23 ديسمبر، 2024 4:20 م

الكوليرا ووالدة جينكس والدفن على القمر!

الكوليرا ووالدة جينكس والدفن على القمر!

(كلما شعرتَ بالوحدة، أنظر الى القمر، فستجدني هناك) عبارة وجهتها والدة جندي أمريكي سابق، يدعى جينكس، توفيت على أثر إصابتها بمرض الكوليرا، لذا قامت شركة أسا يلوم سييبس، في سان فرانسيسكو، بتكريم هذه المرأة المسكينة، التي تركها إبنها، للإلتحاق بالجيش الأمريكي، وإختارتها لتكون، أول مَنْ سينقل رماد جثمانها الى سطح القمر، وهذه الرحلة ستتم بواسطة، المركبة غريفين لا ندر الفضائية، وستنطلق نهاية خريف العام الحالي!
عندما نكتب عن حالة طارئة غريبة، فإننا نكتب لأهداف سامية، لأن العراق بلد الثروات والخيرات، والمفترض أن يعيش فيه العراقيون، كالملوك من الألف الى الياء، ولكن أن يفد إلينا مرض عفا الزمن عليه، وفي القرن الحادي والعشرين؟! السبب إهمال مشاريع تصفية وتحلية، المياه الصالحة للشرب، والتلوث المائي الكبير، فهل ستقوم الحكومة النائمة المبجلة، بنقل رماد المتوفين بالكوليرا الى القمر، لينظروا إليهم أبناءهم، عندما يشعرون بالوحدة؟!
الصراع السياسي مستمر، بسبب الجهل السياسي، ولكن الصراخ الكوليري بدأ، والشعب يعاني ويلات السكوت السياسي، عن الفساد وضياع أرض وثروة العراق، فها قد جاء الزائر الفيروسي، ليحصد أرواحنا، بعد أن أخذت الحروب، والإحترابات الطائفية والمذهبية، والعصابات الإجرامية (داعش)، والتهجير، والنزوح، وأخرها الهجرة الى فردوس أوربا المزيفة، وكأن ظاهرة القمر الدموي، أثبتت صحة ما يشاع عن نهاية العالم، ودفن قرابين الكوليرا على سطحه، نهاية أيلول الحالي!
الكوليرا، والشركة الأمريكية، والمركبة الفضائية، ووالدة الجندي جينكس، والإبن نفسه، كلهم سعداء بهذه الأحداث التأريخية، سواء أكانوا في الأرض أم على القمر! لكن الأبرياء في عراقنا الجريح، تركوا أماكنهم في الحياة، لأن الدولة لم توفر لهم، الماء الصالح للشرب، وهم يعانون النزوح والتهجير، فأين هي وزارة الصحة، وخططها الطارئة، أم أن الحكومة العراقية، ستوقع إتفاقية صحية إستراتيجية، لمكافحة المرض، وضرورة تواجد مستشارين، يتناسب وحجم الكارثة!
الحكومة العراقية، ووزارة الصحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمات المجتمع المدني، والتوعية البيئية، من أهم مستلزمات الحملة الوطنية، للقضاء على المرض، الذي يزورنا هذه المرة، مع وجود ملايين من النازحين، وهم في أوضاع سيئة جداً، وعليه وجب تظافر جميع الجهود والإمكانيات، من أجل أطفالنا ومستقبلنا، الذي يحتاج منا كل عون، لكي نكتب لوحة سليمة، نرسمها بكلمات قوية، ونبني قصيدة صحيحة وصحية، لأجل العراق والعراقيين!