23 ديسمبر، 2024 11:04 ص

الكورد بين الواقع والطموحات

الكورد بين الواقع والطموحات

الشعب الكوردي هومن اكثر الشعوب المضطهدة في العالم, ويعتبرالكورد من اكبر الشعوب التي لا تملك دولة مستقلة أو كيان سياسي موحد معترف به دوليا, حيث يبلغ تعدادهم ما يقارب اربعون مليون نسمة, وينظر الكورد الى معركة جالديران عام 1513م بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية على انها من المعارك الفاصلة في التاريخ الكوردي, ويعتبرون هذه المعركة بانها كانت السبب في تقسيم كوردستان الكبرى بين الدولتين الصفوية والعثمانية, حيث تم الحاق جزأ من ارض كوردستان بالدولة العثمانية والحق القسم الآخر بالامبراطورية الفارسية ( ايران الحالية).

لقد ظلمتهم المعاهدات الاتفاقيات الدولية المختلفة, وابرزها اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916م بين فرنسا وبريطانيا بمصادقة ايطاليا وروسيا القيصرية آنذاك وقسمت القسم الذي كان تحت سيطرة الدولة العثمانية من وطنهم بين ثلاث دول رئيسية هي ( سوريا,العراق,تركيا) لتنفيذ مصالح الدول الغربية الاستعمارية آنذاك والقضاء على الدولة العثمانية التي كانت تسيطرة على المنطقة قبل الحرب العالمية الاولى, وبذلك اصبحت كوردستان مقسمة بين اربع دول هي ايران, سوريا, العراق و تركيا.

اصل الكورد ومنشأهم

هو شعب يتمركزتواجده في شمال الشرق الأوسط, بالتحديد في جنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا وشمال غرب إيران وشمال شرق العراق, حيث تعرف هذه المناطق الاربع كرديا على انها كوردستان الكبرى, كما انهم يتواجدون في اذربيجان وارمينيا وكازاخستان.

تعددت الدراسات حول اصل ومنشأ الكورد, ولم تتوحد الآراء حول اصل الكورد وظهورهم في كوردستان, لقد ظهرت العديد من النظريات والدراسات حول اصلهم ومنشأهم وتاريخهم القديم, حيث استدلت بعض الدراسات على اصل الكورد من خلال ربط الخصائص القومية للشعب الكوردي كتسمية كورد او من خلال تحليل حوادث التاريخ القديم للكورد ودراستها منذ العصور القديمة وحتى العصر الحالي وبمفهوم الكورد بصيغته القومية الحالية.

نظرية العالم الجورجي نيكولا مار 1865-1934

ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻧﻈﺮﻳﺔ ” ﻣﺎﺭ ” ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ بحسب ماكتب الباحث جودت هوشيار ﺍﻟﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻘﺎﺳﻴﺔ, ﺍﻟﺘﻰ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺎﺕ ” ﺍﻟﻴﺎﻓﺘﻴﺔ “, ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻢ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ” ﻳﺎﻓﻴﺖ ” ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻰ ﺍلكتب المقدسة.

ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ” ﻣﺎﺭ ” ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻭﺑﺪﺍﺋﻴﺔ, فحسب نظريته ( اللغة بناء فوقى على أساس الأنتاج والعلاقات الأنتاجية, شأنها فى ذلك شأن الأدب والفن ) ﺣﻴﺚ ﻃﺮﺡ ” ﻣﺎﺭ ” ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺷﻜﻞ ﺃﻗﺘﺼﺎﺩﻯ / ﺃﺟﺘﻤﺎﻋﻰ ﺃﻟﻰ ﺁﺧﺮ, ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ, ﻭ ﺃﻋﻠﻦ ” ﻣﺎﺭ ” ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﺤﺪﺙ ﺗﻔﻜﻚ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺑﻀﻤﻨﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪ ” ﺍﻟﻨﺤﻮ ” ﻭ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻟﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﻓﻰ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ.

ﻛﺎﻥ ” ﻣﺎﺭ ” ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﻓﻮﻗﻰ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻰ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻘﻰ, ﻟﺬﺍ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻓﻮﻗﻴﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﺒﻘﻴﺔ ﺃﻳﻀﺄ, وقد تصدى لهذه النظرية الفاسدة كثير من علماء اللغة و فى مقدمتهم بوليفانوف.

ﻟﻌﻞ ﺃﻏﺮﺏ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ : ﺍﻥ ﻛﻞ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭ ﺑﻀﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ ﻧﺸﺄﺕ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ, ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ ﺍﻷﺻﻞ ﻣﺴﻤﻴﺎﺕ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ, ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ هي : ‏( ﺭﻭﺯ , ﺍﻳﻮﻥ , ﺑﻴﺮ , ﺳﺎﻝ ‏), ﻭ ﻟﻜنه ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ, ﻟﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻫﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ, ﻭ ﺣﻴﻦ ﺳﺌﻞ ” ﻣﺎﺭ ” ﻟﻢ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺃﻛﺜرﺃﻭ ﺃﻗﻞ, ﺃﺟﺎﺏ : ” ﺍﻥ ﻟﻸﺭﺽ ﺃﺭﺑﻊ ﺟﻬﺎﺕ ﻟﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ.”

لقد سادت نظرية مارعن اللغات اليافتية طيلة العهد الستالينى تقريبا, حيث كانت تنسجم مع توجهات ستالين و طروحاته الفكرية حول البناء الأشتراكى, و أصبحت هذه النظرية, هى النظرية اللغوية الوحيدة المقبولة فى الأتحاد السوفييتى في عهد ستالين.

بيد أن هذه المزاعم لا تمت الى الحقيقة بصلة, وقد أسهمت آرائه الخاطئة والمضللة حول أصل الكورد و لغتهم فى أشاعة البلبلة و التشويش فى حقل الكوردولوجيا الروسية على أمتداد فترة طويلة.

نظرية المستشرق الروسي فلاديمير مينورسكي 1877 –1966 مختص في الإيرانلوجيا والكردلوجيا وآسيا الوسطى.

تم عرض هذه النظرية في المؤتمر العالمي العشرين للاستشراق في بروكسل عام1938م حيث يعرض مينورسكي مسبقا بعض الملاحظات ويقول : انه لو اردنا البحث عن اسلاف الكرد المحليين لوجب ان يكونوا البوكتهانيين(البختانيين) لا الكاردوخ (بحسب نظرية مار), ويمكن اقتفاء اثر هذا الاسم منذ عصر المؤرخ الاغريقي هيرودت, كذلك في بوهتان المصب الشرقي لدجلة الموجود في (بيت – كاردو) الذي كان يسمى سابقا بوكهتان.

ولقد شكل الارمن والبوكهتانيون السبط الثالث عشر من الامبراطورية الفارسية, ويلاحظ ايضا ان الاساطير الكوردية الواردة في شرفنامة تعطي بوهتان (بوختان قديما) دورا مهما, اذ ان الكرد ينحدرون جميعا حسب هذه الاساطير من اخوين هما بوخت وباجان.

وبعد ان يستذكر مينورسكي الاسماء العديدة التي يرتبط بها الكورد, يقول : يجب القول اولا ان من المجازفة اثبات اصول الشعوب عن طريق اشتقاق الاسماء, فمن الواجب الاستناد على وقائع تاريخية وجغرافية وهذا هو الاصح.

ويضيف: بالنسبة للكورد المشتتين بين ارجاء واسعة والمختلفين من وجهة النظر الجسمانية اختلافا شديدا, فان طريقة حياتهم ولغتهم تعد من العناصر الاساسية التي يمكن الاستناد عليها لبيان خصائصهم الوطنية, وبالرغم من ان اللغة الكردية تتشعب منها لهجات عديدة, الا ان لها خصائص ثابتة وقوية, ويخلص مينورسكي الى القول: انه توجد في اساس اللغة الكوردية مجموعات مهمة, وتكونت خصائصها العامة قبل نزوح الكورد وانتشارهم فيما بين الجبال, وبالرغم من اننا لا نعرف عن اللغة الميدية الاصلية الا القليل من الكلمات الخاصة, الا انه يستحيل علينا تصورتكون لهجات الشمال الغربي للمناطق الايرانية دون مشاركة العنصر الميدي, ويتعمق مينورسكي بدراسة التاريخ البشري للمنطقة الواقعة جنوبي بحيرة أورمية ويخلص الى انه يحتمل كثيراً ان تكون الامة الكوردية قد تكونت من مزيج من قبيلتين متجانستين هما الماردوني والكيرتيوني اللتان كانتا تتحدثان بلهجات ميدية جد متقاربة, ومن جهة اخرى فأن من المؤكد انه لدى توجههما صوب الغرب انضمت اليهما عناصر من سلالات اخرى.

كتب جرونوث فيلهلم في كتاب الحوريون – تاريخهم وحضارتهم.

يعد الحوريون واحداً من أبرز شعوب الشرق القديم ويشكل تاريخهم صفحات أساسية من تاريخ سورية القديم خلال الألف الثاني قبل الميلاد, واتخذوها موطناً لهم, وأسهموا في تاريخها السياسي والحضاري, وتمكنوا في مطلع القرن الخامس عشر قبل الميلاد بالتحالف مع الميتّانيين من تشكيل مملكة تمركزت في مناطق الجزيرة السورية العليا, وامتدت غرباً في الشمال السوري وشرقاً في الشمال العراقي.

شكلت مملكة “حوري-ميتّاني” قوة أساسية إلى ممالك والإمارات الناشئة على بقية الأراضي السوريه, في مواجهة الأطماع الحثية والمصرية والآشورية والبابلية وصراعها حول سورية وصمدت بضعة قرون أمام حملات تلك القوى السياسية الكبرى.

كان البناء الاجتماعي والاقتصادي في مناطق الحوريين الأم ذا طابع خاص, ومع ذلك تميزت الحضارة الحورية بعدم انغلاقها, وبانفتاحها على الحضارات المجاورة, وقدرتها على التثاقف والتمازج معها في المجالات الدينية والأدبية والفنية.

وفي محاضرة ل مهرداد ازادي في جامعة هارفارد (10 مارس 1993) يقول:

تزامن ظهور الميديين من عاصمتهم في إكباتانا (همدان الحديثة) في عام 727 ق. م مع سقوط آخر مملكة للهوريين, ويتجاهل الكورد بشكل كبير كل الارث القديم للدول الحوريّة ووريثتها الميتانية وغيرها من الثقافات الاقدم مقابل تمسكهم بأنهم احفادالميديين, وهذا الامر يدعو للغرابة, عندما ندرك كم السنين من التطور الثقافي, والعرقي, سبقت ظهور الميديين في كردستان.

ومن المدهش أن الثقافة الآرية كانت هامشية اذا ما قورنت بالثقافة الحورية, ثقافيًا لم يضف البدو الآريون الكثير إلى ما وجدوه بالفعل في منطقة زاغروس _ طوروس, ذلك ان التطور الثقافي والحضاري لم يكن راقيا لدى هؤلاء, بل وعلى العكس من ذلك, يميل البدو إلى القضاء على ثقافات المغلوبين لتسهيل حيازة اراضيهم والهيمنة السياسية عليهم, فقد شهدت هذه المناطق فترة اقتصادية مظلمة نتيجة تلك الممارسات امتدت لحوالي خمسمائة عام.

المؤرخ محمد أمين زكي (1880 – 1948) يقول في كتابه “خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان” بأن هناك طبقتان من الكرد.

الطبقة الأولى, ويرى الكاتب بانها نواة الشعب الكوردي حيث كانت تقطن كوردستان ويسميها شعوب جبال زاغروس, ويقول بأن شعوب لولو, كوتي, كورتي, جوتي, جودي, كاساي, سوباري, خالدي, ميتاني, هوري و نايري وهي الأصل القديم جداً للشعب الكردي.

الطبقة الثانية, وهي طبقة الشعوب الهندو-أوروبية التي هاجرت في القرن العاشر قبل الميلاد وهم الميديون والكاردوخيون, وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معاً الأمة الكردية.

في منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون على استقلالهم وشكلوا إمبراطورية ميديا, وكان فرورتيش (665 – 633) قبل الميلاد أول إمبراطورلهم و امتدت من ما يعرف الآن بأذربيجان, إلى آسيا الوسطى وأفغانستان, وتمكنوا في 612 قبل الميلاد من تدمير عاصمة الأشوريين في نينوى.

المراجع

ويكيبيديا.

.محمد امين زكي – خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان

محاضرة ل مهرداد ازادي في جامعة هارفارد (10 مارس 1993).

جرونوث فيلهلم في كتاب الحوريون – تاريخهم وحضارتهم.

عبد الرحمن قاسملو – كوردستان والكورد.