منذ وجود الخليقة ، برز الصراع بين الحق والباطل كتحصيل حاصل لتأمين مصالح ذاتية او فئوية على حساب الاخرين ولحد الساعة لم يتوقف هذا الصراع الذي اخذ اشكالا والوانا متعددة مع تقادم الزمن وتطور الحياة البشرية .
الشعب الكوردي من الشعوب القديمة في المنطقة الذي يمتد تاريخه لآلاف السنين و منذ وجوده على ارضه تعرض الى غزوات وحملات متعددة من الطامعين بارضه لما يشكله من موقع جغرافي مهم فضلا على امتلاكه ارض خصبة زراعية ووفرة المياه ناهيك عن المعادن المتنوعة التي نحتاجها اليوم لديمومة الحياة واخرها اكتشاف الثروات الطبيعية كالنفط والغاز وبعض المعادن ، التي تشكل في مجموعها عناصر مهمة لبناء اقتصاد متكامل.
بعد انهيار الامبراطورية العثمانية كنتيجة للحرب العالمية الاولى وتقسيم ارض كوردستان بحسب معاهدة سايكس بيكو ومن ثم سيفر، اشتد الصراع بين الحق المتمثل بالشعب الكوردي لاستعادة ارضه ووحدة شعبه والباطل المتمثل بالنظم الدكتاتورية التي حاولت بشتى الوسائل العسكرية والاستبدادية ان تثني هذا الشعب عن اهدافه وطموحاته ، والى جانب فرض الحروب عليهم ، اتهم الكورد عبر نضالهم التحرري زورا وبهتانا باتهامات مزيفة ومجحفة للنيل من ارادتهم وعزيمتهم وتشويه كفاحهم ، كالعمالة للاجنبي وتنفيذ مخططات الامبريالية والصهيونية و تهديد امن المنطقة والبلدان التي تقاسمت ارض الكورد واخرها ما نسمعه اليوم من
بعض الاطراف والابواق الدعائية التي تتهم الكورد بالسعي لتقسيم العراق وتضليل الجماهير باساليب وخدع شيطانية متعددة ، محاولة القفز على حقيقة مايصبو اليه الشعب الكوردي الذي ذاق الويل والدمار علي يد الانظمة الدكتاتورية الضالمة في المنطقة.
اثبت الكورد في اكثر من عقدين من تشكيل حكومتهم الاقليمية وبرلمانهم بانهم عامل استقرار للمنطقة والعالم وليس اداة لخلق المشاكل والاضطرابات والحروب ، ومن هذا المنطلق قدم الرئيس مسعود بارزاني مشروعا لاحلال السلام في شمالي كوردستان بين حزب العمال الكوردستاني و الحكومة التركية تمخضت عنه هدنة لوقف الاقتتال بين الجانبين ولكنه لم يكلل بالنجاح بسبب تزمت الجانبين بمواقفهما ورفض استمرار الحوار ومن ثم انهيارها واستئناف القتال الذي لن تكون له جدوى وسيكلف الجانبين خسائر بشرية ومادية كبيرة.
كما سعى القادة الكورد في اقليم كوردستان للوساطة بين طهران وقوى المعارضة الكوردستانية في شرقي كوردستان ولكنهم لم يفلحوا بسبب عدم وجود ارادة حقيقية لدى الحكومة الايرانية بالحوار لحل القضية الكوردية ، وفي سوريا ايضا اجتمع رئيس اقليم كوردستان مرات عديدة بجميع التنظيمات السياسية والفصائل الكوردية المعارضة للنظام السوري وقدم طرحا للعمل المشترك ليكون لهم دور فاعل في مستقبل سوريا السياسي ، الا ان بعض الاطراف المرتبطة بأجندة النظام السوري رفضت التعاون مع بقية القوى ما ادى الى انقسام وتشظي تلك القوى وضياع فرصة كبيرة للكورد في هذا البلد الذي دمرته الحرب الاهلية.
الحقيقة ان ما يسعى له الكورد في هذه المرحلة لتقرير مصيرهم وانشاء كيانهم المستقل في المنطقة ، حق المشروع اسوة بجميع الشعوب في العيش على ارضه برفاه وكرامة وليس على حساب حقوق الاخرين ، الكورد لم يطالبوا اشقاءهم العرب السنة والشيعة او التركمان وغيرهم بأنشاء دويلات لهم وتمزيق العراق ، بمعنى ان الشعب الكوردي وقيادته عندما يطالبان باجراء الاستفتاء لقول كلمة الفصل بشأن مستقبله وبناء دولته المستقلة ، هو ليس تقسيما للعراق كما تروج له بعض الاطراف والمنابر الاعلامية المضللة، بل هو استعادة حقه على ارضه وترك ارض العراق موحدا ومتماسكا للشعب العراقي بامكانياته الاقتصادية وقدراته البشرية الهائلة بجميع اقوامهم واديانهم وانتماءاتهم و ولاءاتهم للعيش على ارضهم بسلام و وئام وسوف يبقى الشعب الكوردي جارا امينا وصادقا يعمل لتأمين المصالح المشتركة للشعوب المحيطة به والعيش بجوارهم بأمن وسلام و وئام و وضع نهاية للحروب والقتل والدمار وتبديد الثروات كما حدث في العقود الماضية.