19 ديسمبر، 2024 9:41 ص

الكهرباء والدعم الصناعي البائس

الكهرباء والدعم الصناعي البائس

من عوامل التطور الصناعي وشروطه في المجتمعات هو إنشاء قاعدة صناعية واسعة ومتنوعة تشمل الكثير من الصناعات الأساس والثقيلة وأخرى مساندة تمد المؤسسات الصناعية المختلفة بمنتجات (حاكمة وأساس ومكملة) لضمان ديمومة عمل هذه المؤسسات بموارد وطنية باتجاه تحقيق الإسناد المتبادل بينها وتقليص الاعتماد على الموارد الخارجية ما عدا المواد الاحتكارية منها.
شرعت قيادة القطاع الصناعي في العراق، منذ تأسيس الدولة العراقية بإنشاء مرافق صناعية داعمة للقطاعات الحكومية والأهلية المختلفة فكان لقطاع الكهرباء نصيب كبير منها وكان لها التأثير الواضح في مجال تصنيع العديد من الأجزاء وإحلالها بدل المستوردة بأثمان باهظة وكذلك الإيفاء بسد نسبة كبيرة من حاجة المحطات الكهربائية للمواد الأولية والكيماوية المختلفة.
ومع استمرار الاهتمام بتشجيع الصناعات الداعمة لقطاع الكهرباء وتطويرها، أنشئت في العراق، قبل سنة الاحتلال ٢٠٠٣ الكثير من المصانع الساندة لهذا القطاع وهي الآن بها حاجة إلى إعادة تأهيلها وتشغيلها لتأخذ دورها الفاعل والداعم لديمومة عمل المنظومة الكهربائية الوطنية.
تخطى القطاع الصناعي في العراق أشواطًا في إنتاج مئات السلع والمعدات التي تعد ضمن محاولات إتمام الشروط المطلوبة لولادة صناعة وطنية متكاملة للكهرباء.
فكان للعراق إنتاج وفير من المحولات الكهربائية الخاصة بمحطات التوليد والتحويل وشبكات التوزيع وبمستويات جهد كهربائي مختلفةً وذات مواصفات عالية الجودة وضمن الشروط القياسية العالمية، حيث كانت الخطط الانتاجية تخضع لها على وفق الحاجة المحلية لبرامج الصيانة والتوسعات في إيصال التيار الكهربائي الى الأحياء والمدن الجديدة، بل تعدى ذلك الى قيام الجهة المصنعة (منشأة القادسية العامة) بتصدير أنواع محددة منها الى الخارج.
يضاف الى تصنيع المحولات هذه منتجات كثيرة أخرى شملت:
– المضافات الكيماوية المستخدمة في عمليات المعالجة التي يتطلبها عمل محطات توليد الطاقة الكهربائية.
– الأعمدة والأبراج الكهربائية بأنواعها.
– المقاييس الكهربائية المختلفة.
– العديد من معدات ومستلزمات السلامة الصناعية.
– العوازل الخزفية والزجاجية.
– أسلاك وقابلوات نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بأحجام ومستويات جهد مختلفة.
لم يكتف العراق، في محاولاته الجادة والمستمرة، بتطوير القاعدة الصناعية وتوسيعها وتنويعها، فكان القرار الخاص باستحداث الشركة العامة لتصنيع معدات إنتاج الطاقة الكهربائية في التسعينيات يؤكد السعي إلى توطين الصناعات التخصصية حيث شرعت هذه الشركة بإتمام التعاقدات المطلوبة لشراء سر المعرفة من إحدى الشركات العالمية الرصينة وبدأت بخطوات عملية لإنتاج أول وحدة توليد عراقية متكاملة.
إن ظروف الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضًا على العراق، آنذاك، وبالرغم من تداعياته القاسية لم تستطع النيل من همة مضي المعنيين في بناء هذه الصناعة حيث تعاملوا مع القيود التي واجهتهم بوسائل بديلة الى أن تم قبرها بفعل عدوان الاحتلال سنة ٢٠٠٣ والذي كان البداية لكبح عجلة اللحاق بركب التطور الصناعي في ألعالم وحدوث الانهيارات في جوانب الحياة كافة للمجتمع العراقي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات