22 ديسمبر، 2024 11:58 م

الكورد ومسك العصا من الوسط

الكورد ومسك العصا من الوسط

تشير الاحداث و المواقف الدولية وفق التحليلات و التنبؤات الاتية بان العالم بأسره و منطقة الشرق الاوسط مقبل على التقسيم بين منطقة نفوذ امريكية و اخرى روسية و لكل منهما أتباعه و يحاولان بسط نفوذهما على اكبر قدر من المساحة و تأمين مصالحهما فبعد ان انقسم العالم ابان الحرب العالمية الاولى بين بريطانيا و فرنسا بناءً على اتفاقية سايكس بيكو و يبدو ان هناك صراعاً خفياً بين القوتين و هي بدون شك امتداد للحرب الباردة التي طالت امدها اكثر من نصف قرن .
و ان شعوب المنطقة تحاول ان ترتبط باحدى القطبين بعدما كانت امريكا القطب الاوحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق في العقد التسعيني من القرن الماضي ، و تختلف وسائل كلا الدولتين في بسط نفوذهما بين ايجاد قواعد عسكرية او شركات اقتصادية (نفطية) او المشاركة السياسية لادارة الحكم في هذه المناطق في وقت لاينكر دور الدول الاخرى ولكن بتأثير اقل او انه جزء من استراتيجية احدى الدولتين .
ان احدى الشعوب التي باتت تلعب دوراً هاماً في منطقة الشرق الاوسط هو الشعب الكوردي بكل اطيافه و قواه السياسية و مساعيه في تقرير مصيره في كل اجزاء كوردستان الكبرى و يمكننا القول بأنه اللاعب الرئيسي في لعبة الأمم و خاصة في كوردستان العراق بعد دوره في بناء الحياة الديمقراطية و التعايش السلمي و غيرها من الركائز الذي يستند عليه حكومة الاقليم و شعبه .
السؤال الذي يطرحه الكثيرين هل يمكن لحكومة الاقليم ان يمسك العصا من الوسط بين هاتين القوتين ام انه مضطر الى اختيار احدهما بكل امتيازاته و عواقبه ويربط مصيره بتواجده وقوته … إن اتخاذ مثل هذا القرار صعب للغاية و انه ليس وليد هذه الاحداث و انما سيكون ثمار السنوات الماضية بين من كان داعماً لها و واقفاً بالضد منها و لكنه واقع حال بحيث لا يمكن ارضاء كل الاطراف و كان من السهل اتخاذ هذا القرار و لكن مصيبة الكورد وأفتهم هو التقسيم على نفسه بين معسكر يتبنى استراتيجية روسيا و ايران و العراق الشيعي و آخر يجد نفسه قريباً من امريكا و تركيا و الدول العربية مثل السعودية و قطر و الاردن متعاطفاً وحامياً للعراق السني … و اذا كان هذا التقسيم لمصلحة الشعب الكوردستاني و جزء من استراتيجية القيادة السياسية للأقليم بضرورة الحفاظ على مصالح كلتا الدولتين للاستفادة و انقاذه من المظالم و تأمين قيام كيان سياسي فانها تدل على حكمة هذه القيادة و قدرتها على اللعب فوق الاوتار المختلفة و لكن اذا كان هذا التقسيم ناتجاً عن اختلافات جوهرية في الرؤية و الابعاد السياسية (و هذا ما يشم رائحته) فانه سيكون كبش الفداء للمصالح الدولية مثلما كان سابقاً و مازلنا نتذوق مرارتها و ان زيارات قادة الاكراد الى الدول المختلفة مثل تركيا واوربا وامريكا وأخيراً قرار رئاسة الاقليم بزيارة السيد مسعود البارزاني الى ايران استجابة لدعواتها المتكررة تأتي في سياق مسك العصا من الوسط دون التحيز الى جانب دون الاخر و جواباً للاطراف التي تتهم سيادته ببعده عن ايران و المحور الروسي . و بتجاوز هذه المعضلة السياسية التي تقرر مصير الشعب الكوردستاني على القيادة السياسية في الاقليم في هذه المرحلة العصيبة ان تعمل بكل جد :
* توحيد صفوفها و نبذ الخلافات و المصالح الحزبية جانباً و العمل وفق المصالح العليا للشعب الكوردستاني بكل قومياته و اطيافه و اديانه و توحيد الخطاب السياسي على المستوى الداخلي والعراقي والاقليمي .
* معالجة المشاكل و الازمات الداخلية (السياسية و الاقتصادية) و الرجوع الى الشعب وجعله مصدراً يستمد منه الارادة و العزيمة .
* تحسين العلاقات مع كافة الدول الاقليمية و الدولية و شعوبها على اساس حسن الجوار و احترام الحقوق وفق المصالح السياسية و الاقتصادية و الوقوف على مسافة واحدة منهم .