22 ديسمبر، 2024 7:39 م

الكويت واللعب بالنار

الكويت واللعب بالنار

لعبت الجغرافية السياسية دورا مهما في تحديد طبيعة العلاقات السياسية والاجتماعية بين العراق والكويت بحكم الجوار بينهما، واذا كانت العلاقات بين الجوار حتمية-اي لا توجد دول جوار بدون علاقات – فأن العلاقات العراقية الكويتية قد شهدت خصوصية في جميع المجالات، حيث كانت مشوبة بالحذر والتهديدات والتناقضات في اغلب الاحيان، حتى وصل تدهور العلاقات الى درجة عالية من التصعيد العسكري انتهت باحتلال العراق للكويت في 2/8/1990.واصبح الامر لا يتعلق بمشكلة حدودية وانما الغاء كيان سياسي معترف به دولياً.
مما أدى الى تدويلها لتدخل القضية إلى أروقة الامم المتحدة ومجلس الأمن والذي عمل منذ بداية الأزمة طبقاً لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بما يتخذ من اجراءات في حالات تهديد السلم والأمن الدوليين ووقوع العدوان، إذ اصدر مجلس الامن العديد من القرارات طبقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق الاممي، وتضمنت عددا من التدابير الوقتية والتدابير غير العسكرية والعسكرية واستعمال القوة المسلحة لحل هذه الازمة واخراج العراق من الكويت، وما تلاها من احداث سياسية وعسكرية انتهت باحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وبالرغم من تنفيذ العراق لكافة قرارات مجلس الامن إلا أنه لايزال تحت احكام الفصل السابع ولم يخرج منه إلا جزئيا إذ لم تشير قرارات مجلس الامن 1956و1957و1958 إلى تسوية الملفات العالقة بين العراق والكويت، إلا اشارة ضمنية في القرار1956 إلى أن العراق قد خرج من طائلة أحكام الفصل السابع … باستثناء ما يسمى (بالحالة مع الكويت)، اي ان العراق لن يخرج من احكامه إلا إذا اوفى بالتزاماته مع الكويت.
وبعيدا عن الدخول في تفاصيل هذا القرار وظروف اتخاذه واسبابها، فأن بنوده ولاشك قد ألحقت ضرراً فادحاً بحقوق العراق الإقليمية والتاريخية، لاسيما في ترسيم الحدود البحرية، ويزداد هذا الامر صعوبة اذا علمنا بأن العراق هو من الدول المتضررة جغرافياً بسبب اطلالته الضيقة والصغيرة على بحر شبه مغلق هو الخليج العربي، كما انه يبتعد عن منفذه الوحيد المفتوح على البحار العالية (مضيق هرمز) بنحو 407 كم، الذي يجعل من خطوط الملاحة النفطية والتجارية له عبر هذا الطريق تمر في مناطق البحار الاقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة لكل من ايران ودول الخليج العربية، أما بشأن الساحل العراقي فيمتد من رأس البيشة شرقاً إلى أم قصر غربا، ويقع معظمه داخل قناة خور عبد الله الضيقــة ولا يتبقى منه إلا مسافـة صغيرة واقعـة بمواجهـة الخليج مباشرة، لا تزيد على بضعة أميال، وعلى وجه العموم، فأن الساحل العراقي يمتاز بكونه طيني وضحل، تتخلله مستنقعات تتسع مساحتها وقت المد، مما يحد من امكانية بناء منشآت أو مباني بحرية، ويعيق حركة الملاحة. مع العلم ان خور عبد الله وهو الممر المائي الوحيد للعراق للوصول الى ميناء أم قصر، يمتاز بضيقه وضحالة سطحه الملحي، مما يجعله بحاجة إلى عمليات حفر مستمرة، ونفس الشيء يقال بالنسبة إلى شط العرب في الجهة الشرقية مع إيران، مما يجعل السفن المارة عبر هذين الممرين أو القناتين بغاطس لا يزيد على 10.6 متر في أفضل أوقات المد العالي للخليج. كما أن طول الممرين تضاعف المسافة التي ينبغي على السفن قطعها للوصول الى مينائي البصرة أو أم قصر.
بعد هذه المقدمة التوضيحية الطويلة، اتكلم بلسان الشعب بعيداً عن السياسيين ومنطقهم وتلقيهم الرشا وحتى إن ذهب العراق للجحيم، على الكويت أن تحسب ألف حساب لهذا الشعب، ولا تعتمد على فترة مظلمة من حكم سياسي الصدفة أو أصحاب الاجندات الدولية، إن خنق العراق بحرياً والاعتماد على قرار دولي لن ينفعكم، بناء ميناء مبارك بهذا المكان، عليكم اعادة النظر وإلغائه، الزحف على المياه الاقليمية لن يكون لصالحكم، فاليوم هؤلاء السياسيين اليوم موجودين لكن لن تضمنوا وجودهم دائماً، أما نحن كشعب باقون وثابتون بأرضنا، لن نسمح بأي دولة أن تتجاوز على أي شبر من أرضنا أو مياهنا، وقد أعذر من أنذر.