18 ديسمبر، 2024 5:44 م

الكهرباء المصرية وشقيقتها العراقية

الكهرباء المصرية وشقيقتها العراقية

تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي حفل افتتاح مشروع كبيرلانتاج الطاقة الكهربائية في جمهورية مصر الشقيقة يسمى ( Mega Project) بحضور الرئيس المصري السيسي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل من خلال استعراض وزير الكهرباء و الطاقة البديلة المصري الدكتور محمد شاكر مراحل انجازالمشروع المؤلف من ثلاث محطات سعة المحطة الواحدة 4800 ميكاواوط بالدورة المركبة وبسعة كلية 14400 ميكاواط.. ان الهدف من المشروع هو لاضافة قدرات توليدية جديدة لتجهيزالعاصمة الادارية الجديدة بالطاقة الكهربائية متزامنة مع انشاءها. ولاعلاقة للمشروع لانهاء ازمة كهرباء حيث ان الازمة قد تم مغادرتها منذ عقدين بعد تطوير قطاع انتاج الغاز الطبيعي واستثمارمكامنه لتامين تشغيل قطاع انتاج الطاقة الكهربائية, ولكن الشحة في الطاقة الكهربائية مستمرة خاصة في اوقات حمل الذروة بسبب ارتفاع نسبة النمو السنوي على الطلب في جمهورية مصر العربية بشكل اكبر من القدرات الانتاجية المضافة والمحددة بانخفاض الاستثمارات المقيدة في قطاع انتاج الطاقة الكهربائية. ان معدات المشروع التوليدية هي وحدات غازية نوع SGT-9000 HL مجهزة من قبل شركة سيمنس الالمانية بسعة 567 ميكاواط للوحدة تعمل على نوع واحد من الوقود هو الغازالطبيعي وهي من الوحدات المصنعة مؤخرا, حيث تصل كفاءة انتاجها الى نسبة 65% عند عملها بالدورة المركبة وعند اشتغالها على الغاز الطبيعي مقارنة بالوحدات البخارية التي لاتزيد كفاءة انتاجها عن 42%. وتم تنفيذ المشروع بمحطاته الثلاث من قبل الشركتين المصريتين اوراسكوم والسويدي المتخصصتين بتنفيذ وتنصيب محطات انتاج الطاقة واللتان لهما المشاركة في تنفيذ مشروع ( Mega Project) في العراق. ان اهم مقومات خطة تنفيذ مشاريع انتاج الطاقة الكهربائية سواء كانت استثمارية من خلال القطاع الخاص او ممولة مركزيا من خلال الخطة الاستثمارية للدولة هو توفير الوقود وذلك من خلال ايصال شبكة خطوط انابيب الوقود بانواعه من النفط الخام والوقود الثقيل والوقود الخفيف (زيت الغاز) والغاز الطبيعي متزامنا مع اعمال تنفيذ مشاريع محطات انتاج الطاقة الكهربائية وهذا ما تم توفيره اولا في مشاريع قطاع الطاقة المصري ومنها مشروع ( Mega Project) أنفاً, والذي يفتقده قطاع الطاقة العراقي الى يومنا هذا. حيث تمتلك مصر المقومات الاساسية من توفر البنى التحتيى المؤهلة لانتاج وتصديرالغازالطبيعي ،خاصة وأن هناك اسكتشافات مستثمرة, أهمها حقل ظهر وشمال الإسكندرية,التي بدأ إنتاجها في بداية عام 2018 وبمعدلات بمقدار 2.5 مليار قدم مكعب من الغازيوميا، وباستثمارات بلغت 25 مليار دولار تزامن انتاجها مع تشغيل مشروع ( Mega Project)، وتستهدف وزارة البترول المصرية خلال الفترة من 2020 إلى 2022 لاكتفاء ذاتى لمصادرالطاقة, لتحتل مصر المركز الـ16 من حيث إجمالى الاحتياطيات العالمية للغاز, والمركز الـ15 من حيث مستوى الإنتاج وثانى أكبر منتج للغاز على مستوى أفريقيا وأول دولة منتجة للبترول من خارج أوبك على مستوى أفريقيا. ، على أن يتم تخصيص كامل إنتاج الغاز الطبيعي إلى قطاع انتاج الطاقة الكهربائية. ووفقا لتقرير وزارة البترول المصرية لازالت هنالك حقول مستكشفة من الغاز الطبيعي غير مستثمرة مثل منطقة غرب المتوسط ، ومنطقة دلتا النيل باحتياطي بمقدار 232 تريليون قدم مكعب ومنطقة الصحراء الغربية بمقدار100 تريليون قدم مكعب وخليج السويس 112 تريليون قدم مكعب. ان هذا المشروع الكبير الذي يعرف (Egypt Mega Project) والذي تناقلت اخباره مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا قد سبقه بعشر سنوات شقيقه المشروع العراقي الذي يعرف بمشروع (Iraq Mega Project) وكلاهما أثمرته نتائج الدورة الوزارية لوزراء الكهرباء والطاقة العرب في الجامعة العربية التي شاركنا فيها ثم ترأسنا اجتماعاتها لاحقا بانتاج قرارات مهمة مهدت باعتماد الطاقات المتجددة والمحطات الغازية المركبة ذات الكفاءة العالية في انتاج الطاقة الكهربائية والابتعاد عن محطات الانتاج التقليدية ذات الكلف الاستثمارية والتشغيلية العالية. حيث تضمنت الخطة الاستراتيجية العراقية التي اطلقت في عام 2006 باضافة قدرات توليدية جديدة ليكون العراق فيها مكتفيا بتجهيزالمواطن بالطاقة الكهربائية عام 2013 ومجابها للنمو السنوي المستقبلى, لتنتهي مرحلتها الاولى في عام 2015. على ان يتم توفيرانواع الوقود المجهزمن وزارة النفط من خلال خطة وقودية ملزمة للطرفين. وتوسعت الخطة فيما بعد الى العام 2030 بعد تكليف مؤسسة بارسنز برنكرهوف العالمية في العام 2009 لإعداد التفاصيل والتصاميم الخاصة بقطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع , والتي تم إصدارها في شهر كانون أول 2010. وبسبب عدم إيفاء وزارة النفط بإلتزاماتها في الخطة الوقودية في توفيركميات الوقود المطلوبة لتشغيل محطات انتاج الطاقة الكهربائية, وماتتطلبه بانشاء البنى التحتية اللازمة للصناعة النفطية من مصافي جديدة لانتاج المشتقات النفطية لتامين تغطية التوسع في انتاج محطات انتاج الطاقة الكهربائية التي تعتمد انواع الوقود السائل في تشغيلها , ولايزال انتاج المشتقات النفطية للمصافي العاملة لاتلبي الحاجة التشغيلية لمحطات انتاج الطاقة خاصة بعد تضرر اكبر مصافي العراق في بيجي من قبل زمر داعش الارهابية, حيث إنعكس ذلك سلبا على انتاج الطاقة الكهربائية. لتضطر وزارة الكهرباء باستيراد كميات من زيت الوقود الكازاويل بمعدل 3 مليون لتر في اليوم. اضافة الى استمرار وزارة النفط بعدم جديتها في استثمار الغاز المصاحب الذي يحرق بكميات بمقدار 1400 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم والتي تكافئ انتاج طاقة كهربائية من محطات غازية بسعة 4500 ميكا واط. وهذا يعني نزف مستمر جراء حرق المزيد من الغاز الطبيعي المصاحب. وكذلك عدم الاسراع في استثمار الغاز الحر الذي لايزال في مكامنه الغازية بمقدار 32.7 ترليون قدم مكعب موزعة في حقول ( عكاز، المنصورية، الخشم الاحمر،كورمور, السيبة، جمجمال ) بمعدل انتاج يومي بمقدار 1500 مليون قدم مكعب يوميا بعد استثماره, والذي يكافئ انتاج 5500 ميكاواط من الطاقة الكهربائية من المحطات الغازية. ولإهمية تامين الغاز الطبيعي لتشغيل هذه المحطات باتاحة وكفاءة عاليتين وعدم ايفاء وزارة النفط بتامينه, فقد اضطرت وزارة الكهرباء في عام 2010 على التفاوض مع الجانب الايراني لتجهيز بعض المحطات الغازية التي تم انشاءها من قبل وزارة الكهرباء ضمن العقود الاستراتيجية Iraq Mega Project)) في المنطقة الوسطى والجنوبية بالغاز الطبيعي من خلال انبوين في المنطقتين الوسطى بكميات تصل الى 800 مليون قدم مكعب قياسي باليوم والجنوبية بكميات تصل بمقدار 1000 مليون قدم مكعب قياسي باليوم ولفترة محددة ولحين تنفيذ مشاريع استثمار الغاز المصاحب لانتاج النفط واستثمار الحقول الغازية ضمن جولات التراخيص في عام 2014 والتي لم تكتمل لتاريخه, في ظل سياسة نفطية مبنية اساسا على تعظيم انتاج النفط الخام وبعيدة عن سياسة رسمت لقطاع الطاقة في اجتماعات لجنة الطاقة الوزارية ومثبتة في الخطة الاستراتيجية لوزارة الكهرباء التي استعرضت فيها مرتسمات الطلب على الطاقة الكهربائية في عام 2020 التي ستكون بحدود 27 الف ميكاواط والتي تتطلب توفير كميات من الوقود الغازي بمقدار 6000 مليون قدم مكعب قياسي يوميا , وكذلك استعرضت الخطة مقدار الطلب للطاقة الكهربائية في عام 2030 الذي سيكون بحدود 40 الف ميكاواط ,والذي يتطلب فيها تأمين الوقود الغازي بمقدار 8000 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم كحد ادنى لتشغيل محطات الانتاج الغازية. أن الغاز الطبيعي المخطط انتاجه بنوعيه الغاز المصاحب لاستخراج النفط والغاز الحر من الحقول الغازية لا يكفي لكامل إنتاج الطاقة الكهربائية في الوقت الحاضر ولا في المستقبل المنظور. إن الظاهرة الغريبة في السياسة النفطية في الرغبة لتصدير الغاز الطبيعي العراقي إلى الخارج، رغم حتمية عدم كفايته لاحتياجات انتاج الكهرباء، هي ليست وليدة اليوم، بل استمرارية لما قامت به الإدارات العراقية السابقة خلال العقد الأخير وان الدوافع لهذا التصرف تُعدّ لغزا يتطلب الحل. حيث اعلنت وزارة النفط مؤخرا اتفايتها بتصدير الغاز العراقي إلى الكويت بكميات تصل إلى 200 مليون قدم مكعب قياسي باليوم. ان وزارة النفط مدعوة الى اعلام الرأي العام بالخلفيات والحسابات الاقتصادية، وحتى المنطقية التي تبرر تصدير الغاز العراقي إلى الخارج حاليا أو في أي مستقبل منظور والمباشرة بالغاء الاتفاقيات الموقعة السابقة والحالية في تصديره. في الوقت الذي ارتبط فبه العراق بعقدين قابلة للتجديد لاستيراد الغاز الطبيعي الايراني. فالسؤال هو: كيف سيتم تامين تشغيل محطات الطاقة الكهربائية بانواعها بضوء تفرد قطاع النفط في سياسة الطاقة وامنها القومي؟. ان التاخير بتنفيذ تنصيب وتشغيل عقدي المحطات الغازية بسعة 12 الف ميكاواط كمرحلة اولى بدورة بسيطة, و بسعة 18 الف ميكاواط كمرحلة ثانية مركبة وبعد مغادرتي الوزارة في عام 2010 وحسب البرنامج الزمني الدقيق المرفق في الخطة الاستراتيجية والمتزامن مع الجدول الزمني لوصول معدات المحطات, وعدم الالتزام باعتماد قائمة الشركات العالمية المتخصصة والمؤهلة في اعمال تنفيذ وتنصيب محطات الانتاج الغازية والتي تم ترشيحها من خلال مؤتمرين دوليين, والتعاقد مع شركات غير مؤهلة فنيا وماليا مما تسبب في تاخير تنفيذ وتشغيل المحطات ولازالتا محطتي الناصرية والسماوة غير منفذتين بسبب مغادرة الشركات المنفذة عملها لعدم كفائتها. وفرضت على وزارة االكهرباء ايضا في عامي 2014 و2015 أربعة مشاريع انتاج استثمارية بسعة اجمالية بمقدار 8340 ميكاواط لانتاج الطاقة الكهربائية خارج السياقات الفنية والقانونية التي وضعت من قبل الشركة الاسكتلندية آي بي أي المتعاقدة معها الوزارة في عام 2009 والمتخصصة في بناء المنهاج الاستثماري لقطاع الطاقة الوطني, مما اضطرت وزارة الكهرباء مؤخرا وبعد توقيع عقود المشاريع الاستثمارية الاربعة, ولالتزامات تعاقدية مع الشركات الاستثمارية التي تتطلب فيه ان توفر وزارة لكهرباء كميات الغاز اللازمة لتشغيل المحطات الاستثمارية بان تجهز الوزارة الغاز المستورد من ايران والمخصص والمتعاقد عليه اساساً لتشغيل محطات انتاج الطاقة الغازية العاملة على انواع الوقود السائل والتي تم تنفيذها ضمن خطة الوزارة الاستراتيجية ولحين توفير كميات الغاز المنتج من وزارة النفط في عام 2014 وحسب الخطة الوقودية, مما تطلب الاستمرار في تشغيلها على انواع الوقود البديلة بكفاءة منخفضة وبكلف تشغيلية عالية حتى تاريخه. فماهي الجدوى من تنفيذ مشاريع الاستثمار في بيئة غيرمهيئة استثمارياً ومنها عدم توفير الوقود الملائم لتشغيلها . ومالذي تحقق من اضافة قدرات توليدية جديدة من مشاريع استثمار غير مدروسة تعطل فيها قدرات انتاجية متاحة لمحطات الانتاج العاملة في منظومة الطاقة الوطنية, فهل كان هدف التعاقد لهذه المشاريع الاستثمارية هو اعلامي سياسي للانتقال الى الاقتصاد الاستثماري ام لعدم المعرفة بتبعات التعاقدات الاستثمارية كونه سيستنزف الموازنة التشغيلية وبمبالغ شراء تصل الى اكثر من ملياري دولار سنويا من شراء الكميات المنتجة تعاقديا, غير متضمنة كلف الوقود المجهز وباسلوب شراء ملزم (خذ / ادفع) والتي لايمكن تحقيقها من ايرادات الجباية لاسباب فنية ومالية وادارية. ويحق لنا بعد ذلك أن نتساءل بكل صراحة ايضا : هل الاعلان مؤخرا عن توقيع مذكرتي تفاهم مع شركتي جي اي الامريكية و سيمنزالالمانية لتطوير المنظومة الكهربائية لمشروعين غير قابلين للتنفيذ بسبب عدم قدرة وزارة النفط بتامين كميات الغاز المطلوبة لتشغيل المحطات الغازية التي سيتم توسيعها الى الدورة المركبة والمحطات الجديدة الاضافية ذات السعات العالية والمشابهة الى سعات محطات المشروع المصري (Mega Project) وحسب البرنامج الذي قدمته الشركتان يانجازه خلال الثلاث سنوات القادمة, ام كان اعلانا سياسيا لامتصاص غضب المواطن في تضاهراته البصرية. ان الصيف القادم ليس ببعيد, ليدرك أبناء شعبنا بعض الحقائق التي تقف وراء ازمة الكهرباء التي اصبح فيه قطاع الكهرباء حقلا لتجارب الكتل السياسية. وليقارن ايضا قطاع الكهرباء في ظروفه في العراق مع بلدان اخرى وفى ظروف اخرى.