تشير جميع التجارب و الدراسات التي يجريها المختصين في مجال التفجيرات ( تفجير المواد TNT و C4 ) وغيرها سواء للاغراض السلمية او لعمليات ارهابية إلا ان التغيير الفيزيائي الذي يحدث نتيجة الانفجار هي التغير في حجم الهواء الموجود نحو الزيادة بأضعاف و اضعاف , لذا فان تأثير هذه الانفجارات داخل الاماكن المغلقة يكون اكثر تأثير و فتكاً , فيما اذا كان في اماكن مفتوحة , و في بداية الانفجار يتجه الهواء المضغوط نحو الاماكن الضعيفة والرقيقة كزجاج الشبابيك و الابواب و اخيراً الجدران و السقوف اذا كانت شدة الانفجار لا تستوعبها الشبابيك و الابواب فيؤدي الى هدم البناية محدثاً صوتاً مرعباً مدمراً لكل ما حوله .
هكذا ،فان البكتريا و الجراثيم التي تجد لها موضع قدم في جسم الانسان تبحث عن المناطق الرخوة التي تقل فيها مناعة الجسم و تكون بعيداً عن تأثير جهاز المناعة و تقوم بعملها و تستغل ضعف الجسم في ذلك الجزء منه لتنطلق منها نحو باقي الاجزاء ، فالجراثيم هي ايضاً تبحث عن الحلقات الضعيفة للمقاومة لتنشأ فيها و تنمو و تتطور .
لكي لا نذهب بعيداً , فان الصراع بين الدول على المصالح و النفوذ و السيطرة تأخذ من هذه القاعدة اساساً للانطلاق نحو كسب المزيد من المصالح و تحقيق الاهداف و ان كان بتسميات متعددة و أساليب مختلفة , و هذا يعني بان الدول في سبيل مصالحها مستعدة للتضحية بالمنطقة الرخوة في صراعها مع بعضها البعض ،و تضرب كل الاتفاقات السابقة و مبادئ حقوق الانسان و تقرير المصير عرض الحائط ناسية و متناسية الالتزام بها و ما وقع عليها , لأن المصالح هي التي تتحكم بعيداً عن المبادئ و العواطف التي طالما يتمسك بها الشعوب المغلوبة على امرها .
الشعب الكوردي كان واحداً من الحلقات الضعيفة في صراع الدول العظمى على منطقة الشرق الاوسط , فبالرغم من الوعود السابقة له بحمايته و المشاركة في المؤتمرات و عقد الاجتماعات و الزيارات المتبادلة لكلا الطرفين , إلا انها تقف عند جدار الغرف المظلمة و الاجتماعات و الاتفاقات السرية بين الدول العظمى و دول المنطقة لتذهب احلام الشعب الكوردي ادراج الرياح باعتبارهم المنطقة الرخوة في صراعات المنطقة ومعاهدة لوزان وأتفاقية الجزائر المشؤمة عام 1975 مثالين واضحين .
في العصر الحالي نرى بان المشهد يتكرر , فبالرغم من ما شهد اقليم كوردستان من تطور و لعب دوراً شامخاً في محاربة داعش ،و اطلاق الوعود من الدول بحمايته إلا ان احداث 16 اكتوبر 2017 اثبتت ما ذهبنا اليه , فأمام مرآى الدول ومسامعهم دخلت القوات العراقية و الحشد الشعبي و باسلحة امريكية الى كركوك و احتلتها و فرضت عليها ادارة عسكرية حاولت طمس الهوية الكوردستانية للمدينة ،و لم تحرك ساكناً بل ادعت تلك الدول بانها مجرد عملية تنسيق عسكرية لا غير .
فاليوم نرى بان الصراع الايراني الامريكي دخلت مرحلة دقيقة و حساسة ، و بناء تحالف دولي ضد اطماع ايران و تدخلاتها في المنطقة باجتماع اكثر من (70) دولة في وارسو عاصمة بولندا تحت شعار حماية أمن وأستقرار الشرق , و الكورد لا يزالون منشغلين بتشكيل الحكومة الجديدة للاقليم ،و يتصارعون من اجل الحصول على اكثر المناصب عدداً و التلويح اليومي بعدم المشاركة إلا وفق شروط جديدة يومية , فان التقسيم الكوردستاني يجعل منه ضعيفاً غير مقاوم امام الصراعات الدولية في المنطقة برمتها . فهل ان القوى الكوردستانية تكون على قدر مسؤولية المرحلة بتوحيد صفوفها وموقفها ؟ ام ان الاطراف المتصارعة تقوم باستغلال هذه القوى لصالحها ؟! فالايام القادمة ستكشف مدى حب و اخلاص القوى الكوردستانية لشعبها و تمسكها بالمبادئ التي أعلنوها ام ان الوجه الحقيقي لها سيظهر للجميع و بالتالي الشعب هو المقرر و الضحية في آن واحد .