ان الازمات التى تعصف بالعراق وشعبه هى سياسيه بالدرجه اولى وازمة الكهرباء تبلور الفشل السياسى للنخبة الحاكمه. ليست ازمه الكهرباء جديدة علينا وليس صيفنا المرير هو الاخر, فى كل صيف تتبلور ازمة الكهرباء وتتحول الى كارثه, للاسف الشديد الى تظاهره لفظيه وموضوع الساعه حكوميا ومجتمعيا. تنشط الحكومه فى التحرك السريع الذى اقصى ما يمكن القيام به تشكيل لجنه لدراسة الموضوع ورفع توصيات للحكومه للعمل بها, هذا بالاضافه الى تقديم عدد من صغار المسؤلين للقضاء, بمعنى لاجديد فى المنطقه الخضراء وكل شىء كسابق العهد العنيد الممتنع. اما بالنسبه للمواطنين فسوف ينطلقون فى تظاهرات احتجاج فى الشوارع وتسجل بعض القنوات التلفزيونيه لقاءات مع المواطنين يشرحون بتفاصيل دقيقه مؤلمه عن المعاناة التى تحجم حياتهم وامالهم فى الحياة والمستقبل. ان هذه المظاهرات تحمل ايضا سمة المتعه فى تعذيب الذات الجريحه اصلا, انها تعمق الجراح وتبقى على الواقع. ان ازمة الكهرباء ليست جديده وانما متجدده وتفرز صعوبات ومشاكل تتصاعد مع السنين خاصة عندما ناخذ حجم الملياردات التى صرفت على مشاريع اقرب الى الوهميه منها الى الحقيقه. يتداول هذه الايام بصوت عالى ان سبب الازمه وضع خط احمر على الكهرباء من قبل امريكا التى سمحت للجمهوريه الاسلاميه ايران تجهزنا بالكهرباء لقاء اجور متفق عليها. لقد قطعت الجمهوريه الاسلاميه الامدادات بالكهرباء لحاجتها اليه فى الداخل. هذا يعنى ان الكهرباء ليس من صلاحيات الحكومات التى تناوبت على الحكم وانما بالقرار الامريكى ورحمة المجهز الايرانى الذى يستخدمه وفقا لمصالحه. كانت هذه الحكومات على علم بالقرار الامريكى وكذلك على شروط التجهيز الايرانيه التى وافقت على عليها وتعاملت معها منذ 2003 الى يومنا هذا. ان الحكومات كانت المستفيده الاول من هذه الازمه فقد صرفت الملياردات التى استولت عليها الاحزاب والجماعات واصبحوا من اصحاب الملايين وبعلم معرفة اصحاب القرار امريكا والجمهوريه الاسلاميه.
ان مشكلة الكهرباء تتشابك مع كل المشاكل والكوارث التى عصفت بالمجتمع العراقى منذ الاحتلال وتولى قيادة المحاصصه امر الحكم والدوله. هؤلاء, نخبة المحاصصه عملوا بدقه وحماس واستمراريه واجادو بما كانوا موكلين به, ان نجاحهم يتجسد فى غياب وفساد الدوله ومؤسساتها ونسف الاعراف والتقاليد وانظمة المجتمع وتشريع قوانين نما يتفق مع تخلفهم الخلقى والفكرى ليس فقط لانهم غير مؤهلين للحكم, مهنيا ووطنيا وانما ايضا لارتباطاتهم بمختلف الدول واالاجهزتها الامنيه والمخابراتيه.ان الفساد والسرقه العلنيه لاموال الدوله, انهيار البنيه التحتيه, الصحه, التعليم, تجهيز الماء والصرف الصحى, وليس اخيرا نشرالخرافات والجهل والتلاعب بالنصوص الدينيه وتحليل الحرام وتطويره الى تقافه وسلوك. من القضايا الاكثر اهميه تصدع الوحده الوطنيه وبروز الانتماءات الفرعيه, العشيره, المذهب, القوميه , الحزب , المنطقه .. الخ التى اصبحت عائقا كبيرا فى اعادة كيان ونظام اللحمه الوطنيه. لقد تقوضت مجمل انجازات الحكومات الوطنيه منذ ـاسيس الدوله العراقيه الحديثه, واصبحت المسيره عكسيه, الى الخلف وليس نحو المستقبل.
ان كارثة الكهرباء والكوارث الاخرى تحصل مع تخطيط مسبق ومدروس وهى التى توفر امكانيه استمرارهم فى الحكم, فهم جميعا فاسدون وحراميه ودجالين التقطهم بول بريمر والـ – CIA من شوارع اوربا والاقطار المجاوره للعراق يعيشون على مساعدات مجتمعات اللجؤ, وفى غفلة من الزمن اصبحوا ذو شأن ومقام مع رصيد ثقيل بالعملات الصعبه. ان هذه الحاله تجعلهم يستميتوا فى محاربة وقتل وخطف وسجن كل من يقف امامهم ويطالب بوطن, كرامه وعمل. انهم يعملوا كافراد وبشكل جماعى تضامنى وقد اسسوا لهم ميليشيات تتولى القيام بالجرائم والقتل والترهيب. انهم قد اسسوا للكوارث والفقر والازمات التى تضمن لهم استمرارهم طالما ينفذوا ما يطلب منهم, ولايمكن توقع الخير فيهم, انهم فى طريق بيع العراق وثرواته للشركات العالميه. ان كارثة الكهرباء جاءت متوافقه مع شحة امدادات نهري دجلة والفرات وقطع الامدادات من الجمهوريه الاسلاميه ايران, هذا مع تزامن صيف عراقى شديد الحراره بحيث اصبحت البيوت , الميادن والشوارع لا تطاق. ان المشكله تكمن بعدم وجود حل بالرعم من امكانيه ايجاد حلول. لوفرضنا ان احد رؤساء الوزارات لا يلتزم بالمنع الامريكى والتحهيز الايرانى ماذ يمكن ان تقوم به امريكا.فى اقصى الحدود سوف تقيله عن منصبه, ولمنه سوف يضع اسمه فى سجل العراقيين الكبار ولكن هذا التكريم لايساوى الجاه والمكانه! فى حقيقة الامر توجد حلول كثيره لاي مشكله حينما تتوفر الاراده الصادقه القويه فى العمل والالتزام بقضايا الشعب والوطن . الا ان هذه الاراده فى عراق المحاصصه لامكان لها فى العمل. ان المسؤلين لم يحاولوا تنفيذ مشاريع فى مختلف المجالات على مستوى المحافطه والمدينه التى يمكن ان لاتدرج فى اطار الخطوط الحمراء. ان يجتهدوا فى صيانه الشبكه ومنع التجاوز عليها وتوفير قطع الغيار بالاضافه الى تطوير الكفاءات المهنيه للعاملين فى مجال الكهرباء. وليس اخيرا استعلال الطاقه الشمسيه فى توليد الكهرباء كما يحصل فى جميع مدن العالم, وكذلك بمشاريه صغيره على مستوى المدن والاقضيه واطلاقها للقطاع الخاص للتنفيد والاستثمار. ان عقدة اكبر مشروع فى الشرق الاوسط اصبحت عقدة فاشلين لا يمكن ان تتحقق . ان غياب الاراده فى العمل والابداع لدى جموع المحاصصه سوف يجعل من الكوارث حالة مستمره تتماش وتؤكد على استمرارهم ومصالحهمزان بعض الوزات قد فقدت شرعيتها فى الاستمرار , كما ان السيد رئيس الوزراء الذى مازال متمسكا بمنصبه وكأن الازمات لا وجود لها وانما بدع من المغرضين لا تعفيه من عدم سيطرته على عمل الوزراء, وكان الاجدر به انثقدم استقالته مباشرة بعد ان برزت انعكاسات الازمه المركبه فى وضع وسلوك المواطنيين. والحقيقه المفجعه ان نخبة المحاصصه على مختلف مسؤلياتها, احزابها , كتلها وتجمعاتها الدينيه والطائفيه لا تبالى بمأساة العراقيين, اطفالا, رجالا ونساءا, شيوخ ومرضى فى جحيم صيف العراق, وذلك لانهم وعوائلهم ليسوا مشمولين بها.