برلمانيون يقولون أنهم يمثلونا ، وهم آخر من يمثلنا واقعا ، لكننا نشم بأستمرار ، رائحة الدسائس والصفقات المريبة التي يبدو أننا آخر من يعلم بها ، قرى وبلدات حدودية شاسعة ، تباع دون علم لنا ، صفقات اسلحة تُعقد هنا وهناك ، حوادث جسيمة وجرائم كبرى ، تُقيد ضد مجهول ، مظاهرات صاخبة ومريرة وطويلة ، يتم تمييعها ، قضاء أعور يفرج عن مجرمون وقتلة وسفاحون ، جهاز أمني كسيح لا يقوى على حماية مواطنيه ، طائرات بحمولات مريبة تحط وتقلع ، سياسة خارجية كسولة ومريضة ، وزارات ليست اسم على مسمى ، فضائح مالية ومصرفية تهدد بأنهيار العملة والنزر اليسير لما تبقى من أقتصاد البلد ، هدر وسرقات فلكية للأموال ، كل ذلك دون أن يقدَم أحد المسؤولين عن ذلك للمحاكمة ، رغم معرفتنا بهم ، ورغم الأدلة الدامغة الصارخة !.وفي الواقع أن الذي دفعني لكتابة هذه المقالة ، هو أحد هذه الملفات (العريقة جدا) ، وهو ملف الكهرباء ، وعلمنا بعزم الحكومة على خصخصة هذا القطاع ، منشورات تلقاها أهالي منطقة (زيونة) ، من قبل شركة اسمها (النور الثاقب) ، تأخذ على عاتقها تزويد أهالي المنطقة بالتيار الكهربائي بشكل مستمر ، الخبر يبدو وكأنه (بشرى) ، لكن المواطن اللبيب أوجس في نفسه خيفة ، فالبشائر كلمة صدئة هي أبعد ما تكون عن نهج الحكومة الخاص برفع كل أشكال الدعم والجدية في خدمة المواطن ، وبدلا من ذلك توجهت بكل ثقلها للجباية وبشتى الوسائل وكلما سنحت الفرصة ، وعليه فالثمن يجب أن يكون باهظا جدا ، وهذا هو فعلا ! ، فلا بد أن تكون الحكومة متآمرة على المواطن في هذا الخصوص ، لأمتصاص أكبر كمية من ما تبقى من دماء المواطنين ، بعد أن سُفحت على حواجز الكونكريت ، لتنعم الحكومة خلفها بالأمان !نحن نعلم بنية الحكومة خصخصة هذا القطاع ، لكننا لا نعلم متى ، ويبدو أننا سنبقى آخر من يعلم في ظل هذه الحكومة ، حتى فاجأتنا هذه الشركة بمنشوراتها التي تقول أن أجور جباية الكهرباء شهريا ستكون من 40 – 60 ألف دينار للأحمال الأساسية والأنارة ، وفي حالة وجود جهاز تبريد 2 طن ، ستكون الأجور من 80 – 120 الف دينار ، وستكون من 120 – 160 الف دينار في حالة وجود جهاز تبريد ثان ، وستكون تصاعديا في حالة وجود أجهزة تبريد أخرى ، حسنا لا بأس رغم الغلاء الفاحش ، ولكن ما هي الآلية ؟ هل بنصب مولدات بعشرات الميغاواط داخل تلك الأحياء ؟ ، ان كان كذلك ، فأين بواكير هذا المشروع ؟ وماذا عن الضجيج والتلوث ؟ ، الأحتمال الثاني وهو الأرجح يتمثل بشراء حصة من (كهربائنا) الوطنية (!) المتداعية والمتهالكة تهالك الحكومة على مدار اليوم !، تكفي هذه الأحياء التي يكون عادة سكانها من الميسورين (الى حدٍ ما) ، وستكون بالتأكيد على حساب تجهيز الغالبية العظمى من الأحياء الفقيرة ، بمعنى آخر ، الذي (يدفع أكثر) ، ينال حصة أكبر وحسب حيّه السكني ، بشرفكم هل سمعتم نهجا مريضا وتخبطا وعشوائية غير مدروسة كهذه !؟ ، انه تكريس للفقر والحياة الظنكى والأهمال ، وكل هؤلاء ، أحزابا وتيارات وكتل (على الأطلاق ) تدّعي الوصل بالأمام علي ومبادئه ! ، عليّ الذي وضع اصبعه على الجرح حين قال (ما جاع فقير الّا وبما مُتّعَ به غني) ، وعليّ ذاته المعروف بعدالته حتى صارت مضرب الأمثال قد أقام حد الموت على الفقر لأنه ابو الكفر وكل رذيلة وخلف كل جريمة ، حينما قال (لو كان الفقر رجلا ، لقتلته) ، وأقول (مولاي ، ها هو الفقر يتجسّدُ رجالا تاجروا بأسمك ، فامتشق سيفك ، وعليك بهم) !.