على الرغم من التقاطع السياسي والأيديولوجي وحتى الفلسفي بين روسيا وايطاليا المنكوبة , فقبل ايّامٍ قلائل حطّت تسع طائراتِ شحنٍ روسيةٍ عملاقة في مطار روما الدولي محمّلةً بكلّ المتطلبات العلاجية – الفنية لوباء كورونا كمساعدةٍ اخلاقيةٍ ” على الأقل ” للشعب الأيطالي .
كوبا الدولة الفقيرة وشبه المعزولة جيوبوليتيكيا عن العالم ارسلت الى ايطاليا طائرةً كانوا ركّابها 150 طبيباً كوبياً مختصاً بالأمراض الوبائية لمساعدة الطليان او الأيطاليين للحد من Covid 19 .
يومَ امسِ عاودت القيادة الروسية بأرسال طائرةٍ الى روما تحمل على متنها او في بطنها مجمّع طبّي خاص يحتوي على مختبراتٍ واجهزة وتقنياتٍ طبية , سرعان ما تمّ نصبه وتركيبه بعد تفريغ حمولته من الطائرة .
إخترنا هذه الأمثلة المنتخبة ” دون سواها ” للإشارة عن الأختلافات المتقاطعة لكلا روسيا كوبا ” الدولتين السابقتين في المعسكر الشيوعي ” رغم امتداداتٍ خاصة ومن زوايا تأريخية يصعب الأنفكاك منها على صعيد العلاقات الدولية والجوانب الأخرى في السيكولوجيا والأيديولوجيا وخصوصاً الإعتبارات الأقتصادية ” مع الدولة الأيطالية – العضو البارز في الأتحاد الأوروبي , والعضو الفاعل في حلف حلف الأطلسي حيث يتواجد فيها مقرّ القيادة العسكرية الأمريكية , وما يجري بين هذه الدول من تعاونٍ انساني خلاّق .
ما دعانا او إجتذبنا قسراً لسَوقِ هذه الأمثلة هو المرارة الشديدة المرارة للواقع العربي الحالي ! فبرغم أنّ الكورونا لا تستثني أيّاً من الأقطار العربية وغير العربية , لكنّ بعض الدول العربية – القليلة العدد تعاني من اوضاعٍ اقتصاديةٍ شديدة الصعوبة وجاء هذا الوباء العالمي ليحمّلها اعباءً تفوق اعباءها القائمة , ولم نسمع ولم نتوقّع اصلاً ! أن تقوم احدى او بعض الدول العربية الثريّة بمنح مساعداتٍ مالية او طبية لهذه الدول , بينما بعض دول الخليج أدمنت على دفع مليارات الدولارات لتمويل قوى المعارضة والمرتزقة في سوريا وليبيا وسواها , ودونما مصلحةٍ اقتصادية او وطنية لبلدانها او شعوبها للأسف , ولو كانت للكورونا مسحةً من عدالة القتل والفجيعة والترويع , لكان عليها البدء اولاً بهؤلاء اعداء العروبة والمبادئ والأنسانية قبل قتل الآخرين من كلّ الشعوب , ونحن نتحدث هنا من ناحية الأولويات على الأقل .!