22 ديسمبر، 2024 11:33 م

الكهرباء والحاج خلف!!

الكهرباء والحاج خلف!!

ليس من زمن بعيد كان الحاج خلف مسؤولاً عن صيانة شبكة التوزيع الكهربائية لإحدى المناطق السكنية في مدينة كركوك فهو موظف كهرباء متمرس والمعروف عنه حضوره الفوري وعلى مدار الساعة الى مواقع العمل لمعالجة الأعطال المسببة لحالات انقطاع التيار الكهربائي عن منازل المواطنين في تلك المنطقة، ولخدمته الطويلة في هذا المجال أصبح يعرفه الأهالي ولا حديث عن الكهرباء يكتمل الا بذكره، أما عند حدوث عطل ما فيذكر مرتين الأولى حال انقطاع الكهرباء الذي سببه هذا العطل حيث يلقى اللوم عليه فيها وغالباً ما يتعرض غيابياً الى سيل من الشتائم يقذف بها من دون ذنب (قد يكون هذا بعضاً من ثمن شهرته الكهربائية الواسعة)، أما المرة الثانية فهي عند إعادة التيار الكهربائي، بعد معالجته العطل الحاصل حيث تنهال عليه عبارات الشكر والثناء والدعاء له وقد يصل ذلك الى عرض الهدايا التقديرية له.
أصبح (حجي خلف) عنواناً مرادفاً للكهرباء خزن اسمه في أذهان الصغار والكبار من الأهالي.
ًروى أحد معارفي من سكنة المنطقة الخاضعة لمسؤولية الحاج خلف الكهربائية حادثة طريفة عندما توجه هو ومجموعة من سكنة هذه المنطقة الى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج وأثناء وجودهم في مدينة مكة المكرمة حصل انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي عن الخيمة المخصصة لهم من خيام إسكان الحجيج فكانت عبارات اللوم والشتيمة جاهزة لتوجه الى الحاج خلف من قبلهم ومن دون أدنى تأخير وعند إعادة الكهرباء الى الخيمة لتعاد إنارتها كان الدعاء الجماعي من نصيبه، فالعفوية هنا قد حجبت عنهم حقيقة عدم تسبب هذا المسكين المتهم في حجب الكهرباء، كما أنه ليس له يد أو دور في عودتها فهو يعمل في كهرباء كركوك وليست له علاقة بكهرباء مكة بالإضافةً الى أنه يرافقهم في رحلتهم التعبدية هذه.
إن الكثير من المواطنين يحملون تقديرات خاطئة عندما ينظرون الى معالجات أزمة الكهرباء القائمة من زاوية واحدة يحتلها طرف واحد يحمل مسؤولية توفيرها وتأمين شروط استقرارها لتصل الى منازلهم وتنيرها بسلام.
هذا ما يوقع الكثير من الاطراف مع الحاج خلف في ظلم عندما يلقى بهم في دائرة الاتهام واللوم وقد يحصدون ثناءً لا يستحقونه في أحيان اخرى، فعوامل التجهيز المستقر للطاقة الكهربائية كثيرة ومتشعبة وتقع مسؤولية تأمينها على شبكة من الأطراف تكمل الواحدة الأخرى في الاسناد الفاعل الذي تحكمه شروط التناغم في الخطوات المشتركة.
وهنا يأتي الدور القيادي المطلوب في تبني الحلول ومشروعاتها فهو يؤشر كفاءة الطاقم الحكومي المتقدم في وضع ألية محكمة سليمة تؤمن فعالية هذه الشبكة بأطرافها بوساطة توفير متطلبات عملها ومراقبة ادائها وصولًا الى حالة المعالجات الحاسمة، فاذا كان هذا الطاقم عاجزاً عن أداء دوره فمن الحكمة أن يوجه إليه اللوم وليس الى الحاج خلف الذي لا تتجاوز مسؤوليته عن موقع العطل المؤقت الحاصل في جزء صغير من الشبكة الثانوية والأخيرة من المنظومة الكهربائية العامة والقادر على معالجته بقدرات متواضعة لا تتعدى حقيبة أدواته المحمولة مع درج صعود على كتف مساعده.