كنا قد اشرنا مرارا على ان العلاقة الفدرالية بين المركز وإقليم كردستان لم تعد تستوعبها الظروف الراهنة , فقد تحولت الى علاقة غير طبيعية فيها من المتناقضات اكثر ما فيها من المتوافقات فقد تسببت في اثارة الكثير من المشاكل التي لم تكن لتحدث لولا علاقة الفدرالية بين اربيل وبغداد , وقد تناول السيد مسعود البارزاني هذه النقطة في حديثه لفضائية سكاي نيوز حينما قال ان للعلاقة الفدرالية بين الاقليم والمركز ان تتغير وتستبدل بالعلاقة الكونفدرالية .
هذه المرحلية في تدرج طموحات الشعب الكردي نابع (وكما قال السيد مسعود البارزاني ) من حرص الاقليم على عدم اراقة اي قطرة دم في الوصول الى اهداف الشعب الكردي المشروعة , غير ان هذا لا يعني عدم وجود عقبات للتوصل الى النظام الكونفدرالي بين بغداد واربيل . وهنا نريد ان نسلط الاضواء على بعض من هذه العراقيل والتحديات التي يجب على الحكومة الكردية معالجتها منذ الان للوصول الى وضع طبيعي مع العراق دون فقدان مكتسباتها السياسية الحالية .
1- الباب الاول من الدستور العراقي ( المبادئ الاساسية ) المادة الاولى تنص على ان ( جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة , نظام الحكم فيه جمهوري نيابي ( برلماني) ديمقراطي اتحادي . ويأتي في الباب السادس ( الاحكام الختامية والانتقالية ) الفصل الاول الاحكام الختامية . المادة 122
اولا .. لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء مجتمعين , او لخمس (1/5 ) اعضاء مجلس النواب , اقتراح تعديل الدستور
ثانيا .. لا يجوز تعديل المبادئ الاساسية الوارد في الباب الاول , والحقوق والحريات الواردة في الاب القاني من الدستور , إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين , وبناء على موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه وموافقة الشعب الاستفتاء العام , ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة ايام .
* المادة الاولى هذه والنقاط المفصلة في الباب السادس تشير الى ان الاقليم امامه مهام ليست بالسهلة في سبيل الوصول الى الكونفدرالية مع المركز . ففي خضم المفاوضات التي سيجريها الاقليم مع القوائم العراقية لتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات يجب مراعاة هذا الجانب في اقامة تحالفات مع القوائم الفائزة في للوصول معها الى اجماع برلماني لثلثي اعضاء البرلمان بعد تشكيل الحكومة .
* الاصرار على منصب رئاسة الجمهورية في الحكومة القادمة للمصادقة على هكذا اتفاق برلماني فيما لو حصل .
* اما فيما يخص بالاستفتاء الشعبي فيمكن التوصل اليه بالاعتماد على نسبة سكان الاقليم والثلاث محافظات فيه .
2- محاولة التوصل الى حلول وسط للمشاكل العالقة بين المركز والإقليم ولا يشترط ان تكون حلولا نهائية بقدر ما من المهم تحريك الملف هذا وقطع شوط اخر فيها يفتح الباب امام حلول نهائية مستقبلا بدل البقاء في نقطة الجمود الحالية .
3- الموقف الدولي المتمثل بموقف امريكا والموقف الاقليمي المتمثل بالموقفين التركي والإيراني لن يكونا ضد مشروع الكونفدرالية بما انها لا تعني الانفصال عن العراق كما تتخوف منه الدولتين التركية والإيرانية .
4- الكونفدرالية تكون عادة بين دولتين مستقلتين وهذه نقطة تعيق التحول لهذا النظام مع المركز ولكن في نفس الوقت لا تعتبر نقطة ملزمة , فطبيعة العلاقة بين اي مكونين سياسيين هي من تحدد خياراتهما , وبما اننا اصبحنا نسمع تصريحات من المركز تظهر امتعاضها من العلاقة الحالية (الشاذة) بين اربيل وبغداد وبعد ان بدأ المركز بممارسة الحصار الاقتصادي وقطع الميزانية عن اقليم كردستان فلا اتصور ان الطرفين سيمانعان من الذهاب الى هذا الخيار الذي اصبح واقعا ملموسا .
5- يمكن حل اشكالية النقطة الرابعة اعلاه ( وكما قلنا في مناسبات سابقة) بلجوء الاقليم الى مقاطعة المركز والانسحاب من حكومة بغداد لفترة غير محددة من الزمن (بعد تنفيذ النقاط الاولى والثانية والثالثة ) لإعطاء مرونة في التعامل مع المركز مستقبلا مع ممارسة ضغوط في الملف المائي والنفطي والتجاري على الحكومة العراقية لإجبارها على القبول بصيغة الكونفدرالية مع كردستان في مفاوضات تصادق وتشرف عليها جهات دولية .