بما انه ظهرت القبولات و كالعادة الغالبية من الطلبة يطمحون للمجموعة الطبيعية بسبب التعيين المركزي، فارى ان المناسبة جيدة لاثارة نقطة مهمة تتعلق بازدياد اعداد الكوادر الطبية وفرص تعيينهم في القطاع الحكومي.
الجميع يعرف ان البطالة بدأت تهدد خريجي المجموعة الطبية من الصيادلة و اطباء الاسنان و الممرضين و المحللين و بقية المهن و التخصصات، و ذلك بسبب الزيادة السنوية في اعداد الخريجين. وزارة الصحة و بتحريك من النقابات الطبية طالب وزارة التعليم العالي بايقاف افتتاح اقسام طبية جديدة هذا العام و ذلك لضمان ايجاد فرص عمل لكل الخريجين، النقابات هددت بايقاف ترويج طلبات الانتساب للخريجين الجدد اذا لم يتخذ اجراء.
و بالطبع ، هذا الإجراء غير صحيح و لن يكون علاج لحل المشكلة و السبب ان سنويا هنالك طلبة عراقيون يتخرجون من جامعات اجنبية خارج العراق و معظمهم يخططون للعودة و الانخراط في سوق العمل و الحصول على تعيين حكومي، فضلا عن ان الجامعات الخاصة ستعمل على زيادة قدرتها الاستيعابية لقبول المزيد من الطلبة و جني المزيد من الأرباح، طالما هنالك طلبة ترغب بدراسة هذه التخصصات.
مالحل اذن ، الحل ان نتعلم من تجارب الدول الاخرى التي سبقتنا بمواجهة المشاكل التي نواجهها اليوم ، كيف ؟ الجواب هو التالي؛
القطاع الطبي الخاص في العراق هو قطاع نشط و فعال و يستوعب معظم خريجي التخصصات الطبية الذين يعملون في القطاع الحكومي في نفس الوقت، لكن هذا القطاع رغم انه قطاع تنافسي رأسمالي الا انه لا يشهد تطور ملحوظ في الخدمات المقدمة و السبب في ذلك هو الرغبة في جني الكثير مقابل القليل! ، فما زال الطبيب و الصيدلي يفضل ان يقدم خدماته التشخيصية من خلال غرفة صغير مستأجرة في شارع مكتظ بعيادات الاطباء بدلاً من ان يقدم خدماته بمستشفيات ينشئها القطاع الخاص من أموال خاصه تساهم في تحسين الخدمات الطبية المقدمة، لكن هذا الامر لن يتحقق طالما أن الغرفة الصغيرة تعود على الطبيب باكثر مما يجنيه لو حول عيادته الى مشفى خاص او تعاقد مع مشفى خاص، و هنا لابد على الحكومة من ان تتدخل بقرارات و خطوات تعالج هذا الارباك الحاصل في هكذا قطاع نشط و واعد و مهم.
كيف تتدخل الدولة؟
اهم قرار يجب ان تتخذه الدولة هو تخيير خريجي التخصصات الطبية الذين اصبحت هنالك زيادة في اعدادهم بين التعيين في الحكومة او العمل في القطاع الخاص الذي ينبغي ان يكون مساحة مخصصة لمن لا يرغب بالتعيين المركزي (الحكومي)، بهذه الطريقة سيفضل كثيرين العمل في القطاع الخاص لانه يعود عليه بدخل مضاعف و من جهة اخرى اخرين سيفضلون العمل في القطاع الحكومي و لهم اسبابهم في ذلك اهمها الضمانات التي تقدمها الوظيفة الحكومية ، و هكذا سيعاد توزيع الكوادر بطريقة عادلة و متكافئة بين القطاع الخاص و العام ، و سيكون القطاع الخاص سوق نشط و جاذب للكوادر في سبيل تعويض من غادر هذا القطاع نحو القطاع العام الحكومي ، هذا القرار معمول به في كثير من الدول خارج العراق، و هو كفيل بتطوير القطاع الطبي الخاص الذي سيجد نفسه مضطرا لتقديم خدمات علاجية تنافسية مع الدولة و فيما بينه.
بهذا القرار ستنشط لدينا الصناعات الدوائية ايضا ، لكون ان قرار كهذا سيحفز الكثير من الصيادلة على ايجاد مساحات تجارية تنافسية اخرى غير المذاخر و الصيدليات التقليدية.
هذا القرار سيتيح لذوي التخصصات الطبية ممارسة اعمالهم في الفترة الصباحية و المسائية معا (لكون ان النقابات لا تسمح بممارسة المهن الطبية خلال اوقات الدوام الرسمي الا اذا كان صاحب المهنة في فترة اجازة رسمية او متقاعد)…
في الاخير قرار مثل هذا سوف لن يتخذ من داخل المؤسسات الطبية ( النقابات و وزارة صحة) لكون ان القائمين على هذا القطاع متخلفين إدارياً و غير مقتدرين على تطويره، و الوقع خير دليل.!