اعلنت المفوضيةالعلياالمستقلة للانتخابات ان اكثر من 212 حزبا وكيانا سياسيا مستقلا تم تسجيله في المفوضية تمهيدا للانتخابات القادمة ، والملفت للنظر ان هذه الكيانت تتفرخ كل عام وتتزايد رغم الفشل السياسي العام الذي يصبغ هذا البلد بحكومته او تنظيماته والا لماذا هذا الاستمرار لكل هذه المشاكل ، بل وتجذرها ، يقول الدكتور على الوردي ان الفرد في العراق كثير الجدل وربما لتاثر العراقيين بفكر المعتزلة.
والفرد الجدلي يطلب اكثر مما يقدم ، والفرد في العراق يتاثر بسرعة ويتخلى بسرعة وكل هذه عوامل تدفع بالكثير من الاشخاس للتوجه لما يراه هو عمل سياسي لان السياسة عندهم كلام بلا مردود وترف فكري يمكن لاي واحد ان يمارسه دون رقيب ، في حين ان السياسة هي علم ادارة الدولة وفن معالجة الازمات وان التنظيم السياسي هو التزام قانوني لعدد من الاشخاص يوحدهم تنظيم معين لهم اهداف واضحة وبرامج سياسية ولهم فكر اقتصادي يعملون على تطبيقه من اجل الخدمة العامة للبلد ، ولو دقق اي منا هذه المقومات لدى اغلب هذه الكيانات لوجدها كيانات افراد هواة عادة من المترفين واصحاب الاموال المستحصلة بالطرق المعروفة ،ولهم هواية الكلام والجدل وهي عادة ما تكون كيانات نخبة لا قواعد شعبية لها ، والنقطة في كل هذا الموضوع ان اغلب الاحزاب العراقية العاملة على الساحة باستثناء القليل جدا من الاحزاب التقليدية المعروفة ،هي ليست بمدارس فكرية ،اي انها احزاب مرحلة لا فكر لها بل ولا حتى عقيدة تميزها عن الاحزاب الاخرى ، بل الكل يشترك بالصفة المرحلية (احزاب انتخابات) يوحدها هدف الوصول الى السلطة والوقوف عندها واكبر دليل حزب الدعوة الاسلامي الذي وصل الى السلطة ولثلاث دورات انتخابية ولم يك يعرف من اين يبدا وباي اتجاه يسير وما هي خطته في العمل الحكومي وما هو برنامجه الاقتصادي ، هل يريدها دولة راسمالية ام الابقاء على الملكية العامة للدولة لوسائل الانتاج ، ام يريدها بنظام راسمالية الدولة او نظام السوق ،المراقب يستغرب جدا هذا السكوت المطبق للحكومات المتعاقبة عن مصير البلد الاقتصادي او الفلسفة التي يقوم عليها الاقتصاد فيه وان دل هذا على شئ انما يدل على فراغ هذه الاحزاب من البرامج المسبقة لاستلام السلطة او انها بالمرة لاتمتلك برامج او مناهج واضحة ومحددة المعالم تستطيع بها ادارة الدولة .
ان الاحزاب الحاكمة في كل الديمقراطيات في العالم وكذا احزاب المعارضة كلها تمتلك رؤيا وبرنامج واضح تتنافس به مع الغير وتحتكم اليه في محاججة الحكومة فيما يخص السياسة العامة للبلد ولا ادل على ذلك حكومات الظل في بريطانيا ،حيث يقف الوم حزب العمال على راس المعارضة وهو يحمل برنامج حكومي محدد المعالم يخشاه دوما حزب المحافظين ، هذه هي اولى مسلمات العمل السياسي والحزبي على جميع الكيانات ان تاخذ بها وكفى العراق المزيد من السياسيين وكفاه المزيد من الاحزاب الخاوية التي لا تنتج لهذا الوطن الا الاسماء والازمات……