18 ديسمبر، 2024 7:39 م

الكيان الصهيوني يعيش أزمة وجودية

الكيان الصهيوني يعيش أزمة وجودية

تصدي.. ومواجهة.. وتحدي المحتل (الصهيوني) باتت من مسلمات القضية (الفلسطينية) وحقيقية (الشعب الفلسطيني) لتحرير كافة الأراضي (الفلسطينية) المحتلة من قبل (الكيان الصهيوني) الجائر، لان الإيمان بقضية الشعب والاستعداد للتضحية أثبت في جميع الظروف بأنه شعب صابر.. ومناضل.. ومثابر.. ومؤمن بقضيته.. وقادرة في تعطيل وتغيير أية معادلة يضعها المحتل؛ لأنه شعب لا يساوم ولا يتنازل عن حقوقه في تحرير كامل أراضية المغتصبة من قبل الكيان (الصهيوني) المجرم مهما كانت الضغوط التي يواجهها؛ لأنه قادر على رسم سياسات وعلاقات مع محيطه العربي والعالمي بامتياز؛ وان الانقسامات الداخلية – أبدا وفي المطلق – لن تقف عائق في وجه تحرير الأرض ومقاومة المحتل؛ رغم أهمية التكاتف والوحدة بين الأطياف السياسية المختلفة لشعب (الفلسطيني) ولصالح هدف واحد وهو التحرير وإنهاء الاحتلال، لان إستراتيجية العمل والكفاح المسلح والمقاومة والصمود هما السبيل الأمثل في الحفاظ على شرعية الوجود (الفلسطيني) في (القدس) وكافة أراضيه (الفلسطينية)؛ والذي يجبر العدو على إعادة حساباته في احتلال ألأراضي (الفلسطينية)؛ لان (الفلسطينيون) مهما اختلفوا.. هم لا يختلفون في وحدة الهدف والاتفاق على تحرير كامل الأراضي (الفلسطينية).

وعلى الشعب (الفلسطيني) والعربي تجنيد الانقسامات الحاصلة اليوم في بنية المجتمع (الإسرائيلي) لصالح القضية (الفلسطينية) بتوحيد صفوفهم ودعم المقاومة (الفلسطينية)؛ والعمل على توحيد صفوفهم للجم أطماع الكيان (الإسرائيلي) في السيطرة.. والاحتلال.. واستمرار التوسع الاستيطاني.. وزيادة أعداد المستوطنين على حساب امن (الفلسطينيين) والمنطقة؛ وخاصة بعد ظهور حجم التناقض الموجود في قوانينهم (الإسرائيلية) والتي تأخذ دور (الدستور) لهذا الكيان اللا شرعي؛ والتي سلط عليها الضوء في ظل حكومة (نتنياهو) اليمينية المتطرفة؛ بعد إن شرع إلى إجراء تعديلات وإصلاحات قانونية من اجل ضمان بقائهم في السلطة؛ وذلك بتغيير أسلوب الحكم العلماني بصيغته الغربية، وهذه (التعديلات القضائية) إنما غايتها هو السعي للسيطرة على البرلمان والمحكمة العليا للكيان (الصهيوني)؛ لان اغلب قضاة المحكمة العليا هم من العلمانيين؛ وفي حالة تغييرهم سيجعل من (البرلمان) هو المسيطر على (المحكمة)؛ بمعنى إنه يعطى للبرلمان مكانة أعلى منها، وقدرة على إبطال قراراتها التي لا تتوافق مع توجهات البرلمان؛ لكون (المحكمة) تحافظ على نوع من التوازن وهذا ما لا يروق (اليمين المتطرف) في (إسرائيل)، وهذا ما جعل (الإسرائيليون) يحتجون ويخرجون بالتظاهرات حاشدة.

فبعد ثلاثة أشهر من اجتياح هذه المظاهرات في المجتمع (الإسرائيلي) بمؤسساته المدنية والعسكرية، وتدخل المباشر من قبل (الولايات المتحدة الأمريكية) اضطرت حكومة (نتنياهو) المتطرفة تأجيل تنفيذ هذه الإجراءات في (التعديلات القضائية) لغاية نهاية هذا الصيف من عام 2023، وفق صيغة اتفق مع المتشددين الآخرين في ائتلافه الحكومي، ولكن قرأتنا للمشهد (الإسرائيلي) بتصاعد اليمين المتطرف في الشارع (الإسرائيلي) يجعل من إمكانية تحقيق مثل هكذا مخططات متطرفة أقرب للتحقق؛ لأننا لاحظنا في ظل حكومات (إسرائيل) السابقة التي كانت تحكم أو يسيطر عليها أحزاب علمانية يمارسون التميز والاضطهاد ضد (الفلسطينيين)، ولهذا نقول بان (اليهود في إسرائيل) سواء كانوا (علمانيين) أو (متدينين) هم عنصريين ويؤمنون بفكرة استمرار التمييز ضد (الفلسطينيين) في الأراضي المحتلة؛ لان الكل في (إسرائيل) هم شلة من أناس متطرفين ويمينيين حد النخاع؛ ويحاولون بكل أساليب القمع والاضطهاد الاستمرار في التوسع الاستيطاني وزيادة أعداد المستوطنين في (فلسطين)، لأن مسألة الاستيطان في الفكر (الصهيوني) مسالة وقضية جوهرية للاستيلاء على كامل (الدولة الفلسطينية العربية)؛ لان كل الأطراف وتكتلات (الإسرائيلية) ينتهجون نفس الأسلوب في التميز ضد (الفلسطينيين) وفي إدارة الصراع لوصول إلى أهدافهم في احتلال كامل الأراضي (الفلسطينية) وبشن حرب دموية ضد (الفلسطينيين) لتصفية وجودهم وقضيتهم دون أي اعتبارات للدبلوماسية والقرارات الدولية طالما الإدارة (ألأمريكية) و(البريطانية) يحصنان هذا الكيان المزروع في المنطقة لتحقيق مصالحهم الإستراتيجية؛ لذلك وبكل ثقلهم العسكري والدبلوماسي والمالي يقفان إلى جانبهم ويؤمنون لهم الحماية الكاملة ويستخدمون حق (الفيتو) علي أي قرار يتخذ ضدهم في (الأمم المتحدة) أو في المحافل الدولية الأخرى؛ وليس من السهل تغيير هذه المعادلة؛ إلا إذا انهار هذا الكيان من الداخل باشتداد الصراع بين المتنافسين كما يحدث اليوم؛ ولكن بوتيرة أكثر حدة واشد التهاب؛ وهذا ما سيحدث للكيان (الصهيوني) أجلا أم عاجلا؛ لأننا كما لاحظنا في هذه الأيام؛ بان الأوضاع الداخلية في (إسرائيل) تدحرج نحو انفجار الأزمة وبشكل غير المسبوقة بل وتتسع يوما بعد أخر ككرة الثلج التي تتدحرج من قمة الجبال نحو الأسفل؛ لتصل إلى مرحلة التهديد بالإضراب والعصيان الشامل في كامل مؤسسات (إسرائيل) المدنية.. والنقابية.. والصحية.. والتعليمية.. وغيرها، وهذا العصيان بدء بالفعل يأخذ دوره في التنفيذ مع العصيان الجزئي في مؤسسة جيش الاحتلال، والذي شكل سابقة خطيرة داخل مؤسسة هذا الكيان؛ بعد إن كان الجيش بمنأى عن الصراعات السياسية في السابق، لأنه كان أساس وجود الكيان وهو الذي كان يحمي هذا الكيان؛ ولكن حين يحدث تمرد داخل (الجيش الإسرائيلي) فهذا يدل على حجم الخطر الذي بات يهدد وجود الكيان.. وأمنه.. واستقراره الداخلي، وهو ما حذر منه كبار مسئولي الكيان (الصهيوني والأمريكي) بأن استمراره هذا العصيان يشكل خطرا وجوديا قاتلا على امن و وجود (إسرائيل)، ومما أثار قلق الكيان (الصهيوني والأمريكي) هو حشود ألاف المتظاهرين (الإسرائيليين) حول منزل (نتنياهو) في (القدس) المحتلة؛ بينما كان أعداد أخر فاق ما ذكرناه من (إسرائيليين) يتظاهرون في (تل أبيب)؛ لدرجة التي كاد الوضع يتطور إلى صدامات مباشرة وإلى سفك الدماء بعضهم البعض؛ أي بين مؤيدي (نتنياهو) ومؤيدين (بن غفير) وعلى أثرها علق التصويت على (التعديلات القضائية) الذي كان ينوي (بنيامين نتنياهو) تشريعه تحت وطأة تصاعد الاحتجاجات في الشارع (الإسرائيلي) لإضعاف جهاز القضاء وتقويض المحكمة العليا؛ فاضطر (نتنياهو) إلى إصغاء لمبادرة الرئيس (الإسرائيلي .. هرتسوغ) لإيجاد حل وسط يحظى بـالإجماع، لان مبادرة (نتنياهو) في إصلاح النظام القضائي تراه شريحة واسعة من (الإسرائيليين) بأنه استهدافا للديمقراطية وتقويضا لمنظومة القضاء، لذلك طالبوا بإلغاء خطة إضعاف القضاء كليا.

ولكن ماذا ما بعد انتهاء المهلة بعد نهاية الصيف وان تأجيل التصويت جاء وفق موافقته حصل بين (غفير) ومن رئيس الحكومة (نتنياهو) على تشكيل قوة تحت اسم (الحرس القومي) فهل هذه الميليشية سنجدها في حالة عدم الاتفاق ما بعد الصيف إلى اصطدام مع الشارع المؤيد لمشروع التعديلات القضائية من جهة وضد الشارع (الإسرائيلي) الآخر من جهة أخرى.. وما هو موقف جيش الاحتلال بعد الانقسام الذي شق صفوفه إزاء …………؟

وهنا يكمن قيمة السؤال ……………!

ورغم وعود حكومة (نتنياهو) بتأجيل التصويت إلى نهاية الصيف من اجل امتصاص غضب (الجماهير الصهيونية) إلا إن الحكومة فوجئت بتجدد التظاهرات مساء اليوم السبت 15 من نيسان في عموم (إسرائيل) في (تل أبيب) وفي (نتانيا) وفي (حيفا) و(بئر السبع) وفي (رحوفوت) وفي (كفار سابا) وفي عدد من المراكز الأخرى، ضد خطة حكومة الاحتلال (الإسرائيلي) وقد قامت شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) إلى إغلاق العديد من الشوارع أمام حركة السير تزامنا مع الاحتجاجات؛ في وقت الذي قامت الشرطة إلى اعتقال عدد من (المتظاهرين الإسرائيليين) بتهمة إثارة الشغب في الشارع (الإسرائيلي)، وتأتي هذه التظاهرة للأسبوع الخامس عشر على التوالي؛ أي منذ مطلع كانون الثاني ‏2023، ليؤكد رئيس الوزراء السابق (يائير لبيد) إن الخطة حكومة (نتنياهو) بشكلها الحالي بمثابة نهاية الديمقراطية وبداية عهد ديكتاتوري في (إسرائيل)، ويصف الوضع القائم في (إسرائيل) الآن بأنه (الانقلاب السلطوي)، بعد إن قام (نتنياهو) بإقصاء الكثير من القيادات السياسية من (الليكود) وخارجه، ‏لدرجة التي بات العديد من القيادات السياسية (الإسرائيلية) الصاعدة آنذاك معادية له ومنهم ( إيهود باراك) و(إيهود أولمرت) و(أفيغدور ليبرمان) ‏الذي أصبح وزيرا للمالية ‏ولاحقا وزيرا للدفاع و(نفتالي بينيت) الذي خلفه لاحقا عند إقامة حكومة مناوئة لليكود وترأسها لمدة سنة ونصف السنة بالتعاون مع (يائير لابيد) في رئاسة ‏الوزراء ورئيس المعارضة الحالي.

وأكثر خطورة من كل هذا بان (بنيامين نتنياهو) قام بكثير من التغيرات من اجل إحداث تغير شامل في (إسرائيل)؛ منها تقيد سلطة المحكمة العليا من اجل توسيع التشريعات العنصرية.. وتغيير المناهج التعليمية.. وتوسيع أنشطة التدين في المجال العام.. مع السيطرة على الإعلام.. وتغيير الثقافة السياسية بما وسع شرعية الخطاب العنصري ضد العرب.. والقضاء على فكرة حل الدولتين.. وتعين وزراء يعرف عنهم بعنصريين وفاشستيين؛ وخير مثال عن ذلك تصريح الوزير (سموتريتش) حول محو بلدة (حوارة) – و(حوارة) بلدة (فلسطينية) في الضفة الغربية وتتبع لمحافظة (نابلس) – وما مذبحة في (حورة) التي نفذت من قبل أناس من هذا التيارالشوفيني؛ لدرجة الذي شجع صعود اليمين المتطرف والعنصري بكل إشكاله وألوانه في مفاصل مؤسسات (إسرائيل)؛ بل وشجع قوات الاحتلال بشن غارات على المناطق (الفلسطينية) المختلفة لارتكاب جرائم فيها، فلا يمر يوم من دون إن يسقط على ارض (فلسطين) شهيدا (فلسطينيا) يقتل بسلاح العدو (الإسرائيلي)؛ لدرجة التي يعاني (الفلسطينيون) بشكل شبه يومي من اعتداءات المستوطنين (الصهاينة) الدموية عليهم؛ وتأتي هذه الاعتداءات على شكل حرب منظمة تضعهم بين فكي كماشة الاحتلال .

فالمشهد في بنية المجتمع (الإسرائيلي) خطير وخطير جدا؛ لان (الكيان الصهيوني) ينزلق إلى أزمة وجودية خطيرة في تاريخه، بعد إن برزت أزمة الدولة الحقيقية فضاقت الدولة علی مكوناتها وبما ينهي وجودها الجائر باحتلال الأراضي (الفلسطينية)، لان هذا الكيان المحتل استمر وجوده المصطنع في مواصلة احتلاله لأرض (فلسطين المقدسة) طوال هذه الفترة؛ لأنه كان أساسا يتنفس عبر أزمات وحروب التي حدثت في المنطقة؛ وانشغال (المنطقة العربية) بصراعات داخلية كما حدث ويحدث في (لبنان) و(السودان) (وتونس) ودخول الجيش (الأمريكي) الغازي إلى المنطقة واحتلال (العراق) وأجزاء من (سوريا) وتقويضهم أي مبادرة لقيام نظام حكم مستقر فيهما وفي (ليبيا) و(اليمن) وتغيير الأنظمة بما سمى (بالربيع العربي) وهو (ربيع اسود) لأنه ما حدث في هذه الحقبة كان اخطر ما حدث لأنه مهد لدخول (الإرهاب الدولي) المتطرف إلى بلدان المنطقة لإحداث فوضى هنا وهناك وإرباك الأوضاع الأمنية وعدم استقرارها؛ فهذه الأوضاع خدمة (الكيان الصهيوني) ومهدت له الطريق لقمع شعبنا (الفلسطيني) في (فلسطين) من دون إن تتمكن أية (دولة العربية) من مساعدتهم بانشغالها بأوضاعهم الداخلية المضطربة؛ لوضع حد لسلطة الاحتلال ولغطرستهم ؛ التي آخذت تسرح وتمرح في الأراضي (الفلسطينية) المحتلة دون محاسب وهي الأوضاع التي استغلها لتوسيع مستوطناته ونقل عاصمته إلى (القدس) والى استقطاب (يهود الخارج) للمجيء إلى الأرض (الفلسطينية) والاستيطان فيها، وفي ظل هذه البيئية نشط الكيان الصهيوني وفعل ما فعل؛ ولكن الآن أصبحت يده مغلولة؛ ولهذا تفاقمت أزمته الداخلية وانقض علی نفسه، لأنه اليوم يعيش أزمة داخلية وأزمة مع (الفلسطينيين) من جهة أخرى، فلم تعد إمامه سوى تصدير أزماته الداخلية بالاعتداء علی الخارج؛ وهذا الاعتداء سيقصم ظهر (إسرائيل) والى الأبد؛ لان (نتنياهو) أصبح محاصرا في دائرة ضيقة جدا لدرجة التي أصبح لا يطيق الدولة والدولة لا تلبي طموحات مكوناتها؛ وهذه هي ليست نهاية (نتياهو) فحسب بل نهاية (الكيان الصهيوني) إن لم نقل بان العد التنازلي قد بدأ لنهايته النهائية من منطقتنا .