لم يدر في خلد الفنانة والمطربة الكبيرة نجاة الصغيرة ، حين غنت (عيون القلب سهرانه ) أن تكون الكهرباء الوطنية ، سببا في عذاب العراقيين ولوعتهم وتعاستهم وزمنهم الأغبر اللعين ، وكانت المسكينة في أيام الزمن الجميل والحب العذري ، تردد أغنية : (عيون القلب سهرانه ما بتنامشي) ، وهي التي تبقى تسهر لساعات طوال الليل ، وحبيبها كما يبدو يغط في نوم عميق ، على شاكلة كهربائنا هذه الايام، التي نامت منذ سنوات ولم تستيقظ من سباتها ، منذ سنوات طوال!!
ولا يعرف العراقيون منذ أكثر من 15 عاما، كيف سيؤول اليه مصير كهربائهم الوطنية، التي تحولت الى ( معلم أثري) وهي التي أصبحت هي سبب بلواهم وتذمرهم وسخطهم ، ويكاد أنين الملايين من طول غيابها عنهم لساعات طوال، يفوق لوعة قيس وليلي وجميل وبثينة خلال فترات انقطاع الكهرباء في العصر الجاهلي..،وخلال فترات حكم (جماعة التشريب الديمقراطي) منذ زمن الدكتور أياد علاوي وحتى المالكي مرورا بالعبادي وحتى آخر عهد (عنقود العملية السياسية) عادل عبد المهدي، كونهم كلهم قد تعاونوا على ان لايكون للكهرباء الوطنية دور في انقاذ ملايين العراقيين من عذاباتهم وسقمهم طوال السنوات التي حكموا فيها هذا البلد، وحولوها الى جهنم حمراء، على خلاف كل مدن الدنيا قريبها وبعيدها التي تنعم بالكهرباء على مدار الـ 24 ساعة، بينما يتحسر العراقيون على ساعات كهرباء لاتزيد على أصابع اليد الواحدة كل يوم!!
ووزير الكهرباء، وكل من سبقوه كانوا على شاكلته ، لا تهمهم كما يبدو عذابات العراقيين ولا أنين كبار السن وصغار الاطفال والمرضى والمقعدين ، وقد تسببت انقطاعات الكهرباء بكل تلك المعاناة الأليمة ، لملايين العراقيين الذين يتجرعون كؤوس الحنظل ليلا ونهارا، وقد أكلت قلوبهم وأفئدتهم الحسرات على بلد ضاع دم ابنائه بين القبائل، ولم يتوفر له أبسط أنواع العيش الآدمي ، وهم لايرون في هذه الدنيا بارقة أمل لأن يتم توفير الكهرباء لهم في يوم ما، وبخاصة في حرهذا الصيف اللاهب الذي تفوق درجات حراراته الـ 50 درجة بكثير.
ومنطقة الميكانيك ، ومحلة 836 زقاق 7 ببغداد هي واحدة من تلك المناطق التي وصل فيها تجهيز الكهرباء في فترت الليل خلال هذه الايام الى ساعة واحدة كل اربع ساعات اطفاء ، وما ان تتحسن خلال الاسبوع ، كل ساعتين مقابل ساعتي تجهيز حتى تعود قهقريا الى الوراء ما بين يوم وآخر، وكان الشهر الحالي أحد أسوأ تلك الشهور مأساوية، لان العتب على الدائرة المختصة بتوزيع الكهرباء ، وليس لها علاقة بأعطال الكهرباء أو الصيانة ، حيث الاخوة الفنيين في مركز صيانة الميكانيك ومديرهم المهندس أحمد موجودون ويلبون نداء أي مواطن من تلك المناطق في غضون ساعات ، بالرغم من هول الاعطال وكثرة من يتجمعون عند مركز الصيانة وقد تقطعت بهم سبل الحياة، ، وكثيرا ما طلبنا توجيه الشكر لجهود موظفي وعمال الصيانه ومهندسيها في تصليح الاعطال الكثيرة التي تحدث كل يوم، بسبب قدم المحولات والظفائر وعدم أبدالها منذ عشر سنوات، الا ان مناشداتنا للسيد وزير الكهرباء في انصاف منتسبي الصيانة بتوجيه الشكر لهم وتكريمهم، وكذلك طلب محولة وظفائر جديدة، لزقاق 7 م 836 التي ذهبت هي الاخرى أدراج الرياح!!
لا ندري هل يقرأ السيد وزير الكهرباء الدكتور لؤي الخطيب مناشداتنا هذه ، ونحن الذين أشدنا على الدوام بمنتسبي تلك الوزارة وانجازاتها في أكثر من ثلاثين مقالا ، عله يلتفت الى منطقة الدورة حي الميكانيك محلة 836 زقاق 7 على وجه التحديد لكثرة العطلات وانقطاعات الكهرباء الوطنية الطويلة عنه ، مرة بسبب عطل المغذيات وفي أخرى بالكيبل الرئيسي من الضغط العالي..ونبقى ننتظر رحمة الله في ظل محولات وظفائر أكل عليها الدهر وشرب هي الأخرى ، ولم تعد تلبي أبسط مستلزمات توفير الكهرباء ، أما الطامة الكبرى لذلك الزقاق فهو من دائرة التوزيع في وزارة الكهرباء، التي تتعمد اذلال تلك المناطق، لانهم من وجهة نظرها ليسوا بعراقيين، وهم من كوكب آخر، كما يبدو!!