18 ديسمبر، 2024 6:37 م

الكورد وملامح ما بعد داعش

الكورد وملامح ما بعد داعش

مع اقتراب نهاية تنظيم داعش في العراق تتضح شيئا فشيئا ملامح مرحلة ما بعد سيطرة هذا التنظيم الارهابي، وفي مؤتمر انقره الذي عقد كأطار سياسي لاختيار قيادة للسنة لمرحلة ما بعد داعش والذي جرى بموافقة كافة الاطراف السنية المشاركة وتوافق خمس دول داعمة وبمباركة ايران واستبعاد قسم من القيادات السنية التقليدية التي يطلق عليها القادة الشباب لقب الديناصوات على سبيل المثال: (اسامة النجيفي، صالح المطلك، رافع العيساوي) وحتى خميس الخنجر. كان ذلك ابرز ملامح المرحلة المقبلة, في البداية هاجمت مؤتمر انقره بعض الاطراف الشيعية ووصفته بالخيانة وعملت على جمع التواقيع وطالبت المدعي العام بتسجيل دعوى قضائية ضد المشاركين في المؤتمر المذكور وجر اعضاء البرلمان والمحافظين المشاركين فيه الى المحاكم.
اشيعت اكثر من مرة انباء عن مشاركة رئيس البرلمان سليم الجبوري في المؤتمر, لكن الامر جرى نفيه، وقد سعى الجبوري اكثر من مرة الى السفر الى تركيا لكن جرى اقناعه بالعدول عن ذلك، وقبل اقلاعه من بغداد الى انقره التقى الايرانيين، ووصل اخيرا الى تركيا مع نهاية المؤتمر، حيث جرى التصويت بالاغلبية على اختياره رئيسا لهذا الاطار الجديد الذي خلق ليجمع السنة فيه.

بعد تسريب قرارات المؤتمر واسماء قيادة هذا التشكيل السياسي الجديد لم يعد للضجة التي اثيرت حوله وجود, ولم نعد نسمع صوتا لمن هيج الدنيا عليه.

بحسب الانباء فان ممثلي كل من السعودية وقطر والاردن والامارات وتركيا كانوا حاضرين في المؤتمر, ولم يسمح لأي من المشاركين في المؤتمر باستخدام اجهزة المحمول, بل وحتى استخدام الاقلام والورق التي حضر ادخالها الى قاعة المؤتمر.
من جانب اخر كشف حسن العلوي مضمون رسالة حزب البعث المنحل الى ايران والتي بعثها عزت الدوري عن طريقه عبر حزب الله اللبناني، وتم تأكيد صحة ارسال الرسالة عبر بيان اصدره صلاح المختار احد قادة البعث البارزين, والتي طرح فيها رأي البعث في مرحلة ما بعد داعش وتخليه عن العمل المسلح, كما شارك قسم غير قليل من قادة السنة الشباب في عملية سياسية لتشكيل حزب جديد باسم (حزب اتحاد القوى الوطنية), وهذه الاحداث تظهر ملامح القيادة السنية في مرحلة ما بعد داعش.
اتضح من الخطابات والبيانات ان السنة يستعدون لادارة محافظاتهم, اي ان يكون لديهم اكثر من اقليم وان يكون عملهم الاساسي هو اعادة اعمار مناطقهم واعادة اهاليها الى اماكنهم, وتجرى الاستعدادات لاعمار المناطق السنية المنكوبة, وجرى ايضا توزيع المهام حسب التسريبات وبالشكل التالي: تتولى السعودية والامارات اعمار محافظة الانبار, فيما اخذت كل من تركيا وقطر على عاتقها مهمة اعادة اعمار محافظة نينوى، وسلمت محافظة تكريت وما حولها الى الامارات وقطر والكويت وهي الدول الثلاثة التي ستتولى اعمار المناطق المتضررة من محافظة ديالى وكركوك، واجمعت كل هذه البلدان والقوى السنية على ان يكون الاردن هوالمقر الرئيسي لهذا العمل وللرقابة والمتابعة, وان يعقد مؤتمرهم المقبل في العاصمة الاردنية عمان.

الشيعة في مرحلة ما بعد داعش احتفظوا لانفسهم بالسيطرة على العموم على بغداد وحزام بغداد ومحافظة ديالى ومناطق من محافظة صلاح الدين ، فيما تركوا المناطق الاخرى من صلاح الدين والانبار ونينوى للسلطات المحلية السنية.
لكن يبقى الامر الذي لم يتضح بعد هو مسألة الكورد سواءا كان أقليم كوردستان او المناطق الكوردستانية خارج الاقليم، فالاقليم يتعرض الى مجموعة كبيرة من الازمات، وتعمقت الخلافات السياسية بشكل بات يهدد الكيان السياسي للاقليم, اضافة الى المشاكل الداخلية والقضايا السياسية المصيرية مع الدولة العراقية التي ضلت معلقة بل وازدادت تعقيدا, كذلك عدم القدرة على التفاهم مع المكونات الموجودة في كردستان كالتركمان والمسيحيين، وفوق كل ذلك محنة الكرد الايزيديين في سنجار, وموضوع حزب العمال الكردستاني واكراد كردستان سوريا. 
اكبر كارثة تكمن في ارتباط مصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني بتركيا، ليس هذا لوحده فيما يتعلق بالقضية الكوردية بل ويتضح ان الدول ذاتها التي تعمل على توحيد البيت السني واعادة اعمار المناطق السنية, تعمل على تعميق الخلافات داخل البيت الكوردي, وتدمير كوردستان وانهاء الحكم الكوردي فيها.
الشيعة سيقودون السلطة في مرحلة ما بعد داعش بشكل اقوى, وسيفرضون نفوذهم والسنة اخذوا عبرة مما جرى وسيقومون بادارة مناطقهم ويعيدون اعمارها وبذلك سوف يتحولون الى شريك اصيل في السلطة العراقية, لكن وضع الكورد الحالي في كوردستان لا يدفعنا للتفاؤل خصوصا ان المنطقة تمر في ظروف حساسة وتتجه نحو متغيرات كبيرة, والجميع يسعى لتوحيد صفوفه الداخلية فيما نستمر نحن الكورد في فرقتنا, وها هم الاخرين يعملون على تحويلنا الى ادوات حرب بالوكالة ضد بعضنا البعض من اجل تدمير بيتنا الداخلي, بذلك يتضح ان الكورد هم اكبر اعداء لأنفسهم.