سلاح التهويل الإعلامي وخطابه القائم على أسلوب “الهمبلة السياسية” مع إنه ساع لوضع خطوته في الحكومة وهو جزء من برلمانها حيناً، وخطوة في حمل سلاحه المنفلت حيناً أخر.. تستميله تجاذبات القوى وألأطراف الإإقليمية، وتوجهه ألأوامر البعيدة القابع تحت وصايتها، فلطالما كانت بصماتها واضحة التأثير ومشخصة الأتجاه والدعم، أضافت مزيداً من ألإحتقان والأزمات وتشنج المواقف في المشهد السياسي، فأيدلوجية هذه القوى قائمة على ترهل الداخل وإضعاف القرار الوطني، وصناعة تجاذبات تمكنهم من فسحة التحرك والتواجد بسلاح منفلت يتعاطى لغته في أغلب الأحداث والفعاليات لأختلاق أزمة.
مشاهد فعالياتهم تلك عادة ما تكون، أمام القوات الأمنية المكلفة بمسك الأرض، وتقع عليها مسؤولية إدارة ملفها الأمني، بل أن ممارسة نشاطاتهم وجرائمهم وإعتدائاتهم في العلن، أمر بات شللاً يهيمن على أداء القوات الأمنية والحكومية، من مغبة عدم قيامها بواجبها في فرض وإستتباب الأمن.
من الجدير في الأشارة والإلتفات اليه، أن وجود قوى اللادولة هذه، مرهون بوجود وإستمرار حالة الإحباط وألة الفساد، وضعف مؤسسات الدولة التي شابها ألإنكسار، وغياب القانون وترهل أغلب مفاصلها، بأعتبار أن هذه القوى طالما كانت وما تزال غير مؤمنة بالدستور العراقي، بل إن بعضها لم يؤمن بالتغيير الى الأن، وأن أيدلوجيتها وأهدافها طارئة ظهر نشاطها بعد عام ٢٠٠٣، فكانت جزء من منظومة الفساد الكبرى، وعمليات الخطف والأغتيال التي طالت أبناء الوطن ومؤسساته، وطالما كانت غدة سرطانية تنخر الجسد العراقي، فتصيب مناعته وتضعف قواه أمام أي من التحديات .
فعلى مدى ثمانية عشر عاما، عاشت هذه القوى بقادتها إضطراب المواقف وتقلبها، في محاولاتها لفرض مسمياتها على الواقع، كي توازي قيادات تأريخية لها السبق في التضحيات، فسلكت في نفسها أتون الشبهات، ووقعت في مطبات الأحداث، وعثرات الخطابات ساهمت بالتشتت، فإنقسمت هي ألأخرى على نفسها، مع إن جميعها يخضع ضمن أيدلوجية واحدة.. وأهداف مرسومة مفروضة، طالما كانت بعيدة عن الواقع العراقي أفضت بالمزيد من التعقيدات على المشهد، عمياء لا تبصر لغة العقل والحل، الإنفلات سمتها البارزة.. وصورة طبق الأصل من الوضاعة والإستهتار، وإستعراض البهلوانيات لاتنتج سوى الدمار وألإختلال .
العراق بحاجة الى قيادة فاعلة ومؤثرة، تستطيع قراءة الواقع بجدارة، والأحداث بتريث لتشخيص الخلل، وقادرة على غلق ثغرات الضعف والأحباط، قيادة يلتف حولها المخلصون، وقادرة على رسم سياسة الأعتدال، وترى الإنفتاح على جميع الأطراف الداخلية والأقليمية والدولية، رهنا بما يضمن مصالح العراق أولا، ورفض أي وصاية وتحت أي ذرائع، لما يملكه العراق من إرث حضاري، يمكنه من بناء دولته على أنقاض التحديات، وإن أبناء الوطن أستطاعوا عبور التحديات الكبيرة، والدفاع عن العراق أمام أعتى القوى الظلامية وعصاباتها الإرهابية المدعومة عالميا.