اثبت الكيان الإسرائيلي ونتنياهو على وجه الخصوص بان التطبيع والسلام معهم لا يعني البقاء بعيدا عن سياستهم التوسعية المستمدة من معتقداتهم الدينية والتي ترى ضرورة قيام دولة اسرائيل الكبرى من النهر الى البحر وسيفعلون في سبيل تحقيق هذا الهدف العقائدي بالدرجة الاساس مايريدون، الصعب والسهل وسترتكب المجازر وتهدد حياة الشعوب في المنطقة، لان الكيان يدرك حجم الضعف التي تعيشه الدول العربية والخنوع الذي يمارسه الزعماء والقادة بحجة الاستقرار الامني ورفاهية الشعوب لكنها بالحقيقة، مرتبطة بالخوف على السلطة والكراسي، إضافة إلى وجود الدعم الامريكي “المفتوح” بدون حدود او شروط، لان واشنطن ترى في الكيان ذراعها المسلط على الشرق الاوسط الذي يمكن من خلاله تحييد المنطقة وإركاعها لسياسة البيت الابيض.
ولعل استهداف الدوحة دليل لا يقبل التحريف او التأويل، فلك ان تتخيل عزيزي القارئ وجود قاعدة العديد في قطر التي تعتبر اكبر قاعدة للجيش الامريكي في الشرق الاوسط، وتضم القيادة المركزية الامريكية والقيادة المركزية للقوات الجوية الامريكية إضافة إلى وحدات امريكية وبريطانية، كما انها تعتبر المركز الرئيسي للعمليات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا واسيا الوسطى، وتستخدم لتنسيق عمليات التحالف الدولي في العراق وسوريا، ورغم كل هذه الامكانات عبرت الطائرات الاسرائيلية ونفذت هجماتها في الدوحة من دون اصدار اي تنبيهات للقيادة القطرية او على اقل تقدير حماية سيادة حليفتها، والاكثر غرابة وجود اتفاقية دفاع مشترك بين قطر وامريكا موقعة منذ العام 2022 وجرى تعديلها في العام الماضي 2024، لكنها لم تمنع الكيان من تنفيذ الهجوم.
ماحصل يجعلنا امام حقيقة واحدة بانه لا سبيل امام العرب سوى مواجهة الكيان الغاصب والعودة لدعم المقاومة الفلسطينية ومساندة جميع الجهود التي بامكانها ايقاف العدو الإسرائيلي ومنعه من “الاستهتار” في المنطقة، وبدونها لا تنفع اموالا تدفع لواشنطن كجزية ولا طائرات تقدم كهدية لترامب فهي عبارة عن “مسكنات وقتية”، وماقاله نتنياهو عن تمسكه بمهاجمة جميع الدول التي تأوي المقاومة وقتل جميع من يهدد امن الكيان (بحسب مايراه) تطبيقا لسرديات تلمودية، ونبوءة “اشعياء” التي بشر بها نتنياهو اكثر من مرة، حيث تختصر مضامينها على امتلاك جميع الاراضي في فلسطين والاردن ومصر وصولا الى بابل.
الخلاصة…. رغم تعهد ترامب بان هجمات الدوحة لن تتكرر، وإدانة مجلس الامن “الشكلية” التي لم تتطرق حتى لذكر اسم الكيان او مفردة إسرائيل باستنكارها للهجوم، وكأن الطائرات المنفذة جاءت من كوكب اخر، لكن حكومة نتنياهو ووزرائها بين ساعة واخرى يهددون بارتكاب شبيتها في المكان والزمان الذي يتناسب مع اهداف الكيان ومصالحه، وقد تكون هذه المرة انقرة او الاردن او غيرهما مِن دولنا العربية مسلوبة الإرادة، السؤال… لماذا لا يواجه العرب نتنياهو بالاعتماد على القران واياته كما يعتمد رئيس حكومة الاحتلال على التلموديات وقصص التوراة، مع الفارق الكبير فالقران لوح محفوظ لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجميع وعوده تتحقق ولو بعد حين،؟..