بعد قناعة الكثير من العراقيين بعدم عودة الكهرباء إليهم بعد عقود الحرمان فالأزمة لم تكن وليدة العقد الأخير بل كان هناك انقطاع مستمر بالتيار الكهربائي منذ الحرب مع إيران لاسيما المحافظات الشمالية والجنوبية وحتى بغداد لم تسلم من هذا الانقطاع إذ يتذكر أهلها ، أن هناك انقطاع ساعتين خلال اليوم مقابل حرمان اغلب المحافظات العراقية من التيار الكهربائي وعليه انتشرت ظاهرة المولدات الأهلية التي تجهز هذه المحافظات بالتيار الكهربائي وبسعر الفيء دينار للأمبير الواحد .
هذه المقدمة البسيطة تخلص حجم المشكلة التي لها إبعاد تاريخية جذورها النظام السابق الذي خاض حروب عسكرية مع اغلب الجوار والنتيجة انخفاض الاحتياطي النقدي المخزون وتضخم تجاوز ألاف بالمائة فالدينار العراقي بعد أن كان 3.3 دولار غدا هذا الدولار يعادل 3000دينار في حالة الاستقرار أما في الأزمات فقد بلغ 4000 دينار والى 4500 دينار ناهيك عن المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهذا لا يعفي النظام السياسي الديمقراطي من المسؤولية في تأخر توفير الطاقة الكهربائية لعموم الشعب العراقي من الشمال إلى الجنوب فهذا النظام منتخب وجاء بدماء الأحرار من هذا الشعب الجريح .
وعليه بعد تحسن ملف الكهرباء كان لابد من توجيه الشكر إلى دولة رئيس الوزراء والسيد وزير الكهرباء بعد الجهد الاستثنائي والوفاء بالوعد ، فاليوم نتمتع بالطاقة الكهربائية وهذا الجهد بحاجة إلى دعم المواطنين من خلال ترشيد الطاقة والمحافظة عليها ، فضلا عن الحاجة إلى أسماع المسؤول عن هذا الملف سواء مجلس الوزراء أو كادر وزارة الكهرباء كلمة تشجيع وعرفان لهذا العمل الجبار ، وقد أكون أول من كتب عن هذا الموضوع وسيصفني البعض بالمداح والمأجور ، بالمقابل سأتحمل هذا الوصف لكي نؤسس لثقافة ( عندما ينجح المسؤول في ملف معين نقول له أنت نجحت في هذا الملف ، وعندما يفشل نقول له أنت فشلت ) ، بالتالي كتبنا الكثير من المقالات ننتقد فيها القائمين على ملف الكهرباء ، اليوم هناك كهرباء ويحتاج المسؤول على ملفها أن نقول له شكراً ، لان هذا الملف تتعلق فيه ملفات كثيرة لعل أهمها سيساعد توفر الطاقة الكهربائية إلى الانخفاض في التكاليف الإنتاجية لان التيار قيمة نقدية تضاف إلى سعر المنتج وبالتالي سيزداد مستوى الإنتاج المحلي من السلع والخدمات وهذا سيقود إلى إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد العراقي .
أما على المستوى الفردي سيتيح للمهن القديمة التي تعتمد على الطاقة الرخيصة العودة إلى سوق العمل بعد خروجها من هذا السوق بسبب ارتفاع وحدة الطاقة الكهربائية وهذا يعني توفير فرص عمل للقطاع الخاص ، فضلا عن ارتفاع في الدخل الحقيقي القابل للتصرف عند الإفراد ، من خلال ما سيوفره عدم الإنفاق على فئة الكهرباء، سواء لجهة عدم شراء الطاقة من مولدات الشوارع أو انخفاض تكلفة الإنفاق على المولدات المنزلية.
ولكي نستمر بهذا الشكر لابد من الاهتمام بقطاع الكهرباء من خلال الاستمرار بنفس المستوى من التجهيز عن طريق العمل على جبهات الصيانة وشبكات التوزيع والنقل ، قد نسامحكم عن بعض الإخفاق لكن لن نسامحكم إذا عاد ملف الكهرباء إلى الوراء .