23 نوفمبر، 2024 5:43 ص
Search
Close this search box.

الكهرباء في العراق..  المشاكل والحلول

الكهرباء في العراق..  المشاكل والحلول

كان العراق لحد حرب الخليج الثانية عام 1990 يبلغ معدل انتاجه للطاقة الكهربائية الوطنية بمايقارب (2958) ميغاواط مغطيا كامل الطلب على الطاقة لغاية عام 1994. الا ان عجز توليد الطاقة اخذ بالتزايد بسبب نتائج الحروب و تداعيات الحصار الاقتصادي مما ادى ذلك الى توقف الخطط التنموية مصحوبا بزيادة استهلاك الطاقة من قبل المستهلك ، نجم عن ذلك تزايد فجوة العجز حيث بلغ المعدل السنوي لطاقة التوليد (3409) ميغاواط مقابل معدل طلب (4653) ميغاواط خلال عام 2003 اي بنسبة عجز 27%. استمر التدهور في انتاج و توزيع الطاقة الكهربائية بعد 2003 الى ان وصلت بنسبة عجز 38% لحد عام 2008.
مع حلول شهر مايو من العام 2014، كانت الحكومة واثقة من إمداد ٍ الكهرباء بشكل متواصل لمدة 24 ساعة في اليوم على أساس خطتها لاضافة 8000 ميغاواط من قدرة توليد للطاقة لتبلغ 20000 ميغاواط بحلول نهاية العام 2015.   ولكن بدلا من ذلك، وفي أعقاب تقدم داعش في يونيو عام 2014، أعلنت وزارة الكهرباء عن حدوث خسائر في الشبكة تزيد عن 8000 ميغاواط. فأصبح معظم العراقيين حالياً لا يجدون الكهرباء سوى لمدة 5 الى 8 ساعات يومياً في أحسن الاحوال ، وقد ترتَّب على هذه الفجوة بين العرض والطلب على الكهرباء، التي طال أمدها، ما يقدر  بحوالي  40 مليار دولار من الخسائر السنوية لللاقتصاد العراقي.ان تدهور الوضع الامني والعمليات العسكرية وسيطرة داعش على اغلب المحافظات وانخفاض أسعار النفط العالمية (والذي يمثل أكثر من 95% من الإيرادات الحكومية و 80% من عائدات النقد الاجنبي) قد أوقعت ضرراً شديداً في اقتصاد العراق الذي تديره الدولة، هذا وغيره ادى الى توقف معظم المشاريع الجارية وانسحاب المقاولون الأجانب من اكثر من ستة مشاريع توليد (محطات الطاقة في المنصورية (730) ميغاواط، الصدر- 2 (320) ميغاواط، غيارة (750) ميغاواط، بيجي  (960) ميغاواط، عكاز  (250) ميغاواط، وصلاح الدين (360) ميغاواط) كان من شأنها أن تقدم أكثر من 2500 ميغاواط من الطاقة. اضافة الى ذلك أصبحت خطوط النقل عرضةً للعمليات العسكرية، في حين أن العديد من المحطات التي تعمل بالطاقة الحرارية، أو المائية، أو تلك التي تعمل بالغاز في المحافظات الخطرة وغير المستقرة، مثل محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وكركوك، قد اضطرت للإغلاق بسبب القتال العنيف، مما أسفر عن خسائر بلغت 8000 ميغاواط وفقاً لما أعلنته الوزارة. 
. ومن اهم اسباب التي تحول دون حل مشكلة الكهرباء في العراق هي:
اولا: زيادة نسبة العجز 
تتمثل في الفجوة بين العرض والطلب والتي اخذت بالاتساع ، استناداً إلى دراسات حديثة تمكن  فيها من تقدير الطلب بأنه ما بين50% إلى 70% أعلى مما كان متوقعاً في الأصل وفقاً للخطة الرئيسية التي أعدتها الوزارة ومن المرجح أن تصل ذروة الطلب إلى ما بين 50000 و 60000 ميغاواط بحلول العام 2030 ، في حين أن الوزارة تتوقع أن تكون ذروة الطلب بحدود 35000 ميغاواط فقط. 
ثانيا: الإخفاق في التخطيط
منذ تسعينيات القرن الماضي، عقب حرب الخليج الثانية، وما تبع ذلك من استجابةٍ عسكرية دولية، وعقوباتٍ فرضتها الأمم المتحدة، تعرضت المؤسسات القانونية والتنظيمية والسياسية والاقتصادية الراسخة في البلاد لحالةٍ من التدهور ولا تزال متواصلة حتى الآن، بما في ذلك شركات الكهرباء المملوكة للدولة. وعلاوة على ذلك، أدت تداعيات الغزو الأمريكي في العام 2003 إلى تشكيل حكومةٍ عراقية ذات صبغةٍ طائفية على نحوٍ متزايد، مما قوَّض الحكم الذاتي المؤسساتي للهيئات العامة. وقد تمَّ وضع قطاع الكهرباء تحت ىسيطرةٍ مركزية في العام 2004 باستحداث وزارة الكهرباء. لذا اصبح تمويل قطاع الكهرباء بعد العام 2003 يفتقر إلى وجود أي استراتيجية متماسكة. وقد تم ضخ ملايين الدولارات في هذا القطاع لزيادة قدرة الشبكة، ولكن دون دراسةٍ جادة حول تحديد أفضل السبل لتحسين كفاءة القطاع وتفادي ضعف الأداء. اضافة الى الفساد واسع النطاق. و الطائفية السياسية في كل مفاصل الدولة مما يؤثر على التخطيط و اقرار المشاريع وتنفيذها حسب الحاجة وباقصر مدة وبكفاءة عالية.
ثالثا: تفعيل القطاع الخاص
تلعب استثمارات القطاع الخاص دوراً رئيسياً في مواجهة تحديات قطاع الكهرباء، سواء من شركات محلية أو من مستثمرين أجانب ، مع التركيز على تعزيز مناخ الاستثمار للقطاع الخاص وتحسين الإشراف على الشبكة. إنّ غياب الأمن الملائم ، جعل العراق يلجأ مراراً إلى تأجيل إصلاح قطاع الكهرباء على مدى السنوات العشرة الماضية، في انتظار ظروفٍ أفضل على ما يبدو. رابعا: سياسة التعرفة
إبقاء التعرفة الكهربائية تحت مستوى استرداد التكاليف منذ تسعينيات القرن الماضي، على الرغم من الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية، أدى إلى ارتفاع تكاليف التوليد. ومنذ العام 2003  تمَّ تجميد التعرفة على سعرٍ أقل من 0,1 دولار لكل كيلو واط ساعة.خامسا: الحلول التقنية
      العراق يعتمد في انتاج الطاقة الكهربائية على انواع عديدة من محطات التوليد حيث تكون نسبة  توليد الطاقة بالتوربينات الغازية حوالي 48% من كمية الميغاواط ، بالإضافة إلى محطاتٍ حرارية والتي تعتمد على زيت الوقود والنفط الخام والبنزين المكرر بنسبة 30% وقدرة كهرومائية بنسبة 14% ويتم توليد الباقي باستعمال مولدات الديزل ، نلاحظ  إن المزيج المستخدم حالياً في توليد الطاقة يميل بشدة لصالح التوليد بتوربينات الغاز. سيكون من الصعب للغاية حلّ أزمة الكهرباء في العراق دون اللجوء إلى استخدام موارد البلاد الطبيعية بشكلٍ أكثر كفاءة، حيث يمكن لاحتياطيات البلاد من الغاز الطبيعي أن تقدم الحلَّ لمشكلة نقص وقود التوليد، آخذين في الاعتبار أن البلاد لديها ثالث عشر أكبر احتياطيات غازٍ مؤكدة في العالم حواليْ 3,4 تريليون متر مكعب. اضافة الى ذلك، ينبغي على الوزارة أن تسعى لمعالجة الخسائر العالية المرتبطة بشبكة التوزيع المتداعية في البلاد، وذلك نظراً لوجود خطوط التوزيع القديمة وغير الموثوق بها، وأجهزة القياس والفواتير غير الدقيقة ، والامدادات غير المقننة ، والسرقة عن طريق الوصلات غير القانونية. ووفقاً لدراسةٍ أجرتها وكالة الطاقة الدولية في العام 2012 ، قُدِّرت الخسائر بحوالي 34% في بعض المحافظات، وهي نسبة مرتفعة للغاية بالمقارنة مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط.
خطوات عملية للمضي في حل مشكلة الكهرباء
     ينبغي على الحكومة تفعيل الاستثمارات التي يتوجب عليها أن تعزز إمدادات الغاز الطبيعي من خلال الاستثمار في صناعة النفط والغاز، والعمل في الوقت نفسه على زيادة كفاءة وحدات التوليد القائمة. وفي موازاة ذلك يجب تفعيل دور الطاقة المتجددة  خاصة في المناطق الريفية. وكحدٍّ أدنى، يمكن لترشيد تسعير الكهرباء ان يولد  بعض الأموال ،على الرغم من أن إجراءً كهذا يجب أن يكون مصحوباً ترسيخ الفكرة لدى المستهلك وزيادة الوعي في تقبل الفكرة و التعامل معها حيث يكون الاستهلاك على قدر الحاجة و يسبق هذا إدخال تحسيناتٍ ملموسة على الخدمة يدركها المستهلكون، وذلك لتفادي حدوث ردِّ فعلٍ شعبي، لذلك يجب ان يكون بشكل تدريجي حتى يصل مستويات استرداد التكاليف هذا من شانه سيحفز الاستثمار ويكون عنصر جذب له ومن ناحية اخرى يعمل على ترشيد استهلاك الطاقة من قبل المواطن هذا كله يجب ان يكون مسبوق برفع مستوى التوليد لحد اكتفاء المستهلك وعدم اعتماده على المولدات الخاص ذات الكلفة العالية .  
وعلى المدى الطويل، ينبغي أن تُبنى هذه الاستراتيجية حول تنويع مزيج الطاقة بالتزامن مع تطبيق حوافز ضريبية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمنتجين المستقلين اللازمين لبناء مرافق لتوليد الكهرباء وإعادة بناء ما تضرر منها. وقبل هذا كله يتوجب على الحكومة القضاء على ظاهرة الفساد و تكليف ذوي الاختصاص و الخبرة والابتعاد عن المحسوبيات و الفائدة الشخصية اضافة الى وجوب التعاقد مع الشركات المرموقة المعتمدة لدى العالم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات