22 ديسمبر، 2024 11:38 م

الكورد و الصراع السني الشيعي

الكورد و الصراع السني الشيعي

يبدو جلياً من مجريات الاحداث (السياسية و العسكرية) في العالم ان الحرب مرحلة من العلاقات الدبلوماسية بين المؤسسات و الافراد و تنتج عنها افرازات عديدة بين رسم الحدود من جديد و منح الحقوق للبعض على حساب الاخرين و ضرب احلامهم ادراج الرياح و ما ان تبدأ حرباً إلا و يفكر الاطراف لتحقيق اكبر الاهداف السياسية ببسط النفوذ و ارغام الخصم بالرضوخ لمطاليبه و السيطرة على الاراضي و مصادر الطاقة و تأمين مصالحها التجارية و الاقتصادية و الامنية .
اذاً الصراع قديم منذ وجود الانسان و صفة متلازمة معه و بات نمطاً من انماط حياته فهو في صراع مستمر مع بيئته و بني جنسه ..
يبدو أن للسياسة في كل مرحلة أدواتها وأهدافها ففي اثناء الحرب العالمية الاولى و بعدها بدأت المؤتمرات تعقد و الاتفاقات تبرم ليبدو خريطة الدول بشكل لم يسبق له و لم تكتف الدول العظمى بالحدود الطبيعية بل رسمتها كما تشتهى لها و من اجل ايقاف المد الشيوعي الاممي و الفعال في حينه فكرت تلك الدول بتأسيس الدول القومية و دعم الحركات التحررية القومية و فعلاً تم تأسيس الدولة التركية و الفارسية و الدول العربية و انشاء وطن قومي لأسرائيل في قلب منطقة الشرق الاوسط و نتيجة لأسباب عديدة ذاتية و موضوعية حرمت القومية الكوردية من انشاء كيان مستقل منها قوة وغطرسة القوميات المحيطه به و الانقسامات الداخلية للكورد انفسهم و ادخل العالم في حرب باردة طالت لحوالي نصف قرن و انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق و تغيرت معها مفاهيم عديدة و ظهرت مصطلحات جديدة و باتت امريكا القطب الاوحد و تقرر مصير الشعوب في البيت الابيض و تصرفت كأنها سيدة العالم و امنها القومي في مأمن من التهديدات و الاخطار و لكن لم تدم طويلاً فبعد احداث (11 سبتمبر 2001) بدأت امريكا تفكر باعادة رسم خارطة الشرق الاوسط و ان التقسيم السابق لم يعد تجني الفائدة المرجوة و لكن هذه المرة على اساس طائفي بين المذاهب الاسلامية نفسها و خاصة المذهب السني و الشيعي أي سنشهد ولادة دول سنية وأخرى شيعية و اطلقت امريكا عنان ايران الدولة الشيعية و الراعية للتشييع و المدافع عنها بالرغم من الصراع الظاهري القائم بين كليهما حيث ان نيران الصراع الشيعي السني كانت قائمة منذ فترة طويلة و لكنها برزت الى الوجود بشكل واضح في العراق بعد عام 2003 و وصلت ذروتها في اعوام (2006 و 2007) بحرب اهلية غيرت من ديموغرافية المنطقة و اعلنت ايران عن نواياها بالهلال الشيعي من ايران الى لبنان عن طريق العراق و سوريا و استفادت من مجريات الاحداث و ظهور الجماعات الارهابية و اخيراً (داعش) و اليمن هي الاخرى تشهد هذا الصراع و في دول الخليج تظهر بين فترة و اخرى هذا الصراع و لكن في شكل مظاهرات و اعتقالات و تكمن استفادت امريكا و الدول الغربية من هذا الصراع في :-
تقليل خطر الاسلام على الغرب و دخول الاعداد الغفيرة من شعوبهم للدين الحنيف و انشغال المسلمين بهذه المأساة و نسيان دورهم الاساسي في الحياة .
جعل منطقة الشرق الاوسط سوقاً لبيع الاسلحة المتنوعة المحرمة استخدامها في دولهم في مقابل تأمين مصادر الطاقة لهم و خاصة النفط و الغاز الطبيعي و غيرهما ..
تأمين أمن اسرائيل باعتبارها جزءاً من امن امريكا ففي السنوات السابقة كانت اسرائيل في مرمى نيران الدول العربية و الاقليمية المحيطة بها و لكن في ظل هذا الصراع ينسى هذه الدولة .
محاربة الفكر المتطرف (السني و الشيعي) و جعله جبهتين متضادتين بعد ان كان يوحدهم الموقف من الغرب .
دعم الاقليات الموجودة في منطقة الصراع مثل المسيحيين و غيرهم .
المشاركة في اعمار مادمره الحرب الطائفي و الاستثمار الاقتصادي في هذه المنطقة . 
و السؤال المطروح هو ما مدى استفادة الكورد من الصراع القائم بعد ان فشل جهوده في المرحلة السابقة و هل يتمكن من التمسك بمبادئه القومية و يعمل من اجل بناء كيان قومي مستقل له ام انه سيدخل الصراع مجبراً و يكون جزءاً من الصراع القائم و هل يشعر الغرب بمظلومية هذا الشعب القادر على تحقيق المعجزات و يدعمه في تقرير مصيره القومي وسط الانقسام الداخلي للقوى السياسية الكوردستانية بين جبهة سنية و اخرى شيعية غير معلنة و لكن تصرفاتهم تنذر بذلك بين من يرى نفسة قريباً من ايران الشيعي و اخرين بجوار المحور السني من تركيا و السعودية و قطر و ان مايفرض نفسه هل ان جهود الكوردستانيين تهدر في هذه المرحلة كسابقها ام ان القيادة السياسية ستكون في مستوى المسؤولية و تلعب دورها و هذا هو المنتظر منها لصعوبة الموقف و المرحلة ، لأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى ، وأن معركة تحرير الموصل التي نحن على ابوابها أوضح بصورة كاملة معالم هذا الصراع بين القوى المختلفة الداخلية والاقليمية ونحن على أمل بان القيادة الكوردستانية قادرة على العمل وتحقيق الانتصارات وسط الازمات وانقاض الصراعات وسنشهد ولادة كيان كوردستانى مستقل   .