طال الحديث وكثر وتقاذفنا السياسيون بالمزايدات والمسرحيات والحلول الوهمية لأزمة الكهرباء.وآخرها إستدعاء وزير الكهرباء لمجلس النواب وتبادل الجهابذة الخطب . ولكن لا حلول ولا أمل.
مرَّ على العراقيين الصابرين أشق شهر صيام وأصعبه. فقد إكتووا بلهيبِ الحرارة التي تجاوزت الخمسين درجة مئوي في غيابٍ شبه تام للكهرباء. بُحت الأصوات وكُلَّت الألسن وتكسرت الأقلام وهي تستنجد والقلوب حرى .ولكن لا حياة لمن تنادي. ووعودٌ ضُربت ومشاريع وهمية روجت, ومليارات سرقت أو هدرت .والنتيجة واضحة . أن لا قدرة لهذه الدولة بكل مؤسساتها أن تجد حلاً لهذه المشكلة المأساوية . عدا الأوهام والتلاعب بالكلام وتزويرالأرقام. ومن البديهيات أن مَنْ لا يعرف يسأل أويتعلم. وكما يقول المثل الشعبي(( اللي ما عنده كبير يخلي عمامة ويستشير)) وما شاء الله علينا العمائم عندنا لا تُعَدُّ ولا تُحصى.فلماذا يرفض المهيمن على السلطة أن يتعلم أو أن يسأل أو يستشير؟
المسألة واضحة والسبب جلي واضح . هو أن هذه الدولة التي بنيت على جرفٍ هارٍ لا تتمكن أبداً ومن المستحيل أن تقدم شيئاً لهذا الشعب في أي مجال .وهذا يرجع للمحاصصة التي بنيت عليها العملية السياسية المريضة المتهالكة. فهي لا تريد أن تتعلم ولن تسأل لأن هذا سيوقف الفساد والأبتزاز الذي بات شأنُ المُتَحَكِّم.
ليست معضلة الكهرباء هي وحدها المحيرة المستفحلة . وإنما في كل الأمور المُعطِّلة للحياة والمدمِّرة إبتداءً من الإرهاب وفقدان الأمن وتوسع نشاط الجريمة المنظمة الى الكهرباء وشحة المياه
والفساد الضارب أطنابه بكل مفاصل الدولة الى تردي الخدمات الصحية والأساسية المطلوبة الى أنحسار الثقافة وموت الصناعة والزراعة وتهدم الأقتصاد الوطني .فالخراب عام وشامل في كل مجال والعراق من السيء الى الأسوء .
إن محور حديثي اليوم عن الكهرباء. والسؤال المحير لماذا لا تقر هذه الدولة المريضة بعجزها عن حل مأساة الكهرباء ؟ وأنَّ البديل هو حَلُّ وزارةَ الكهرباء, و ترك الكهرباء للقطاع المختلط بتأسيس شركات كهرباء مساهمة مختلطة من القطاع الخاص ومؤسسات الدولة, ومِنْ كل مشترك في كل محافظة أو عدة محافظات. تبيع عليها الدولة ممتلكات الكهرباء الوطنية. وتُحتَسب هذه أسهماً مجانية للمواطنين في تلك المنطقة .على ألّا تُباع الأسهم على المستغلين والمنتفعين المستحوذين على السلطة. لأنهم سيسلطون سياطهم على الشعب ويبتزونه ويحملونه ما ليس بطاقته من أعباء.وعلى أن تحددَ لجنة مشتركة من الشركة ومجلس المحافظة تسعيرةَ الوحدات المُسْتَهلكة . وتساهم الدولة بنسبة معقولة من أجور الكهرباء من الأموال التي كانت تخصصهها الدولة لوزارة الكهرباء المُنحلة كل سنة وكان مصيرها الهدر والسرقة. وهذا أجدى وأفضل لأن هذه الشركة المساهمة ستكون أكثر نزاهة من الشركة الحكومية. والرقابة فيها أكثر جدية وأيسَر ونسب الأهدار أقل .و سيساهم المواطنون بهذا لأنهم المستفيدون وتعنيهم أرباحها.وهم من يحافظ على ممتلكاتها ويحميها من الأرهاب.ولا يفوتني أن أنبه إن إسلوب الخصخصة هذا يمكن أن يطبق على الماء والمجاري والسكك الحديدية والمطارات والجامعات ووزارة التجارة بشأن البطاقة التموينية والمستشفيات بعد إصدار قانون للتأمين والرعاية والضمان أسوة بالدول الأخرى والأستفادة من تجاربها بهذه المضامير.
وخلاصة الكلام إن الدولة ومؤسساتها لن تتمكن من حل هذه الأزمة للفساد المستشري في وزارة الكهرباء من جهة ,ومن جهة أخرى الهدر المتعاظم في الكهرباء, وتجاوز المواطنين على الشبكة الكهربائية ,وعدم إستطاعة أجهزة الدولة من منع هذا التجاوز . وقد أيَّدَ هذا السيد وزير الكهرباء إن حاجة العراق للكهرباء 21000 ميكاواط بعد أن كانت الحاجة في السنة الماضية 15000 ميكاواط.
سؤال يطرح نفسه هل لم يتفهم هذا ممن بيده القرار والماسك بالسلطة. والمقصود هنا ليس الحكومة وحدها بل كل الكتل السياسية المتنفذة المهيمنة ؟ فهل معقول إنهم أغبياء أم إسترزاق غير مشروع؟؟؟. وإني أرى مهما قلنا وصرخنا لن يستجيب الماسكون برقاب الشعب لأي شيء. لأنه سيحرمهم من باب الإسترزاق السحت و هو الكهرباء.وربما سيستجيبون لفكرة بيع وزارة الكهرباء. ولكنْ لهم بأبخس الأثمان , كما بيعت لهم أو أجرت أملاك الدولة.وكما يقول المثل عصفورين بحجر إمتلاكهم لمؤسسات الكهرباء وممتلكاتها ببلاش من جهة وتحكمهم بأسعار الكهرباء مستقبلاً من جهة أخرى!!!.